IMLebanon

زيارة كيري خيّبت الآمال فأولويّة بلاده بعيدة جدّاً عن الاستحقاق الرئاسي

ينتظر لبنان رغم التدخّل الخارجي المباشر في الشؤون الداخلية الذي تمثّل بزيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري الخاطفة الى بيروت، وصول كلمة السرّ في ظلّ الشغور الرئاسي الذي يعيشه، والذي يُطالب البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي المسؤولين اللبنانيين ألا يدعوه يدوم طويلاً، ليس لمصلحة المسيحيين فقط، أو الموارنة تحديداً، إنّما لمصلحة اللبنانيين جميعاً.

ولن تهبط كلمة السرّ على النوّاب اللبنانيين لكي ينتخبوا المرشح الأوفر حظّاً رئيساً لجمهورية البلاد، ما لم تحصل تسوية شاملة، يؤكّد مصدر سياسي مطلع، تتمّ ترجمتها في لبنان، بعدم ترك كرسي الرئاسة خالياً لفترة طويلة جدّاً. ويتوقّف الأمر على سير هذه التسوية المرتقبة، فإن حصلت قريباً بين الولايات المتحدة وإيران حول موضوع السلاح النووي الإيراني، وبين السعودية وإيران اللتين تجري بينهما اتصالات ولقاءات منذ فترة، ظهر بعضها الى العلن أخيراً، فإنّ انتخاب رئيس جديد للبنان يصبح أمراً حتمياً ويُنفّذ سريعاً.

أمّا في حال تأخّرت التسوية أو تعرقلت لسبب أو لآخر، فإنّ الاستحقاق الرئاسي يضيف المصدر سيبقى معلّقاً، وكذلك الانتخابات النيابية التي يسعى رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون عبر لقاءاته واتصالاته الى تمريرها في موعدها الدستوري، وعدم تفويت الفرصة مرة جديدة، على نحو ما جرى بالنسبة للاستحقاق الرئاسي بسبب عدم التوافق على إسم الرئيس الجديد للبلاد، لا سيما وأنّ هذه الانتخابات بإمكانها المجيء بمجلس نيابي جديد قد يغيّر معادلة التوافق النيابي.

أمّا زيارة كيري الى لبنان التي ظنّها البعض أنّها ستكون الخطوة الأولى للدعوة الى جلسة سادسة لانتخاب الرئيس الجديد، فقد خيّبت الآمال، بحسب المصدر السياسي نفسه، إذ أظهرت مدى اهتمام الولايات المتحدة بكلّ شيء إلاّ بأزمة الرئاسة في لبنان. وأوضح أنّ الأولوية بالنسبة لها في المنطقة هي الأزمة السورية وإقامة الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية جنباً الى جنب بعد أن قضمت إسرائيل غالبية الأراضي الفلسطينية عن غير وجه حقّ، إلاّ أنّ أكثر ما يهمّها تأمين مصالحها أولاً في الاستيلاء على ثروات هذه المنطقة من الغاز والبترول (على ما فعلت في العراق إذ استولت على آبار النفط فيه)، وهي تودّ معرفة مقدار ما يملكه بحر لبنان من هذه المواد لترى ما عليها فعله مستقبلاً، ثمّ مصلحة إسرائيل في المنطقة.

فالولايات المتحدة يقول المصدر تعقد اتفاقاً مع إيران لصالح إسرائيل التي تخشى من تطوّر السلاح النووي الإيراني، كما لتهدئة الأوضاع في المنطقة لكي تنصرف الى المحور الآسيوي الذي يهدّد مصالحها السياسية والاقتصادية، لا سيما من روسيا والصين. كما تسعى الولايات المتحدة الى إيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية من خلال مفاوضاتها مع إيران والضغط عليها للتوصّل مع النظام الى اتفاقية تُدخل المعارضة السورية في الحكومة، ما يجعل يدّها ممتدة الى الداخل السوري عبرها.

وفيما عدا ذلك، فهي غير مهتمة بالتفاصيل اللبنانية على حدّ قول المصدر أو بالاستحقاقات الدستورية إلاّ في إطار الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة من خلال استمرارية عمل المؤسسات في البلاد، وعدم تعطيلها إذ هي بغنى عن أي مشاكل إضافية، في ظلّ ما تواجهه من أزمات مع كبرى دول العالم. أمّا بقاء الوضع الحالي في لبنان، على ما هو عليه، شرط عدم انفلاته، فهو أمر يطمئن الولايات المتحدة بعض الشيء الى حين حصول التسوية التي يجب أن تفضي إما الى انتخاب الرئيس الجديد، أو الى التوافق على قانون إنتخابي جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية من دون أي تأخير.

والتسوية الأميركية – الإيرانية من شأنها، على ما يشير المصدر نفسه، إبعاد شبح الضربة العسكرية عن سوريا التي تهدّد الولايات المتحدة بها في كلّ مناسبة، ولا سيما في ظلّ عدم اعترافها بالانتخابات الرئاسية الاخيرة التي اعادت الرئيس بشّار الأسد الى منصبه لولاية ثالثة. فضلاً عن اعتراف أميركا بنفوذ إيران في الشرق الأوسط لا سيما في كلّ من لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن وفلسطين، من دون كفّ يدّ السعودية في هذه الدول وبعض الدول الأخرى مثل مصر والأردن وتونس..

ومن المتوقّع أن تؤدّي هذه التسوية أيضاً يقول المصدر الى تجميد العقوبات الغربية والأميركية المفروضة على إيران والإفراج عن بعض الأموال الايرانية المجمّدة من أجل إلغائها تدريجاً، ما يعيد للعلاقات الأميركية – الإيرانية حيويتها ويُبعد شبح الحروب عن المنطقة مجدّداً، وأشار الى ان التوافق الإيراني – السعودي من شأنه استكمال أهداف التقارب الأميركي – الإيراني فيما يتعلّق بترتيب أوراق وملفات دول المنطقة، من خلال تقسيم الأدوار التي سيلعبها كلّ طرف، ما يجب أن ينعكس إيجاباً على توفير الهدوء والاستقرار للمنطقة لسنوات طويلة، إلاّ في حال قرّرت إسرائيل استكمال الإستيطان في القدس وقطاع غزّة ورفض تطبيق ما تسعى اليه الولايات المتحدة ألا وهو الاعتراف بالدولتين جنباً الى جنب.