IMLebanon

عودة رئيس الإعتدال إلى الوطن

بعودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، يكون انقلاب العام 2011 الذي نفّذه المحور السوري ـ الإيراني، قد بدأ يستنفد عناصر اندفاعته الاولى، التي انطلقت مع محاولة تغيير موازين القوى، قبل إسقاط حكومة الحريري، وبعدها.

العودة فيها مخاطرة أمنية كبرى، لكنّ أسبابها تتصل بمعالجة انهيار كبير يتطلب وجودَ الحريري في مواجهة موجة الإرهاب والتطرّف التي أوجدها النظام السوري، والتي بدورها استولدت موجة إرهاب وعنف، توازي عنف النظام.

تخطّى الحريري الاغتيال السياسي الذي رتّبه حزب الله، بعد اسقاط حكومته، وها هو يعود حاجةً، لم تستطع الحكومة تلبيةَ كلّ متطلباتها وشروطها، نظراً لما أنتجه النظام السوري وحزب الله من ضرر في البيئة السنّية، التي تكاد تندفع في اتجاه الذهاب الى تأييد كلّ من يواجه هذا النظام، وكلّ مَن يقف في وجه مشروع إيران في لبنان والمنطقة.

يعود الحريري بعد محاولتَي اغتيال لمشروع الاعتدال، الاولى جسديّة وقد طاولت رفيق الحريري، والثانية سياسية، وقد طاولته شخصياً، فيما لا يزال خطر اغتياله الجسدي قائماً وماثلاً.

أمام الحريري العائد مسؤوليات جسام، البعض يعتبر أنّ إعادة الإمساك بالواقع السنّي تتطلّب جهداً ووقتاً. أسابيع وأشهر من عودة التواصل مع القاعدة الشعبية. تواصلٌ مباشر يُفترض أن يعيد التأكيد على المسار الصحيح لمشروع الحريري الملتزم «لبنان اولاً»، والذي يراهن على الدولة والمؤسسات، ووحده القادر على قطع الطريق أمام نشوء حزب الله سنّي، سيكون كما حزب الله الشيعي، خطوة نحو عسكرة مذهبية قد تتجاوز العرقنة والسورنة خطورة.

إغتيال رفيق الحريري كان الزلزال الذي هزّ وعيَ السنّة، فاغتيال أوّل زعيم مرجعي سنّي لبناني وعربي بهذا الحجم، أحدث الصدمةَ الاولى، التي أسست لأول احتكاك مذهبي، أُضيف الى ما كان يجري في العراق.

وقد أتت الأحداث اللاحقة لهذا الاغتيال، لتدلّ إلى أنّ مسلسلاً طويلاً قد بدأ، فاستُؤنفت الاغتيالات، وحوربت المحكمة الدولية، ونُفِّذ السابع من أيار، وأُسقطت حكومة سعد الحريري بعد الانقلاب على «اتفاق الدوحة»، وغاب الحريري لثلاث سنوات تحت وقع التهديدات الأمنية.

أما في المنطقة فقد كانت حرب مذهبية شارك فيها حزب الله الذي نجح والنظام السوري في تحويل الثورة جزئياً وجهاً اسلاميّاً عنفيّاً، تمّ استيراده الى عرسال وبعض مناطق الشمال، وكاد يفجّر لبنان من الداخل، واضعاً الاعتدال في حرب بين تطرّفين، كلّ منهما يسعى لقضم حصة في رقعة هذا الاعتدال. يصلح المخرج الذي حصل في أزمة عرسال لكي يكون نموذجاً منذ الآن في التعامل مع المفخّخات الناتجة عن الملف السوري، والنزاع المذهبي المتصاعد في المنطقة. ساهم الحريري في ترتيب هذا المَخرج وفق قاعدة واضحة.

إحتواء نتائج قتال حزب الله في سوريا لا يمرّ عبر الاصطدام بالمؤسسة العسكرية، بل بدعم هذه المؤسسة أيّاً كانت الصعوبات التي تواجهها، بسبب هذا القتال. النقاش حول الانتخابات الرئاسية سيبدأ فعلاً، لكن من دون توقّع اختراق من جراء تمسك حزب الله ببقاء العماد ميشال عون مرشحاً وحيداً، وتحت طائلة مقاطعة الجلسات.

في هذه المسألة سيكون الحريري ومعه فريق 14 آذار أكثرَ قوّة، في الضغط على الفريق الآخر، في اعتبار أنّ التسوية اذا ما قيّض لها أن تبدأ، فبالتأكيد من منطلق واحد وهو سحب ترشيح عون، والبحث في إسمٍ على قياس التسوية، وهذا ما لا يبدو متوافراً الى الآن.