IMLebanon

«خربَطة أمنية» تواكب الشلل الحكومي والنيابي؟!

تلاحقَت الاتّصالات لفهمِ الظروف التي جمَّدت أعمال مجلس الوزراء، بعدما ربط الرئيس تمّام سلام الدعوة إلى أيّ جلسة مقبلة بالتفاهم على آليّة العمل في إدارة الصلاحيات الرئاسية. وهو أمر رفعَ المخاوفَ من ربطِ مصيرها بإمكان إحياء الدور التشريعي لمجلس النوّاب الذي فشلَ في انتخاب رئيس جديد. يقومان معاً أو يقعان معاً.

قبل أن يقع الشغور الرئاسي كانت الوقائع والدلائل تشير إلى أنّ حكومة «المصلحة الوطنية» هي التي ستتولّى إدارة شؤون البلاد في هذه الفترة، ولهذه الأسباب تحوَّلت الجلسات النيابية المتتالية التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه برّي إلى «مسلسل هزلي» تتكرَّر حلقاته كلّ فترة ولساعات قليلة مع كلّ ما رافقَه من تبرير لأسباب تعطيل النصاب الدستوري ومواجهة الإتهامات ضدّ أبطاله. وقد أظهرَ الطرفان عجزَهما عن تغيير ما رُسِم للبنان ومؤسساته الدستورية.

ويقول العارفون إنّ أولى حلقات المسلسل رُسِمت في مرحلة «المخاض الحكومي» لولادة حكومة المصلحة الوطنية في ظروف تجاوزَت مظاهر الولادة الطبيعية. ولا ينسى أيّ من اللبنانيين أنّ موقف الرئيس نجيب ميقاتي لم يكن من بنات أفكاره، فقد حضرَت حكومات مستقيلة أمام المجلس النيابي وشهدَت وشاركت في صياغة وإقرار قوانين وتشريعات عديدة فائقة الأهمّية.

تسلّح ميقاتي يومَها برضى أقطاب طائفته، الذين صارح بعضهم اللبنانيين مبرّراً الخطوة بأنّها تحاكي في شكلِها ومضمونها وأهدافها، الفترة التي جمَّد فيها الرئيس نبيه برّي عملَ مجلس النواب، فأوصدَ القاعة العامة أمام «الحكومة البتراء» برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة بعد استقالة الوزراء الشيعة، فلم تُفتح إلّا لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وعلى هذه الخلفيات، يقف اليوم فريق جديد ليُبرّر مقاطعته الجلسات التشريعية في ظلّ الشغور الذي يحكم قصر بعبدا. فالبلاد بلا رئيس للجمهورية ولا يمكن التصرّف كأنّ الأمر عاديّ، وأنّ الأمور يمكن أن تمرّ من دون إبراز مخاطر هذا الشغور، فـ»المجلس النيابي مَدعوّ إلى انتخاب رئيس الجمهورية قبل القيام بأيّ عمل آخر»، ولا يمكن للحكومة أن تحكم بكامل الصلاحيات التي أنِيطت برئيس الجمهورية، وأن يُمنّن أحدُهم النفسَ بأنّه ماضٍ في تحمّل مسؤولياته وقيادة البلاد نيابةً عن مواقع الآخرين.

ترتفع نسبة المخاوف من تسلّل الشلل إلى السلطة التنفيذية، مثلما تسلّل الى السلطة التشريعية، فيحلّ الشغور في هاتين السلطتين، على غرار الشغور في قصر بعبدا. وعلى رغم المخاوف، هناك مَن يمضي في تحدّي السلطة السياسية، ويقود حركةً مطلبية وشعبية لا سابقَ لها، تزامُناً مع أيادٍ خفيّة تسعى إلى مواكبته بـ»خربَطة أمنيّة». فما الذي يمنع أن تكون أولى الرسائل قد انطلقَت من لاسا، وعندها ستكون البلاد أمام وضعٍ لا تُحسَد عليه، فهل هناك من يرتدِع؟