IMLebanon

 سلام: عقدة مجلس الوزراء «محلحلة»

في غمرةِ التوتّر الإقليمي، خصوصاً في العراق وسوريا، ظلّ أمن لبنان مُتصدّراً الاهتمامات، وتجهد الأجهزة الأمنية في منع الفوضى على أرضه، إذ رفعت وتيرةَ استنفارها وتدابيرها الاحترازية، لرصدِ الخلايا النائمة، وآخرها أمس، حيث أوقف الجيش في البقاع، بالتنسيق مع مديرية المخابرات، لبنانيَّين، أحدهما عمر الصاطم ابن عم الإرهابي قتيبة الصاطم الذي فجّر نفسَه في حارة حريك، وسوريَّين للإشتباه بانتمائهما إلى إحدى المنظمات الإرهابية، فيما أفادت معلومات أنّ «جبهة النصرة» دعت جميع عناصرها في لبنان للتوجّه إلى سوريا عبر جرود عرسال. في الموازاة، تسعى الحكومة إلى الاتّفاق على آلية لإدارة الشغور الرئاسي، وبشّرَ رئيسُها تمّام سلام العائد من زيارة للكويت دامت ساعات بأنّ «عقدة منهجية عمل الحكومة قد تحلحلت»، وشدّد على أنّ «أيّ فراغ أو شغور في مركز الرئاسة هو مصدر ضعف، ويجب أن يكون هناك سعيٌ إلى مَلء هذا المركز في أسرع وقت».

في ظلّ المخاوف من تفجيرات جديدة، وبعد التحذير الفرنسي الرعايا الفرنسيين بضرورة اقتصار تحرّكاتهم في لبنان على التنقّلات الضرورية، والنصيحة الاميركية للأميركيين بتفادي السفر الى لبنان، دعت الإمارات العربية المتحدة مواطنيها الى «عدم السفر في الوقت الحاضر إلى لبنان، نظراً للأحداث الأخيرة والأوضاع الأمنية المضطربة»، ودعَت مواطنيها الموجودين في لبنان إلى «مغادرته فوراً».

برّي

وتوقّف رئيس مجلس النواب نبيه بري في أحاديثه أمام زوّاره مساء أمس عند التطورات الامنية الاخيرة، وما شاع من معلومات عن محاولةٍ لاغتياله ولتنفيذ تفجيرات في البلاد، فقال: «المطلوب الآن إستثمار عاجل في الأمن، وسأدفع الحكومة في اتّجاه تطويع ثلاثة آلاف عنصر للجيش وألف عنصر للأمن العام وألف آخرين لقوى الأمن الداخلي، فحتى لو كان هذا الأمر مُكلِفاً فإنّه يبقى أقلّ كلفةً من خسارة الموسم السياحي الذي يعتاش منه عشرات الألوف من اللبنانيين ومن العائلات اللبنانية».

وأضاف برّي: «إنّ هذا الاستثمار في الأمن يدفع الجماعات الإرهابية وكلّ من يفكّر في الإعتداء على لبنان إلى أن يحسبوا ألف حساب قبل الإقدام على هذه الأفعال، فـ»هزّ عصا العزّ ولا تستعملها».

وأكّد برّي «أن ليس هناك مبالغات في المعلومات التي أُعلِنت عن الأعمال الإرهابية المخطط لتنفيذها في لبنان»، مشيراً إلى أنّ هذه المعلومات مصدرُها المخابرات المركزية الاميركية (سي. آي. إي)، بدليل انّ السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل ألغى ثلاثة مواعيد لقاءات له يوم الجمعة الماضي الذي شهد ذلك الاستنفار الأمني الكبير. وتخوّف برّي من أن تنعكس ارتدادات ما يجري في العراق سلباً على الإستحقاقات اللبنانية، وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي.

سلام يُطمئن

من جهته، طمأنَ رئيس الحكومة تمّام سلام إلى أنّ الوضع الأمني مضبوط، معتبراً أنّ حادثة ضهر البيدر لا تعني أنّ هناك مسلسلاً جديداً، «بل هي محدودة ومحصورة».

وأكّد سلام في مؤتمر صحافي، بعدما التقى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ونظيره الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، ورئيس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عبد الوهاب أحمد البدر، عدمَ وجود مجموعات إرهابية في لبنان، «بل خلايا، ونحن نواجهها ونضع حدّاً لها، وسنستمرّ في ذلك، وهناك موقف لبناني موحّد في هذا الموضوع».

وتمنّى سلام على دولة الإمارات العودةَ عن طلبها من مواطنيها عدمَ السفر إلى لبنان، قائلاً: «أدعو إخواننا في دول الخليج ودولة الإمارات إلى أن يأخذونا بحلمِهم ولا يقسوا علينا، وأن يَطمئنّوا». وأكّد «أنّ ما يشغل البال في لبنان ليس الوضع الأمني وإنّما السياسي، حيث يشكّل الشغور الرئاسي معاناة سياسية».

«حزب الله»

في هذا الوقت، اعتبر «حزب الله»، بلسان عدد من نوّابه وقياديّيه، أنّ مواجهة الإرهاب مسؤولية وطنية، وطمأنَ إلى أنّ لبنان «تجاوزَ مرحلة الخطر الإستراتيجي على أمنِه، ومرحلة الخطر الإسرائيلي على سيادته، ولكنّ المناوشات ستستمرّ، والوضع لا يزال تحت دائرة السيطرة». ودعا إلى عدم الخوف، «فالأوضاع تتابَع بدقّة وجهوزية عالية وحكمة».

وإذ شدّد على انّ التكفيريين يعلمون تماماً أنّ السيارات المتفجّرة والعمليات الانتحارية لا يمكن ان تغيّر موقف الحزب تجاه سوريا، رأى أنّه «لا يمكن أحداً أن يردّ سببَ التفجيرات التي استهدفت بعض المناطق إلى موقف الحزب من سوريا، خصوصاً بعد الذي حصلَ في العراق، لأنّ سكّان الموصل وغيرها لم يشاركوا في الحرب السورية حتى يجتاحوهم بهذه الطريقة».

وقال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «إنّ انفجار ضهر البيدر هو من بقايا ما يمكن أن يتسلل، لأنّ رأس السهم لهؤلاء التكفيريين الإرهابيين قد انكسرَ، وهم يتحرّكون الآن وفق أوامر تعطى لهم ويُستخدَمون من أجل مصالح غيرهم».

3 سيارات وشاحنة

وفيما تتواصل التحقيقات في تفجير ضهر البيدر بإشراف القضاء المختص بجدّية وسرّية تامة، حسبما أعلن المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، علمت «الجمهورية» أنّ الذين أوقفتهم الأجهزة الامنية والمشتبَه في انتمائهم الى جماعات إرهابية، يبلغ عددهم أربعة، بينهم فرنسيّ مُتحدّر من جزر القمر، وأنّ السيارة التي انفجرت في ضهر البيدر هي واحدة من ثلاث سيارات مفخّخة يُعمل على كشفِها، فضلاً عن أنّ هناك تفتيشاً حثيثاً عن شاحنة محمّلة بثلاثة أطنان من المتفجّرات.

تدابير رصد ومراقبة

وعقب تفجير ضهر البيدر، باشرَت القوى الأمنية والعسكرية تنفيذ تدابير أمنية مباشرة في محيط ثكن الجيش ومراكز الأمن العام، ورفعت منذ صباح السبت الماضي عوائق من الباطون المسلح حول مقرّ الأمن العام في العدلية تزامُناً مع إجراءات مشدّدة حول المراكز في لبنان.

وقالت مصادر أمنية وعسكرية لـ»الجمهورية» «إنّ القوى العسكرية ليست في وارد اتّخاذ مزيد من التدابير الأمنية، لأنّها في حال استنفار بدرجات مختلفة، وهناك مهمّات سرّية كثيرة تقوم بها القوى الأمنية، لأنّ الهمّ الأمني فرض عليها اتَخاذ إجراءات إستباقية بالرصد والمراقبة لمواجهة خلايا نائمة لا يُعرف متى تتحرّك، إضافةً إلى تدابير مُتّخَذة في مناطق تُعتبر بؤرةً محتملة لمجموعات إرهابية».

عودة جنبلاط

إلى ذلك، عاد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط ووزير الصحة وائل ابو فاعور أمس الاوّل من باريس التي التقى فيها الرئيس السابق ميشال سليمان والرئيس سعد الحريري.

وتحدّثت مصادر إشتراكية لـ»الجمهورية» عن «ارتياح محدود» عبّر عنه جنبلاط أمام زوّاره، إذ إنّ لقاءَه والحريري كسرَ الجليد بينهما ولم يحدِث خرقاً مهمّاً في جدار الأزمة الرئاسية، «فالوضع يفوق القدرات والإمكانات المتوافرة لتغيير جذريّ في أيّ إتجاه».

وأكّدت هذه المصادر أنّ الجانبين «أكّدا التعاون في بعض الخطوات الإيجابية التي يستيطعان القيام بها، كالسعي مثلاً إلى تعزيز الإعتدال السياسي، وقطع الطريق على التطرّف، وتغليب لغة المنطق والعقل ومواجهة الساعين إلى الإرهاب ومنع تكوّن بؤرة أو بيئة حاضنة لأيّ أعمال تخريبية في أيّ منطقة لبنانية.

بالإضافة إلى تعزيز الحوار بين مختلف المكوّنات اللبنانية، والسعي إلى إطلاق ورشة العمل الحكومي والتفاهم على مخارج تمكّن الحكومة من الحفاظ على أبسط أدوارها في المرحلة الراهنة، وإدارة شؤون الناس، والحؤول دون تفجيرها من الداخل بما يحمي الحدّ الأدنى من التضامن بين أفرقائها جميعا». وختمت المصادر:» أنّ جلّ ما تفاهمَ الحريري وجنبلاط عليه يقف عند حدود التعاون على إدارة الأزمة بأقلّ الخسائر الممكنة، والحفاظ على ما تحقّق من إنجازات إدارية وأمنية وسياسية إلى أن تأتي ساعة الصفر التي تؤذن بأيّ تغيير جذري».

الحريري يلتقي كيري

إلى ذلك، قالت مصادر مُطلعة في بيروت لـ«الجمهورية» إنّ الحريري فاتحَ مَن التقاهم في الساعات الماضية بأنّه سيلتقي مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري الخميس المقبل في باريس.

وأشارت المصادر إلى أنّ البحث في هذا اللقاء بدأ منذ أن كان الحريري في الرياض وقبل انتقاله الى المغرب، حيث أمضى أكثر من أسبوعين في الدار البيضاء إلى جانب العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز.

وذكرت المصادر أنّ الحريري باشرَ اتّصالاته مع قيادات في بيروت لاستجلاء الصورة قبل لقائه مع كيري، والذي سيشكّل تتمةً للّقاءات التي عقدَها الأخير في العاصمة قبل أسبوعين.