IMLebanon

صواريخ خلبية

 

عودة الصواريخ الخلبية للانطلاق من بوابة الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، مجرد رسائل صوتية، لها دوي من دون صدى، وغرضها كما مثيلاتها التي أطلقت باتجاه الجولان المحتل أمس الأول، ليس الضغط على اسرائيل، بقدر ما هي لطمأنة الغزّاويين الذين يواجهون سياسة الأرض الاسرائيلية المحروقة بأن ثمة من هم معهم بأكثر من الدعم السياسي والاعلامي المجرد من الفعالية.

ومع عودة هذه الصواريخ عاد القلق يساور الأوساط الرسمية اللبنانية، من مخاطر امتداد النار الاسرائيلية من غزة الى جنوب لبنان، وربما الى كل لبنان بحسب التحذيرات الاسرائيلية، وقبل أن يتسنّى لها إقفال بوابة الجحيم القلمونية التي فتحت عبر جرود عرسال الأسبوع الماضي.

وترى الأوساط هذه الرسائل الصاروخية من زاوية المشهد الاقليمي المتفجر بالصواعق المعروفة المصادر، انطلاقاً من العراق الى اليمن فسوريا، وصولاً الى لبنان، المكشوف الجوانب من جهاته الثلاث…

وثمة من يقرأ هذه التطورات من خلال السيناريو القديم: نتحرّش باسرائيل كي تنتبه الولايات المتحدة، ونصعّد في اليمن، لازعاج الخليجيين، وتالياً الحليف الأميركي، المتباطئ في ضرب الداعشيين في العراق، والمتصلّب بمطالبه وشروطه النووية في فيينا من الطرف الايراني الذي لم يستفق من الضربة الداعشية في أواسط وشمال العراق، تماماً بعد، وهو ما زال على خشيته البالغة من ارتداداتها على الحلفاء في سوريا ولبنان.

لكن ما يطمئن على المستوى اللبناني الداخلي، أن الاستقرار النسبي القائم، ما زال يتميّز بالضرورة الدولية التي يمكن ترجمتها بالوجود العسكري الدولي في جنوب لبنان، وهذه الضرورة تأخذ باعتبارها حصانة الجيش والقوى الأمنية الشرعية أيضاً والتي لا تقتصر، ولم تقتصر على البيانات الاعلامية، كما حال غزة مع مشجعيها، على مواجهة العدو منفردة، انما اقترنت بالدعم المالي والتذخيري الواسع.

هذه الحصانة للجيش تبدّت في أحداث عرسال الأخيرة، والحملة التي تستهدف الجيش، وقائده العماد جان قهوجي، من قبل جهات ما تعوّدت إلاّ اعتبار الجيش هو الحلّ، وهو الأمل، وإذ بعد أحداث عرسال، العفوية، أو المفتعلة، أصبحت المطالبة بفتح التحقيقات وتحديد المسؤوليات أقل ما يقال في هذا المقام!

لكن بالعودة الى آخر تصريحات العماد قهوجي رداً على موجة التساؤلات التي انهمرت عليه، يمكن فهم الكثير من خفايا الأمور الحاصلة، لقد رأى العماد قهوجي وكأن البعض يريدني أن أدمّر عرسال وما فيها من نازحين سوريين لأصل الى رئاسة الجمهورية… وأقول وأكرر أنا لا أرضى بنقطة دمّ واحدة لعسكري أو مدني توصلني الى الرئاسة….

والمشكلة ان البعض كان يرى وجوب التنسيق مع الجانب العسكري السوري للإجهاز على التكفيريين في جرود عرسال والقلمون، وقطع الطريق على انسحاب المسلحين ومعهم أسرى الجيش والأمن الداخلي، من دون التوقف أمام مصير هؤلاء وعددهم ناهز الأربعين رجلاً من مختلف الرتب.

لكن قيادة الجيش قررت الالتزام بسياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها حكومة المصلحة الوطنية، وأولى شروطها، عدم التنسيق مع النظام السوري، وعدم التفاوض مع معارضي هذا النظام.

وبات واضحاً ان العبرة أخذت من عبرا من دون شك، وهذا ما لم يسرّ من اعتاد الاختباء وراء إصبع الجيش في كل شاردة وواردة.

الأوساط المتابعة عينها تتوقع المزيد من الخطوات الملائمة على صعيد الاستحقاقين الرئاسي والنيابي بعد اليوم، فعلى صعيد الرئاسة، لن يكون لبعض الجهات الاقليمية الدور المعتاد في تشخيص رئيس جمهورية لبنان، وفي موضوع مجلس النواب تبدو الأمور سائرة نحو التمديد كممر إلزامي لتجنّب الفراغ التشريعي وما يجره على صعيد الحكومة، أما بالنسبة لاقتراح كتلة العماد ميشال عون انتخاب الرئيس من الشعب وعلى مرحلتين، طائفية ووطنية، فسينتهي كمجرد سراب دستور بلا أساس ولا ضرورة.