IMLebanon

حزب الله» لن يرسل مقاتليه إلى العراق

لن يسحب «حزب الله» مقاتليه من سوريا قبل أن تنتفي الحاجة إليه هناك. في المعيار عينِه، لن يذهب «الحزب» إلى العراق لأنّ لا حاجة له ميدانيّاً هناك. فثمّة فرقٌ شاسع في مدى الحاجة إلى «الحزب» بين الحالتين.

يمكن اختصار الأسباب التي تدفع «الحزب» إلى عدم التورّط ميدانياً في العراق، بالآتي:

1- شاركَ «الحزب» في معارك سوريا مباشرةً لأنّ الأقلّية العلوية محاصَرة جغرافيّاً بين تركيا في الشمال والمناطق السُنّية العراقية في الشرق. واحتاج العلويّون إلى دعم شيعيّ مباشَر ليصمدوا في مناطقهم، ويسيطروا على المناطق السنّية الاستراتيجية لهم (دمشق وحمص وحماه وأريافها). أمّا في العراق، فالشيعة العراقيّون متماسكون جدّاً في مناطقهم، في الجنوب. وهم على تماس جغرافيّ مع إيران، القوّة الإقليمية العظمى، التي تزوّد الشيعة في العراق ولبنان وسواهما، كما تزوّد الأسد، بما يحتاجونه من دعم لوجستي حيوي. ولا يمكن لـ»داعش» التقدّم خطوة واحدة، تحت طائلة التدخّل المباشَر للقوات الإيرانية. لذلك، لا يحتاج شيعة العراق إلى دعم عسكري من «حزب الله».

2- إنّ تدخُّل «الحزب» في سوريا حملَ أيضاً، في تقديره، طابعاً مصيريّاً له ولوجوده في لبنان. فهو قاتلَ في الجبهات المحاذية للمناطق اللبنانية الشيعية. وقتالُه في دمشق وحمص وأريافهما هو، في مفهومه، قتالٌ إستباقيّ للدفاع عن مناطقه في لبنان. وهو لم يتوغّل كثيراً نحو الشرق، بعيداً عن الحدود اللبنانية. كما أنّ دوره كان أقلّ تأثيراً في المناطق العلوية الساحلية، لأنّ لا حاجة ماسّة إليه هناك.

3- يعيش «الحزب» مأزقاً داخليّاً في لبنان نتيجة تورّطه في سوريا. وهو ربّما يترقّب لحظةً يستطيع فيها الانسحابَ والتخلّص من الإحراج، لكنّ دوره في سوريا حيويّ، وهو لا يستطيع التضحية بهذه الحاجة الإستراتيجية تحت طائلة الإحراج. وأمّا في العراق، فليس مضطرّاً إلى أن يتسبّب لنفسِه بمزيدٍ من الإحراج الداخلي بلا مبرّر حقيقي.

4- يرتاح الشيعة العراقيّون إلى كونِهم يُمسكون بالمبادرة عسكريّاً وأمنياً وقضائياً. فرئيس الوزراء نوري المالكي هو أيضاً وزير الدفاع والداخلية وقائد الجيش والاستخبارات ووزير المال. وصحيحٌ أنّ الأسد يفوق المالكي إمساكاً بالوضع في بلاده، إلّا أنّ سقوط الأسد – لو حصل – كان من شأنه القضاء على الدور العلوي النافذ في سوريا نهائيّاً وبلا رجعة. لكنّ خسارة المالكي للإنتخابات – لو حصَلت – تكون لها إرتدادات على مستوى النفوذ الشيعي في العراق، لكنّها لا تُنهي النفوذ الشيعي القوي.

5- هناك صعوبة لوجستية في إرسال «حزب الله» مقاتليه إلى العراق، لضرورات انقطاع التواصل الجغرافي وبُعدِ المسافة. أمّا في سوريا، فيكفي أن يتحرّك المقاتل بضعة أمتار حتى يصبح في عمق المعارك السوريّة.

لذلك، في تقدير المتابعين، سيكون «الحزب» في الفترة المقبلة، جزءاً من غرفة عمليات سياسية وعسكرية ضخمة تقودها إيران وتضمّ الحلفاءَ في المنطقة، للتصدّي للمخاطر الداهمة في العراق. لكنّ دور «الحزب» سيتركّز على الجبهة اللبنانية – السورية من المعركة. فالمحور الإيراني يتوقع ارتدادات خطِرة على سوريا ولبنان من جرّاء الانتفاضة السُنّية التي ترتدي طابعاً داعشياً. وستكون مواجهة هذه الارتدادات هي المهمّة المطلوبة من «الحزب» في الدرجة الأولى. أمّا التصَدّي لـ»داعش» فسيكون مهمّة الشيعة العراقيّين أنفسِهم، وبدَعمٍ إيرانيّ مباشَر إذا استدعى الأمر ذلك.

وثمّة مَن يعتقد أنّ «الحزب» سيحاول أن يبيع غالياً هذا الحياد عن الحالة العراقية، ليقولَ لخصومه: «أرأيتم؟ أنا لا أتورّط، ولا أورّطكم، في الصراعات الخارجية، ما لم أكن مجبَراً على الدفاع عن النفس». وعادةً، يكون «الحزب» محظوظاً لأنّ خصومَه يقتنعون سريعاً بما يقوله لهم، ويُسدّدون له الثمن الذي يطلبه!