IMLebanon

عرسال.. جرح الوطن المفتوح!

تُمثِّل عرسال بخصوصيتها حراجة الوضع اللبناني، العالق بين الأحداث السورية وانعكاساتها المحلية، وغياب المعالجة الرسمية الحاسمة، لكل من تسوِّل له نفسه التلاعب بأمن واستقرار البلاد والعباد…

فالبلدة التي فتحت أبوابها لأشقائها النازحين، وتقاسمت لقمة العيش، الضئيلة أصلاً، معهم.. وتحمّلت شظف الحياة، في منطقة كانت مهمَّشة وباتت منكوبة.. كان عليها أن تواجِّه حصاراً ظالماً من ذوي القُربي من جهتين:

أهل الجوار في اللبوة والمحيط الذين يحاولون اتهام أهالي عرسال بممارسات هم منها براء، ثم المسلّحون القادمون من الجرود فجأة، للإصطدام مع الجيش، وتعريض البلدة لأخطار الدمار والتهجير.

إن عرسال بكل فاعلياتها، وضعت نفسها في أكثر من مرة تحت إمرة الجيش، وتحت سقف القانون.. وهو القانون الرسمي للدولة اللبنانية، وليس القوانين الإستنسابية للدويلات، بغضّ النظر عن مذاهبها وانتماءاتها! وشهداء المؤسسة العسكرية افتدوا الوطن تجنباً للفتن، وبالتالي لا يجوز أن تذهب دماؤهم هدراً عبر ممارسات غير مسؤولة تصبّ الزيت على النار وتعبث بالهدنة، وتعرِّض المفاوضات الرامية لحقن الدماء وبالتالي تعرِّض حياة العسكريين المختطفين للخطر، تحت نظر المؤسسة العسكرية ودون أن تُحرِّك ساكناً، وتضرب الفتنة في مهدها بيدٍ من حديد!

إن ما نجحت عرسال في تحقيقه من وحدة وطنية، قلّ نظيره في الفترة الأخيرة، حول دعم الجيش في حربه على الإرهاب، ودعم أهالي المنطقة في محنتهم، التي ابتدأت مع بدء الحرب في سوريا، مهدَّد بالضياع في لحظات نتيجة الاستفزازات غير المبرَّرة والتغاضي غير المفهوم عنها.. خاصة بعدما ثبت أن أهل السنّة والجماعة هم براء من الفكر التكفيري وممارساته الإرهابية..، والدول التي استرسل البعض في اتهامها بدعم هذه الجماعات.. كانت أول من دعم الجيش وبشكل فعلي لمكافحة الإرهاب ودرئه من لبنان إلى غير رجعة!

إن المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان، خاصة في ظل الشغور الرئاسي، والأزمات المعيشية والإقتصادية الخانقة، تتطلّب درجة كبيرة من الوعي وتوحيد الصف لتمريرها بأقل خسائر ممكنة، حيث لا بد من تضافر الجهود لمواجهة الفتن، في وطن محكوم بالتوافق والعيش المشترك!

إن عرسال لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في الوقوع ضحية الإعتداءات المتطرّفة إذا ما بقيت حدود الوطن مشرّعة في الإتجاهين.. واستمر تهميش المناطق الحدودية من قِبَل الدولة، في ظل الخدمات الموسمية ولا تزورها القوى الشرعية إلّا بعد وقوع الفأس بالرأس!

كل المناطق مهدَّدة لتتحوَّل إلى عرسال في حال استمرت الكيدية السياسية، وتُرك الشارع للإنفعالات الجامحة، وغاب الحوار الجدّي والمسؤول بين الأفرقاء، بغية التوصّل إلى الحلول الوسطى، كخطوة أولى في رحلة الألف ميل لتحرير الوطن من مواقف اللاعبين على ساحاته وإعادة اللُحمة بين أبنائه!