IMLebanon

طهران أمام حائط مسدود؟

واشنطن

يشكّل إعلان اسرائيل اعتراضَ نظام «القبة الحديدية» صاروخين سقطا قرب مفاعل ديمونا النووي وسط البلاد، الإشارة الأكثر وضوحاً الى الجهة التي تقف وراء التصعيد العسكري الذي يشهده قطاع غزة.

يعتقد مراقبون سياسيّون وعسكريون أميركيّون أنّ مسارعة حركة «حماس» الى توسيع دائرة استهداف المناطق الإسرائيلية بالصواريخ، يعكس قرار إيران زيادةَ ضغوطها الإقليمية، في اللحظة التي يتداخل فيها البحث عن مخرج للمفاوضات النووية، والحال السياسية التي نشأت عقب بدء انهيار «منظومتها» الإقليمية، جرّاء ما حصل في العراق قبل شهر. ويضيف هؤلاء «أنّه من غير الجائز، لا سياسياً ولا عسكرياً، وصفَ ما يحدث بأنّه حرب خامسة ضدَّ القطاع، خصوصاً أنّ لا مصلحة مباشرة لإسرائيل في إشعال مواجهة كهذه، فيما الأنظار شاخصة في اتجاهات أخرى».

ويقول بعض الديبلوماسيين «إنّ ما يحصل لا يعدو كونه لعبة مزايدات، سواءَ من القادة الإسرائيليّين أو في ما بينهم، أو من الاطراف الفلسطينية المتورّطة في هذه المواجهة. فلا اجتياح غزة وارد في هذه المرحلة، ولا إمكانيّة لتطوير «المصالحة» الفلسطينية او حتى لتغيير «الستاتيكو» الفلسطيني نفسه، فيما الكلفة الرئيسة جراء القصف تقع على عاتق المدنيّين، خصوصاً الفلسطينيّين منهم».

ويعتبر هؤلاء «أنّ تراجع حظوظ فرص السلام بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين بعد توقف المفاوضات، لا يبدو كافياً لأخذ الامور في اتجاهات دراماتيكيّة أخرى. فليس لدى أيّ من الاطراف من مشروع بديل، خصوصاً أنّ التطورات البنيويّة والجذرية التي تشهدها المنطقة، تمنع الجميع من المغامرة في أعمال لا تحسب عواقبها.

إسرائيل لا يمكنها السكوت على الإعتداءات، لكنّها لا تحمل بديلاً، بَيد أنّ قرار إشعال جبهة غزة ليس قراراً شاملاً قد يُشعل جبهات أخرى، خصوصاً على حدودها الشمالية مع لبنان. وقرارٌ من هذا النوع ليس له مسوّغات، مثلما أنّ المعنيّين به عير مستعدّين لقلب الطاولة على رؤوسهم، فيما هم منشغلون في حروب بقاء».

إذاً، هي حرب جديدة بالواسطة وصندوق بريد إقليمي، مثلما جاء على لسان مساعد هيئة الأركان العامة للقوات الايرانية العميد مسعود جزائري. فمَن يتابع الخط البياني للتصريحات السياسية الصادرة عن محور إيران، يعثر على خيطٍ جامعٍ يُفسِّر كثيراً من المواجهات المندلعة. وعروض التنسيق الإيرانية مع واشنطن مثلما عبَّر عنها بوضوح الرئيس الإيراني الاسبق هاشمي رفسنجاني، قد لا تبدو كافية حتى الآن لتغيير الأداء الاميركي.

لعبة عضّ الأصابع هي من الطرف الايراني الذي بات عالقاً في خيارات أحلاها مرّ. فلا الشراكة في العراق باتت صالحة، ولا التصعيد على الجبهات الأخرى كما يحصل في اليمن كافٍ لتغيير الحسابات، ولا بدء طلعات الطيران الحربي الإيراني أو السوري كافية لإعادة عقارب الساعة الى الوراء، فيما يقترب 20 تموز ولا أفقَ واضحاً لمصير المفاوضات النووية.

تبدو إيران اليوم وكأنّها تُركت وحيدة بعدما شرَعت روسيا في اعتماد سياسة النأي بالنفس، سواء من خلال موقفها المتفرج عملياً على التغييرات في حروب الإقليم، أو عبر امتناعها عن دعم المنشقّين في أوكرانيا مع توالي سقوط مدنهم الواحدة تلو الأخرى، بعدما لمَست حجم الأخطار فيما لو تصاعدت العقوبات الغربية عليها، أو من الإرتدادات المحتمَلة على الداخل الروسي نفسه.

هناك مَن يقول «إنّ تسارع وتيرة الإنغماس الإيراني المباشر في الحرب داخل العراق، قد يكون القشة التي ستقصم ظهر بعير سياساتها الاقليمية».

في المقابل، مَن قال إنّ الحرب بين «المسلمين» ليست أمراً مطلوباً، على الأقل لسنوات مقبلة حتى يحين أوان إعادة ترسيم الحدود؟