IMLebanon

ديبلوماسي خليجي : سباق سعودي ــ إيراني على رئاسيّات لبنان والعراق

 

يبدو أن الصراع السعودي ـ الإيراني يترافق مع المفاوضات الجارية في عمان، ولو على مستويات غير رفيعة لتحديد معالم المرحلة المقبلة وتوزيع الأدوار والنفوذ والمصالح في المنطقة الشرق أوسطية. ومن تجلّيات هذا الصراع تقدّم إيران في رسم القوس (الفارسي) من بغداد إلى بيروت عبر انتخابات رئاسية ثلاثية تجعلها تتحكّم بالقرار السياسي لثلاثة مواقع استراتيجية داخل الهلال «الخصيب»، وتؤمن إختراقاً كبيراً كدولة وسطى في المنطقة، والدلائل تبدو واضحة حيث يتقدّم رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، العدو اللدود للرياض، في الإنتخابات العراقية، بالرغم من توازي خط الحكم في العراق مع خط المعارضة المدعوم سعودياً، زِد على ذلك إعلان الرئيس السوري بشّار الأسد ترشّحه لرئاسة الجمهورية في سوريا مع إمكانات محسومة لتجديد رئاسته، وصولاً إلى لبنان الذي تصادف إنتخاباته الرئاسية في التوقيت نفسه، ويبدو أن لإيران والسعودية دوراً مباشراً في تسعيرها أو التوافق على رئيس يمنع انتصار أحد الفريقين على الآخر.

وفي قراءة هادئة لهذه التطوّرات، لفت مرجع ديبلوماسي خليجي متابع عن قرب لمجموعة معطيات استجمعها في حقيبة انتقاله عبر هذه المواقع الإستراتيجية الثلاثة، ووفقاً لما يلي:

1 ـ تقدّمت إيران على السعودية في الملف العراقي بالنقاط مع حفاظ هذه الأخيرة على حضور مقرّر في مجلس النواب يمكن أن يكون خميرة أساسية للمرحلة المقبلة، أي بعد انتهاء المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية، لأن إيران في النهاية تضع نوري المالكي كأحد أوراقها القوية على طاولة التفاوض مع واشنطن.

2 ـ حافظت إيران بجيشها المنتشر من العراق إلى بيروت على نظام الرئيس بشار الأسد، وأمسكت بمعظم أوراقه، حتى لا نقول جميعها، وبالأخص بعد تراجع دور موسكو نتيجة انهماكها في الملف الأوكراني الدقيق والخطير، والذي يعتبر جزءا من الداخل الروسي لا يمكنها التهاون به، فكان على الرئيس الأسد أن يتابع ترشّحه لرئاسة الجمهورية وفق التحالف مع إيران، ولو لن تعترف به دول العالم، باستثناء إيران وموسكو والصين والجزائر تحديداً، وللسعودية هنا دور استراتيجي في إضعاف الأسد وفي مواجهة إيران في سوريا، وفي الإمساك بأوراق المعارضة بغية العمل على تنحيته، أو في ما بعد، على طائف سوري يعيد تشكيل السلطة هناك ويحافظ على النفوذ الإيراني من دون أن يحافظ على رئيس النظام.

3 ـ وفي لبنان، تدور رحى المعركة السعودية ـ الإيرانية على رئاسة الجمهورية، حيث تقدّمت الأولى على الثانية بطرح سمير جعجع مرشّحاً لها لرئاسة الجمهورية، من دون أن تتمكّن الثانية من طرح أي أحد حتى الساعة. وفي حين يتقدّم الخط السعودي على الإيراني عبر مرشّح ـ برنامج ومدعوم من كل قوى 14 آذار، تنتظر إيران الفرصة المؤاتية للإنقضاض على السلطة في لبنان من خلال تمرير إسم من إثنين ميشال عون أو جان عبيد، مستبعدة سليمان فرنجية الذي يدور كلّياً في فلك الرئيس الأسد.

4 ـ تستكمل السعودية عدة مواجهتها في لبنان من خلال دعمها لتجرّؤ جعجع على الترشّح من دون مراجعة أحد، وذلك بغية التوصّل إلى رئيس آذاري النزعة سعودي الهوى، يحمل بطاقة مرور «معرابية» في حال فشلت في إيصال رئيس القوات إلى رئاسة الجمهورية. لكن الأكيد أن ما حصل في بغداد مع نوري المالكي، لن يحصل في لبنان مهما كان الثمن، والأكيد أيضاً أن عرض القوة الذي تقدّمه إيران في المنطقة، يردف الديبلوماسي المذكور، لا يمكن أن يكون أكثر من عرض مؤقت، ولو كان هذا المؤقّت طويل الأمد، بحيث تراهن السعودية على الوقت عادة، وعلى حماية أصدقائها وحلفائها ثانياً.

يبقى نقطة أخيرة، هي ما ذكره المصدر ذاته، في ختام عرضه المقتضب هذا قائلاً: «بالرغم من كل ما ترون، لا تنسوا أبداً إسرائيل… راقبوا إسرائيل جيداً».