IMLebanon

سباق بين التوافق الحكومي ومخطّط التفجيرات

هجوم إنتحاري ليلاً على مقهى وحاجز للجيش في الضاحية

سباق بين التوافق الحكومي ومخطّط التفجيرات

وضع «الإنفجار الإرهابي» الذي ضرب حاجزاً للجيش اللبناني في المنطقة الممتدة بين شاتيلا ومستديرة الطيونة، الأطراف السياسية أمام مسؤولية وطنية، استثنائية تقضي الإسراع بتنظيم الخلافات بين القوى، ليظهر هذا التنظيم في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس، قبل فوات الأوان.

وحسب المعطيات المتوافرة فإن السيارة المفخخة التي انفجرت عند الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق ليلاً، هي من نوع مارسيدس 180، موديل 1966، ويرجح أنها عمومية، كانت تستهدف تجمعاً بشرياً يشارك في متابعة مباريات المونديال في المقاهي المجاورة.

ووفقاً لقناة «المنار» فقد سقط شهيد وشهيدة و32 جريحاً بين العسكريين والمدنيين، لكن معلومات أمنية وأخرى تعود للصليب الأحمر اللبناني نفت سقوط شهداء لا في صفوف المدنيين ولا بين العسكريين.

وذكر شهود عيان أن التفجير وقع أول أوتوستراد هادي نصر الله عند مدخل الضاحية الجنوبية على مقربة من حاجز للجيش اللبناني، ومقهى أبوعساف يرتاده شبان كانوا يتابعون المونديال. وعلى الفور اندلعت نيران هائلة في عدد من السيارات، في حين هرع المسعفون إلى نقل الجرحى، ويأتي التفجير بعد استهداف حاجز لقوى الأمن في ضهر البيدر الجمعة الماضي.

ووقع الإنفجار في وقت كانت تنشط الاتصالات خلال الـ48 ساعة المقبلة لتوفير مناخات ايجابية تساهم بتثبيت موعد مجلس الوزراء (الخميس)، والتفاهم على منهجية اتخاذ القرارات، والانتقال لمناقشة واقرار اول جدول اعمال من 28 بنداً وهو موجود على الطاولة منذ قرابة شهر تقريباً (راجع ص2).

ووفقاً لمصدر وزاري رفيع، فإن عقد الجلسة ضمن هذه الاهداف الثلاثة يشكل فرصة لاختبار مدى جدية الاطراف اللبنانية في مواجهة الضغوط الامنية على لبنان، هذه الضغوط مرشحة للاستمرار في ظل ضخامة الاشتباك السياسي والدبلوماسي والعسكري والامني في العراق وامتداداً الى سوريا، مروراً بالاردن، وصولاً – ربما – الى بعض المناطق اللبنانية وفق «الخطة الملونة» لتنظيم «داعش» الذي ما يزال يحتفظ بزمام المبادرة في شمال العراق.

وفي معلومات هذا المصدر ان الرسالة التي نقلها سفير الولايات المتحدة الاميركية ديفيد هيل الى كل من الرئيس تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق تصب في البعدين السياسي والامني على وضع لبنان على مسار فصل خلافاته السياسية عن الصراعات الدموية الحاصلة في المنطقة، وفق معادلة تنظيم الخلاف، واطلاق يد الحكومة، والتفاهم جدياً علىانتخاب رئيس جديد، بمعزل عن التغطية الاقليمية التي من الصعب توقع تفاهم بين هذه القوى الاقليمية.

وكشف المصدر ان الشق الامني استأثر بزيارة هيل الى وزارة الداخلية، للاطلاع مباشرة على حقيقة الشبكة الارهابية، وما توصلت اليها التحقيقات، وكيفية التعاون بين الوزارة والسفارة.

الخلية الامنية

وعلى هذا الصعيد، تركزت الانظار على مجرى التحقيقات الجارية، والتي يتمسك لبنان باجرائها على ارضه، لانتزاع اكبر قدر ممكن من المعلومات من الموقوف الافريقي الذي يحمل الجنسية الفرنسية ويتحدر من جزر القمر، الدولة العربية- الافريقية القريبة من الصومال.

وتفيد المعلومات ان الموقوف دخل بجواز سفر فرنسي في اطار الخطة الموضوعة لاحداث تفجير واسع في بيروت يستهدف على الارجح شخصيات سياسية.

وتكتم التحقيق الذي يجري مع الموقوف باشراف مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، عما اذا كانت «القاعدة» هي التي ارسلته الى بيروت او «داعش» بعدما تحول لبنان من «ارض نصرة» الى «ارض جهاد».

ولم يعرف عما اذا كان الموقوف كشف اسمي وهوية شريكيه في الخطة بعد مقتل الرابع في انفجار ضهر البيدر، فضلاً عن معلومات عن السيارة التي ما تزال تبحث عنها الاجهزة الامنية بين بيروت وجبل لبنان، وهي التي كان يمكن ان تستخدم في الهجوم يوم الجمعة الماضي، لولا اطباق الاجهزة الامنية على «خلية الحمراء»، وتفجير الانتحاري الفاشل في ضهر البيدر.

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر مطلعة على الاجتماع الامني الذي عقد مؤخراً في السراي، في اعقاب تفجير ضهر البيدر وتوقيفات الحمراء ان توجيهات زودت بها الاجهزة الامنية المعنية لمراقبة حركة الشارع اللبناني الذي يتأثر بالاحداث المحيطة حوله، لافتة الى ان قادة هذه الاجهزة تحدثوا بوضوح عن مواكبة دقيقة لاي تحركات مشبوهة تحصل وترتبط بشكل مباشر او غير مباشر بالمستجدات الخطيرة في العراق.

وقالت ان المعنيين ركزوا في مداخلاتهم على الحماية السياسية من شأنها ان تسهم بتحرك فعال للاجهزة الامنية اينما وجدت، مشيرة الى ان هناك مراقبة نوعية وجدية تحصل لمعظم المعابر الحدودية وغيرها خوفاً من دخول عناصر تخريبية الى لبنان، مشددة على ان استمرار التعاون بين جميع هذه الاجهزة من شأنه انجاح عمليات احباط المخططات الارهابية.

تحذير اميركي

وكان السفير هيل واضحاً في الرسالة – البيان الذي اذاعه من السراي بعد لقائه الرئيس سلام بأن لبنان المستقر هو اكثر اهمية من اي وقت مضى، مبدياً اطمئنانه الى ان المؤسسات الحكومية والامنية تعمل بجد وبفاعلية لمكافحة الارهاب والحفاظ على الاستقرار في البلد، لكنه دعا في الوقت نفسه اللبنانيين، ربما يشبه التحذير، للعمل على اغلاق الثغرات لافساح المجال أمام تعزيز أمن لبنان واستقراره، مشدداً في هذا الصدد، على التمسك «باعلان بعبدا» واعتماد سياسة حقيقية للنأي بالنفس عن الصراع في سوريا، باعتبارهما امران ضروريان، الا انه أضاف ملاحظة ذات أهمية، وهي ألا تخاض معارك المنطقة في لبنان، وألا ينجر اللبنانيون نحو المعارك التي تخاض من الاخرين، داعياً إلى انتخاب رئيس جديد، لأن ثمن اللاقرار سيشعر به جميع من لهم مصلحة في استقرار لبنان وأمنه، حاضاً في هذا المجال على تكثيف الجهود لانتخاب رئيس.

مجلس الوزراء

سياسياً، يسعى مجلس الوزراء لعقد جلسة هي الرابعة له، بعد الشغور الرئاسي يوم الخميس المقبل لمناقشة منهجية عمل الحكومة، بعدما كان الرئيس سلام قد وجه الدعوة أمس إلى الوزراء لعقد هذه الجلسة قبل 72 ساعة من موعدها.

وعلمت «اللواء» من مصادر السراي الحكومي أن الجلسة ستخصص للبت في منهجية عمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي وصلاحية توقيع المراسيم التي تحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية، على أن يستكمل في حال التوافق على الآلية البحث في جدول أعمال كان وزّع على الوزراء اصولاً بتاريخ 27/5/2014، ويتضمن 28 بنداً معظمها أمور إدارية وشؤون وظيفية وعقارية وهبات وسفر.

وأكّد مصدر وزاري لـ «اللواء» على أن التفاهم الحكومي منجز، وأن لا مشكلة على الاطلاق عليه، وان الصيغة التي سيجري نقاشها الخميس تقوم على اختيار وزير من كل كتلة سياسية مشاركة في الحكومة للتوقيع على المراسيم والقرارات التي ستصدر عنها مع الوزير المختص ورئيس الحكومة، على أن يتم توزيع جدول الاعمال على الوزراء قبل 72 ساعة، مع حق طلب سحب اي بند خلافي لتأمين سير الحكومة.

وشدّد المصدر على أن التوافق هو الذي سيحكم عمل الحكومة، وان الصيغة التي سيتم التوافق عليها هي أفضل الممكن، خصوصاً في ظل الوضع الأمني الضاغط الذي لم يعد يحتمل المماطلة والاستمرار في تجميد عمل الحكومة.

وكان رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط قد اكتفى في موقفه الأسبوعي أمس لجريدة «الأنباء» الالكترونية الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، بالدعوة إلى تجاوز الخلافات السياسية الحادّة، والسعي إلى توحيد الرؤية في مواجهة التطورات الخطيرة والمتسارعة الآتية، علنا نحافظ على «لبنان الجنرال غورو» قبل ان نندم ويكون قد فات الأوان، فيما أكد الرئيس نبيه بري، خلال استقباله وفد رؤساء روابط المخاتير بأن لبنان «عصي على الاعاصير التي تعصف بنا وفي المنطقة»، داعياً إلى ان «يحمي لبنان نفسه من تحت إلى فوق»، والعمل من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، والى عدم تعطيل المؤسسات الدستورية الأخرى.

وإذ أشار إلى ما يحصل من فتنة مذهبية وطائفية، قال أن ما يجري اليوم في المنطقة هو ترسيم حدود أين منها «سايكس بيكو».

انفجار الضاحية

وكان دوى قرابة منتصف الليل انفجار كبير هز هدوء العاصمة، ما لبث ان تبين انه ناجم عن انفجار سيارة مفخخة، عند مستديرة شاتيلا، قرب حاجز للجيش اللبناني، لكنه  كان بعيداً نسبياً بحوالى 15 متراً.

وأدى الانفجار الى اضرار  مادية كبيرة ونشوب حرائق في المكان سارعت عناصر الدفاع المدني والصليب الأحمر الى مكافحتها، وانتشال الضحايا الذين انحصروا باصابات، من دون سقوط شهداء، بين الشبان الذين كانوا يرتادون المقاهي المجاورة لمشاهدة مباريات «المونديال».

وبحسب المعلومات، فإن الانفجار نجم عن انتحاري كان يستقل سيارة من نوع مرسيدس 180 بيضاء اللون رقمها 144631/و، يبدو انها جاءت من منطقة قصقص باتجاه جادة الشهيد هادي نصر الله معاكسة  للسير.

وروى شهود عيان ان الانتحاري وهو شاب في العقد الثالث من العمر، اوقف السيارة للحظات على بعد امتار من مقهى أبوعساف، بحجة ان عطلاً طرأ عليها، لكنه فجر نفسه بعدما اشتبه به من قبل شابين في المنطقة، الا ان معلومات تحدثت بأن عناصر من الامن العام اشتبهوا بالسائق واطلقوا النار عليه، مما اضطر الانتحاري الى تفجير نفسه.

ودلت التحقيقات الاولية ان السيارة المفخخة مسجلة باسم حسين محمد حيدر من قرية جويا الجنوبية باللون الاحمر، فيما السيارة كانت باللون الابيض عندما انفجرت. كما دلت ان لهجة سائقها سورية، وهو كان تحدث للحظات لاحد الشهود لتبرير سبب توقف السيارة في المكان.

وقد عزز انتشال اشلاء جثة في المكان فرضية وجود الانتحاري، وقد قذفت قوة الانفجار بجثة الانتحاري الى الطابق الرابع من بناية تقع في مكان الانفجار والتي تضررت بشكل كبير، حيث وجدت بقع من الدماء وتناثرت اشلاؤه البشرية في مكان التفجير.

وعلى الفور، فرضت القوى الامنية طوقاً امنياً في مكان الانفجار. وبثت نداءات عبر مكبرات الصوت لمنع المواطنين من التجمهر بكثافة خوفاً من حدوث انفجار آخر، في حين عملت سيارات الصليب الاحمر والدفاع المدني والهيئة الصحية الاسلامية على نقل الجرحى الى المستشفيات وتوزع الجرحى الذين ارتفع عددهم الى 22 جريحاً على مستشفيات الزهراء والساحل وبيروت الحكومي.