IMLebanon

خطف وخطف مضاد: قرى البقاع وعرسال أمام لعبة النار

خطف وخطف مضاد: قرى البقاع وعرسال أمام لعبة النار

سلام منزعج من المزايدات .. و«حزب الله» لتكليف الجيش إستخدام القوة

 ما كادت تمر ساعات قليلة على التحذير الذي اطلقه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام من ان ثمة من يلعب على تأجيج نار الفتنة، حتى جاءت التطورات تصب في اطار المخاوف التي نبه من جر البلاد اليها:

1- حوّل مسؤولو حزب الله ونواب كتلة الوفاء للمقاومة خيمة العزاء بالجندي الشهيد عباس مدلج الى منصة لرفع سقف المطالب السياسية من الحكومة التي يتعين عليها، من وجهة نظرهم، ارسال رسالة قوة الى الجماعات المسلحة التي تحتجز جنود الجيش وعناصر قوى الامن الداخلي في جرود عرسال، تتمثل بمهاجمة مواقعهم واستخدام القوة لتحريرهم!

2- الخشية من حصول الانفعالات في الشارع، كانت في محلها، اذ اندلعت حوادث خطف للبنانيين وسوريين، اخذت منحى طائفياً، ولم تتأخر عائلة الجندي المخطوف علي المصري من الاقدام مساء الاحد من خطف رجلين من بلدة عرسال على طريق بعلبك وهما عبد الله الفليطي وحسين البريدي في محاولة للضغط على الخاطفين لاطلاق الجندي المصري، وهو من بلدة حورتعلا.

ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل تعرضت خيم النازحين السوريين الى هجمات، وجرى اعتراض العمال في الشوارع من البقاع الى الضاحية وصولاً الى البرج الشمالي وبرج حمود، تحسباً من دور لهم مؤيد للجماعات المسلحة.

واختلطت عمليات الخطف الطائفية مع الخطف لاغراض مالية عندما جرى خطف المواطن ايمن صوان من سعدنايل من قبل عناصر من بريتال الذين طالبوا بفدية مالية، مما دفع اهالي سعدنايل الى قطع طريق شتورا احتجاجاً على خطف صوان في بعلبك بالسواتر الترابية، كما اقدموا على خطف عدد من سائقي الفانات، ثم اطلقوا عدداً منهم، بعدما اوقف الجيش اللبناني زوجة خاطف الصوان وبعض المقربين لدى مداهمة منازلهم في بريتال.

3- وتزامنت ارهاصات الفتنة مع سقوط ثلاث صواريخ مصدرها الاراضي السورية على بلدات اللبوة وحورتعلا وطاريا الشيعية، نتيجة اشتباكات حصلت بين الجيش السوري والجماعات المسلحة على السلسلة الشرقية، في جرود عرسال وفي منطقة وادي الرعيان.

4- ونجت منطقة بعلبك – الهرمل من قطوع فتنة، عندما اعترض مسلحون موكب مفتي بعلبك الشيخ خالد صلح وهو في طريقه الى بلدة مقنة للمشاركة في مصالحة عشيرتي جعفر والمقداد.

5- ومن عين قنية في حاصبيا الى البرج الشمالي في صور، وصولاً الى زغرتا في الشمال وبرج حمود في العاصمة، تلقت خيم النازحين السوريين انذارات متتالية باخلائها سواء عبر بيانات غير موقعة او رؤساء البلديات، فيما كانت مخابرات الجيش في الشمال تدقق في هويات السوريين وتجمع المعلومات عن اعدادهم.

رسمياً، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن الدولة لن تجبر أحداً على المغادرة بالقوة، اما إذا رغب بطلب المساعدة بالمغادرة، فهي لن تتردد في توفير ما يلزم له من مساعدة، لأن لا إمكانية للبنان بعد الآن من احتواء أي نازح سوري جديد، في ضوء حركة الذهاب والاياب من لبنان إلى سوريا، وبالعكس، ووجود اماكن شاسعة في سوريا آمنة يمكن نصب الخيم فيها بمساعدة الأمم المتحدة.

خلية الأزمة اليوم

 وتجتمع بعد ظهر اليوم خلية الأزمة الوزارية برئاسة الرئيس سلام، وعلى جدول أعمالها بحث الوضع العسكري على الأرض في عرسال في حضور قائد الجيش العماد جان قهوجي ومسؤولين امنيين آخرين، فضلاً عن التداول في المعطيات المتوافرة عن مهمة الوسيط المكلف من قطر متابعة ملف التفاوض مع خاطفي العسكريين اللبنانيين، كما سيتناول البحث الجهود التي يبذلها الجيش لمنع قطع الطرقات ومنع الاحتكاكات بين الاهالي في المناطق وحماية النازحين السوريين.

وسيسبق اجتماع الخلية استقبال الرئيس سلام لوفد يمثل أهالي وعائلات العسكريين المحتجزين لوضعهم في المعطيات المتعلقة بقضية العسكريين التي هي قضية وطنية أولى عند الحكومة، وأن الدولة بكافة اجهزتها لم توفّر جهداً في اعادتهم الى عائلاتهم.

ووفق معلومات «اللــــواء»، فان الوساطة القطرية لم تتوقف، وما زال الوسيط القطري ينتظر الرد اللبناني على مطالب الخاطفين، وهو الرد الذي تأخر بسبب عدم بلورة رؤية موحدة لدى مكونات الحكومة من تلك المطالب.

وبدا من المواقف التي ساقها عدد من نواب «حزب الله» والقوى الدائرة في فلكه، انها تأخذ على الحكومة رضوخها لمطالب الارهابيين بحسب تعبير النائب وليد سكرية، فيما قال النائب نوار الساحلي أن الكلام مع «الدواعش» لم يعد يفيد، ولا التفاوض معهم، في حين شدّد رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» إبراهيم أمين السيّد على أن المطلوب إيصال رسالة قوية إلى الخاطفين من خلال تجريد حملة عسكرية ضدهم.

وذهبت هيئة التنسيق في لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية إلى حدّ تحميل الحكومة المسؤولية المباشرة عن استمرار هذا المسلسل الإرهابي ما دامت مستمرة في عدم اتخاذ القرارات الحاسمة لجهة تسليح الجيش فوراً من الدول التي أعلنت استعدادها لذلك، ولجهة إعطاء الجيش الغطاء السياسي الواضح لتنفيذ خطته العسكرية في مواجهة «داعش» والعمل على تحرير بلدة عرسال وفصلها عن جرودها وقطع طرق الامداد والتموين عنهم.

ودفعت هذه المواقف وغيرها، عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب جمال الجراح إلى أن يلاحظ بأن هناك جهة تدفع الأمور باتجاه التأزيم غير عابئة بحياة العسكريين، وهي لا يهمها إذا رجعوا أم لا، بل تتمنى ألا يعودوا حتى تؤجج الفتنة وتأخذ الأمور الى صراع طويل وحاد في الداخل اللبناني.

إلا أن مصادر في كتلة الوفاء للمقاومة، أبلغت «اللواء» أن حظوظ التواصل مفتوحة بين الحزب ووزير الداخلية نهاد المشنوق بهدف الحؤول دون القيام بأي عمل يقود الى فتنة في البلاد، مشيرة الى توافق على أعلى المستويات لتجاوز المرحلة العصيبة.

ولم تستبعد هذه المصادر من دخول جهات خارجية على الخط بهدف إشعال فتنة مذهبية، إلا أنها أكدت أن هذه المحاولات لن تنجح بفضل التفاهم الحاصل على درء الخطر وتهدئة الوضع ومنع الانجرار وراء أي حادث.

وأكدت المصادر أن ما من خلفية وراء حادثة الخطف في سعدنايل التي حصلت للابتزاز المالي، لافتة الى أن الخطف الذي جرى في منطقة بعلبك في أعقاب ذبح الجندي مدلج في طريقه الى المعالجة.

وأوضحت أن حزب الله ماضٍ في التعالي على الجراح في سبيل الوحدة، وهو على اتصال دائم مع كبار المسؤولين في الدولة لمعالجة أي خلل يحصل.

العملية العسكرية

 وسبق هذه التطمينات، كلام واضح قاله الرئيس سلام لنواب بيروت الذين أكدوا له ثقتهم بالحكومة وبكيفية معالجتها لموضوع العسكريين المحتجزين، وبحكمته التي تجلّت في أعماله وفي كلمته الى اللبنانيين أمس الأول.

وكان اللقاء مناسبة لأن يرد الرئيس سلام على الحملة التي طاولته شخصياً، وعلى انتقاد البعض لأداء الحكومة، من دون أن يخفي قلقه مما جرى أمس في منطقة البقاع من خطف وخطف مضاد، وهي كلها مؤشرات الى فتنة يجب السعي الى وأدها.

وفي سياق ردّه على الانتقادات، أكد الرئيس سلام أن الجيش لا يحتاج لأي قرار من السلطة السياسية إذا رأى مناسباً القيام بعملية عسكرية لتحرير الجنود المخطوفين، وهو، أي الجيش ليس بحاجة الى أوامر سياسية، ومن واجبه أن يقوم بما يراه مناسباً، ولديه السلطات الكافية للقيام بما يؤدي الى تحرير المخطوفين.

وشدد سلام على أن الغطاء السياسي متوفر وبقوة للجيش، ولكن ليس عليه أن يطلب تعليمات لأن يقوم بعملية ما، معيداً الى الأذهان كلام قائد الجيش العماد جان قهوجي عندما رد على الذين طالبوه بالهجوم على عرسال رغم أنها تضم أكثر من 120 ألف لبناني وسوري، واصفاً الدعوات للجيش بأنها مزايدات.

وحذرت مصادر نيابية من مغبة استخدام القوة لتحرير العسكريين، مشيرة الى أنه ليس هناك من ضمانة في حال لجوء المسلحين الى قتل العسكريين، إضافة الى أن الجيش نفسه، بحسب المعلومات غير قادر على تحريرهم بالقوة العسكرية، بسبب أنه لا يملك الطيران الحربي الذي يفترض أن يوفر تغطية نارية للجنود على الأرض، إذ أن لديه فقط طائرتا هليوكبتر لا تكفيان لتدمير المسلحين، رغم أن واشنطن وفرت له في الآونة الأخيرة صواريخ لتمكينه من امتلاك كثافة نارية قادرة على توجيه ضربات موجعة لأعدائه.