IMLebanon

خلوة طويلة بين الحريري وسلام والســعودية تؤكد عدم التخلّي عن الحلفاء

 

إنشغلَ الوسط السياسي باللغطِ الذي حصل في الكلام الذي نُسِب إلى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع نقلاً عن لسان الرئيس سعد الحريري بأنّ رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» العماد ميشال عون هو مرشّح توافقيّ، خصوصاً أنّ إعلاناً من هذا النوع يؤكّد صحّة ما تمّ تداوله أخيراً عن الخطوط المفتوحة بين «التيار الوطني الحر» و»المستقبل» ويمهّد لوصول عون إلى الرئاسة الأولى، إلّا أنّ النفي الذي صدر لاحقاً لم يحجب تركيز جعجع على عدم توافقيّة عون. وفي موازاة ذلك برزَت مخاوف لدى طرفَي الصراع من مفاجآت في جلسةِ ما بعد غدٍ الخميس، إلّا أنّ هذه المخاوف لم تستند إلى معطيات صلبة، إنّما مجرّد هواجس، خصوصاً أنّ جلسة 22 الجاري قد تكون الأخيرة.

برزت زيارة رئيس الحكومة تمام سلام إلى السعودية التي تخللتها خلوة طويلة بينه وبين الرئيس سعد الحريري تناولت الاستحقاق الرئاسي وتحديات المرحلة المقبلة المتصلة بالفراغ والعمل التشريعي، وتم الاتفاق بين الرجلين على خريطة طريق لمواجهة الاستحقاقات في المرحلة المقبلة، وبعد ساعة ونصف من الاجتماع تم استدعاء الوزير اكرم شهيب في إشارة إلى رغبة لدى المجتمعين بإيصال رسالة معينة إلى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط.

ومن المقرر أن يعقد سلام اليوم لقاء مع ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز يتوقع أن يكتسب أهمية كونه سيتناول عمق الموقف السعودي من قضايا لبنان والمنطقة في ظل انطباع يفيد أن المملكة ليست في وارد التخلي عن حلفائها أو التضحية بهم، وأن كل ما يحكى عن تسمية عون للرئاسة لا يعبر عن حقيقة الموقف السعودي، على رغم أن المملكة تقدر انفتاحه في المرحلة الأخيرة، الا انها ترى أنه تأخر في هذه الخطوة التي كان يجب أن تتم في مرحلة سابقة، فضلا عن أن الذي يطرح نفسه مرشحا توافقيا لا يدخل الى الجلسة الأولى ويعمل على نكء الجراح.

سلام

وتمنّى سلام أن «يكون الاستحقاق الرئاسي صناعة لبنانية، كما كانت الحكومة، من دون أيّ تدخّل خارجي»، وقال مِن على متن الطائرة قبيلَ وصوله الى السعودية: «إنّنا نعرف أنّ للقوى السياسية تواصلاً مع الخارج، إلّا أنّنا لم نلمس أيّ تدخّل خارجي بالاستحقاق الرئاسي»، نافياً أن تكون زيارته إلى «السعودية للبحث في موضوع الانتخابات».

وأعلن أنّ «العلاقات مع الرئيس سعد الحريري مستمرّة ومتواصلة»، ونفى أن «يكون البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي زاره أمس في السراي الحكومي، قد فاتحَه في موضوع بقاء الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا». وأملَ في «عدم الذهاب إلى مزايدات سياسية بعد 25 من الشهر الحالي، إذا ما اضطررنا إلى تجرّع كأس الفراغ».

الجالية اللبنانية

وقد دعا سلام خلال لقاء مع حشدٍ من الجالية اللبنانية، في مقرّ القنصلية في جدّة، المغتربين والخليجيّين، وخصوصاً السعوديين، إلى «الإقبال بكثافة على موسم الاصطياف والاستثمار في لبنان»، لافتاً إلى بداية مشجّعة لمجيء السعوديين الى الربوع اللبنانية.

وقد استُهلّ الاحتفال بكلمة للمدير العام للخارجية السعودية في جدّة ومكّه السفير محمد احمد الطيّب الذي أشاد بالعلاقات اللبنانية – السعودية وبإنجازات المغتربين اللبنانيين في المملكة، بما ساعد على نهوضها.

وبعد كلمة لقنصل لبنان في جدّة زياد عطالله، ألقى سلام كلمة قاطعَه خلالها أبناء الجالية مراراً بالتصفيق، خصوصاً عندما شدّد على الدعم السعودي الدائم للبنان، خاصّاً بالشكر والتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وإخوانه في القيادة السعودية، مشيراً إلى معايشته لعشرات الأعوام الإقدام السعودي الدائم والمستمر على مساعدة اللبنايين في بلدهم والمقيمين في المملكة».

وإذ لفتَ الى إنجازات الحكومة في الامن والادارة، أعلن أنّ العمل سيتكثّف من اجل انتخاب رئيس للجمهورية والوفاء للاستحقاقات، داعياً اللبنانيين حيثما وُجدوا إلى التأكّد من أنّ مسيرة النهوض ستتواصل، مبلِغاً أبناء الجالية تحيّات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي.

ثمّ انتقل سلام والوفد المرافق الى دارة الرئيس الحريري في جدّة التي كان وصل إليها من باريس بعدما كان التقى، بالإضافة الى السنيورة وجعجع، رئيسَ «الإئتلاف الوطني السوري»المعارض أحمد الجربا الذي سيلتقي مساء اليوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وعُقد اجتماع في دارة الحريري ضمّ إلى سلام الوزراءَ ميشال فرعون، محمد المشنوق، أكرم شهيّب، رشيد درباس، الياس ابو صعب وعبد المطلب حنّاوي.

وأعقبَ اللقاء مأدبة عشاء أقامها الحريري على شرف سلام والوفد المرافق، وانتهى بخلوة بين الرجلين.

الراعي

.النواب في انتخاب رئيس جمهورية. وقال الراعي من السراي «إنّ الواجب الأساسي لمجلس النواب، وفقاً للدستور والمادتين 73 و74، أنّه فور الشغور يجب على المجلس النيابي إنتخاب رئيس، وهو ما بحثناه مع الرئيس سلام. والمؤسف أنّ هذا الشغور لم يحصل فجأة، فلا الرئيس توفّي، ولم يستقِل، بل هناك 6 سنوات من عمر الرئاسة انتهت، والدولة تقوم وتُبنى وتنمو، والرئيس الحالي ردّ الإعتبار الى الدولة اللبنانية والرئاسة، فهل يُعقل بعد مرور 6 سنوات الحديث عن شغور؟ فإذا كان الدستور يأمر النواب بالإنتخاب، فليس أنا من يقنعهم، بل ضميرهم الوطني والمهني يجب أن يقنعهم لأنّهم نواب، ودور النائب أن ينتخب رئيساً للجمهورية».

اللقاءات الباريسية

ومساء أمس عاد معظم زوّار باريس الى بيروت، فعاد في ساعات الصباح الأولى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ومعه وزير الصحة وائل ابو فاعور ونجله تيمور بعد لقاء يتيم مع وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل من دون أيّ لقاء مع الرئيس الحريري. وقالت أوساطه «إنّ مثل هذا اللقاء ليس وارداً الآن لا من قِبلنا ولا من قِبل الشيخ سعد».

كذلك عاد عصر أمس رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة ومعه النائب السابق غطاس خوري الذي التحق بوفد «المستقبل» امس الأوّل الأحد ومعهما مدير مكتب الحريري، نادر الحريري. وقالت مصادر قيادية في قوى 14 آذار إنّ عودة السنيورة ستفسح المجال امام لقاء موسّع لقوى 14 آذار في الساعات المقبلة، وتحديداً قبل جلسة الأربعاء التي خُصّصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي.

«المستقبل»

وفيما أكّدت مصادر وزارية ونيابية ليل أمس لـ«الجمهورية» أن لا معطيات تدفع الى القول إنّه من الآن وحتى 25 أيار سيكون للبنان رئيس جمهورية جديد، على رغم انّ الجميع يتمنّى إنجاز الاستحقاق الدستوري قبل هذا التاريخ، أعلنَت مصادر في تيار «المستقبل» لـ»الجمهورية» أن لا جديد في لقاءات باريس، وأنّ موقف «التيار» لا يزال هو نفسه، ونوّابه ذاهبون الى جلسة الانتخاب الخميس، ومرشّحهم لا يزال حتى الساعة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وكشفت أنّ بيان كتلة «المستقبل» الذي سيصدر اليوم سيؤكّد هذا الأمر.

جعجع

وكشف رئيس حزب «القوات اللبنانية» الذي التقى امس الحريري مضمونَ المحادثات التي أجراها معه، وقال إنّ الحريري طرح «من جملة الإحتمالات، أنّ عون طرح نفسَه مرشّحاً توافقيا، فقلتُ له إنّ الإتصالات مع» التيار الوطني الحر» مشكورة، وهي اتصالات مفيدة للبلد، ولكن حتى اللحظة، إنّ عون ليس مرشّحا توافقياً، ولا يمكنه التصرّف كما تصرّف في الجلسة الأولى وبعدها، وأن يعتبر نفسه توافقيا».

وسأل جعجع: «كيف لعون بعد تِسع سنوات من ممارسات في خطّ مختلف تماماً أن يتحوّل ويصبح فجأة مرشّحاً توافقيا؟ فضلاً عن ذلك، لم يبلغنا أحد بأنّ مذكّرة التفاهم ألغِيت مع «حزب الله».

وأكّد أن لا فيتو منه على أحد. وقال إنّه سيكون أوّل من يبارك لعون إذا فاز، «أمّا أن يعتبر فجأة أنّه ترك خطه السياسي وانتقل إلى خط آخر، فهذا ليس جدّيا».

رسالة سليمان

ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب الى اجتماع يُعقد في الساعة الثانية عشرة ظهر غدٍ الأربعاء لمناقشة الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والتي طلب بموجبها العمل بما يفرضه الدستور وما توجبه القوانين لاستكمال الاستحقاق الدستوري تفادياً للمحاذير والأخطار التي قد تنشأ جرّاء عدم انتخاب رئيس قبل 25 أيار الجاري. وجدّد بري الدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس ظهر الخميس.

هيل

وحذّرت الولايات المتحدة الأميركية امس من ثمن الفراغ، وحَثّ السفير الاميركي دايفيد هيل الذي زار قصر بعبدا وعين التينة قادَة لبنان على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ووفقاً للدستور.

وأوضحَ أنّ «هدفنا هو مساعدة اللبنانيين على حماية العملية الانتخابية، وليس تحديد النتيجة سلفاً». ورأى أنّ «هناك حاجة الى رئاسة فعّالة وبرلمان وحكومة لمعالجة هذه التحدّيات، ولتجنُّب ثمن الثغرات والشلل. نحن نعتقد أنّه ما زال في إمكان قادة لبنان تحقيق هذه الاهداف، بما في ذلك انتخاب رئيس للجمهورية في موعده».

«الكتائب

ودعا المكتب السياسي الكتائبي الى اعتبار الساعات الفاصلة عن 25 الجاري «بمثابة تاريخ لا يرحم من يقضي على مهلِه أو يعطّل آليتَه أو يبدّد نتيجتَه الدستورية الوحيدة، وهي انتخاب رئيس للجمهورية».

وألحّت الكتائب على إعلان حالة طوارئ نيابية، والانعقاد في دورات متتالية الى حين انتخاب الرئيس، ودعت النواب الى حضور جلسات الانتخاب وتأمين النصاب والقيام بواجبهم الدستوري بمسؤولية.

فنيش

وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ»الجمهورية»: «حتى الآن لا معطيات جديدة تدفعنا الى القول إنّ «حزب الله» سيشارك في الجلسة الانتخابية الخميس، ولا يزال هناك وقت، فلننتظر.

لكن إذا استمرّ المعطى السائد راهناً فمعنى ذلك أنّ الأمور لا تزال على حالها».

وعن الحركة في باريس، قال فنيش: «ما يحصل في العاصمة الفرنسية هو جزء من الحركة السياسية مع اقتراب نهاية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، والأمور مرهونة بالنتائج، وهذا أمر معلوم، فاجتماع مجموعة وحدَها ليس كافياً وليست وحدَها مَن يقرّر أو يحدّد وجهة المسار».