IMLebanon

خلاصات أمنيّة: ليستثمر كلٌّ في حديقته!

لا يُخفي بعض قادة الأجهزة الأمنية عتبهم على السياسيّين والإعلاميّين، لا بل رفضهم مواقف وتصرّفات باتت عبئاً على القوى الأمنية خصوصاً خلال تنفيذ عمليات أمنيّة موضعية ومحدّدة. فيبدون في منافسة مرفوضة مع الإعلاميّين والسياسيّين عدا عن السباق القائم بين الأجهزة الأمنية والعسكرية نفسها. فما هي الملاحظات وسبل المعالجة؟

فرضت التطوّرات الأمنية المتلاحقة في الأيام الماضية قراءةً تقويميّة أجرتها الأجهزة الأمنية والعسكرية على وقع التجربة التي خاضها قادة الوحدات العملانية وقوات التدخل في الدرجة الأولى، وتقويم حجم المعلومات التي كانت متولفرة لديها وتلك التي تلقّتها من أجهزة أمنية وأجهزة دولية وإقليمية وأخرى صديقة إستشرافاً لمستقبل الوضع وحجم الأخطار المحيطة بلبنان واللبنانيين.

قبل التطوّرات الأمنية الأخيرة في شكلها ومضمونها وتوقيتها، كانت العملية التقويمية مهمة دورية تجريها القيادات الأمنية على مستوى

الوحدات المتخصّصة المكلّفة درسَ الأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة، وتحليل المعطيات التي تفرزها الأحداث وحجم الإنعكاسات المتوقعة على البلاد وسبل ابعادها عن المسرح اللبناني واستيعابها للتخفيف من أضرارها، فضلاً عن تقويم الأخطار، لترفع تقاريرها وتوصياتها الى المراجع الحكومية والسياسية المعنية والتي تبني في ضوئها قراراتها وما يمكن فعله مستقبلاً.

وقد فوجئت المراجع الأمنيّة اللبنانية بحجم التطوّرات المتسارعة التي صدَّعت العراق في وحدة ارضه وشعبه ومؤسّساته العسكرية قبل المدنية والإدارية، في سرعة فائقة لم تحتسبها التوقعات، وذلك على وقع إستمرار تردّدات الزلزال السوري مروراً بمناطق تشكل تماساً مع الأراضي اللبنانية وقد تركت ولا تزال انعكاساتها السلبية وصولاً الى عمق البلاد حسب انتماءاتها الكاسحة المذهبية أو السياسية. ولم يقتصر الأمر على الجانب الإجتماعي المتمثل بحجم النزوح السوري فحسب، إنما شمل الأخطار الأمنية التي حوَّلت الساحة اللبنانية من ساحة نصرة، الى ساحة جهاد توسَّعت بموجبها مساحة عمل المنظمات الإرهابية بواسطة خلاياها النائمة او تلك التي تتنقل بسهولة في بيئة حاضنة لها، فتترصَّد الأجواء المؤاتية للنفاذ منها لتُحقّق مطامعها وأهدافها أياً كان الثمن.

وعلى هذه الخلفيات قالت المراجع الأمنية أنّ القراءة في الأحداث الأخيرة وضَعت اللبنانيين، قادة أمنيّين وسياسيّين وإعلاميّين أمام نوع جديد من التجربة، ذلك أنّ العمليات وقعت في محيط سكني أو سياحي كان لها ما يحميها قبل أن تتحوَّل الفنادق الى مآوٍ للإرهابيين المتموّلين على حساب هجرة رجال الأعمال والسياح والمصطافين.

وقالت المصادر إنّ التنسيق الأمني لم يكتمل، فمن تمكَّن من الأجهزة الأمنية من معلوماته بدقة متناهية خاض التجربة لوحده، ليس تشكيكاً بقدرات بقية الأجهزة بل في إطار سباق محموم نحو الإنجازات في مواجهة مجموعات ارهابية يمكن أن تستهدف مناطق سكنية وسفارات ومواقع عسكرية، تحوَّلت هدفاً مضافاً الى لائحة تضمّ مراكز «حزب الله» وقياداته منذ أن تورّطوا في الأزمة السورية، ومخافةَ التوسّع بعيداً في العراق بلا أيّ حرج وأياّ كان الثمن.

وبناءً على ما تقدّم، خلصت التقارير التقويمية الى ضرورة أن يقفل السياسيون أبواب التسريب السياسية الى الأمن الداخلي، ووضع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في سلّم الأولويات لإنهاء الشلل التي يُهدّد المؤسسات واحدة تلوَ أخرى، ومواجهة التحركات العمالية والتربوية وتلبية مطالب موظفي القطاع العام بحدٍّ أدنى يضمن تخفيف التشنّج، ويُوفّر الحدّ الأدنى من الإستقرار الإجتماعي الذي بات دافعاً لاستمرار أعمال العنف وحمل السلاح لقاءَ حفنة من المال، عدا عن تسهيل حركة التخريبيّين لأهداف قد يكون بعضهاً سياسياً أو مذهبياً.

ومن الخلاصات التي رفعت وسترفع قريباً الى وسائل الإعلام، مطالبة بمزيد من الدقة والقليل من التحليل ووقف الترويج للسيناريوهات الهوليودية وعدم استباق الأمور، شرط سدّ منافذ التسريبات الأمنية والقضائية التي تسعى إلى خوض السباق مع الأجهزة الأمنية والإعلامية، وهو ما يعني أن

يبقى كل في قطاعه يستثمر في حديقته إحتراماً لحدائق الجيران.