IMLebanon

عودة عسيري بدفع للتوافق على الرئيس تفاهم حكومي مفاجئ يُنجز تعيينات المحافظين

إذا كانت عودة السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري الى بيروت امس بعد فترة غياب طويلة شكلت بالنسبة الى الاوساط الديبلوماسية والسياسية عنوانا بارزا للاحاطة السعودية بالوضع اللبناني على أبواب بلوغ الاستحقاق الرئاسي مرحلة حبس الانفاس في الاسابيع الثلاثة المتبقية من المهلة الدستورية، فان هذه العودة اكتسبت دلالات اضافية مهمة لتزامنها مع حركة ديبلوماسية غربية واسعة شهدتها بيروت وبدت معها وتيرة التخوف من تعطيل الانتخابات الرئاسية الى تصاعد.

ففيما استرعى الانتباه ان مجلس الوزراء حقق خطوة بارزة في اصدار تعيينات مفاجئة شملت خمسة محافظين جدد، عكست تفاهمات عريضة بين قوى اساسية في الحكومة ومررت التعيينات على رغم تحفظات عدة اثيرت خلال الجلسة، بدا الاتجاه معاكسا في المسار الرئاسي الذي تنذر مؤشراته بالانزلاق نحو الفراغ اذا استمرت المعطيات القائمة على حالها من الانسداد قبل ايام من موعد الجلسة الانتخابية الثالثة الاربعاء المقبل. ولعل ما استوقف المراقبين امس تصاعد الاصوات من جهات مختلفة محذرة من بلوغ الموعد “القاتل” من دون انتخاب رئيس جديد وهو الامر الذي فسر اندفاع السفراء الغربيين ولا سيما منهم السفير الاميركي ديفيد هيل وسفراء الاتحاد الاوروبي في حركة متزامنة وكثيفة في اتجاه عدد من المسؤولين. وكشفت معلومات لـ”النهار” ان وفد السفراء الاوروبيين برئاسة سفيرة الاتحاد انجيلينا ايخهورست حرص على استيضاح رئيس مجلس النواب نبيه بري جوانب قانونية ودستورية للاستحقاق الرئاسي. وصارح بري السفراء بقوله امامهم: “بدأت اخاف واخشى على مصير الاستحقاق مع اقتراب انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في 25 ايار الجاري”.

وبرز في هذا السياق تشديد كل من السفيرين الاميركي والسعودي على عدم تدخل اي دولة في الاستحقاق الرئاسي وحضهما اللبنانيين على انجاز الانتخابات الرئاسية في موعدها. وقد اعلن السفير هيل من عين التينة ان “دورنا هو العمل على مساعدة اللبنانيين في حماية هذه العملية الانتخابية بحيث ينتخب اللبنانيون رئيسا لبنانيا في الوقت المحدد وليس لدينا اي دور في اختيار مرشح ولا ينبغي ذلك لأي قوة اجنبية اخرى”. وافادت معلومات ان السفير هيل سيزور السعودية في الساعات المقبلة.

أما السفير عسيري، فشدد بدوره على ان “المملكة لم ولن تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني وانا اقول ان اللبنانيين هم من يختارون رئيسهم وهم قادرون على ذلك”. بيد انه لفت الى “ان ما نعمل عليه هو ان يكون هناك توافق بين جميع القوى اللبنانية السياسية في ظل الفترة المتبقية بعيدا من الفراغ”. أما عن عودة الرعايا الخليجيين الى لبنان، فقال “ان لدينا أملاً وثقة في ان الوضع الامني في لبنان سيتحسن وما من شك في ان الخطة الامنية ستثبت مدى قدرة الحكومة على ترسيخ الامن والاستقرار في لبنان”.

وعلمت “النهار” من مصادر وزارية ان عودة السفير عسيري هدفها مواكبة الاستحقاق الرئاسي. وأوضحت ان هذه العودة ستكون موقتة لأن حكومة بلاده عيّنته في باكستان التي سبق له ان كان سفيرا لديها قبل تعيينه في لبنان. ويذكر ان السفير السعودي غادر لبنان قبل بضعة أشهر على خلفية الاوضاع الامنية في البلاد آنذاك.

وعلى صعيد المواقف السياسية من الاستحقاق، برز امس اعلان رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية استبعاده اتفاقا لبنانيا – لبنانيا على انتخاب رئيس جديد “خلال هذا الشهر”. وقال انه بحسب المعطيات التي لديه “لن تختلف جلسة انتخاب الرئيس المقبلة عن الجلسة الاخيرة”. واثار مسألة نصاب الجلسة معتبرا ان “من حق كل نائب عدم حضور أي جلسة وانه أبلغ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي انه لن يؤمن النصاب لانتخاب رئيس من الفريق الآخر”. واعتبر ان الرئيس سعد الحريري “ليس مع (رئيس حزب “القوات اللبنانية”) سمير جعجع ولا مع (العماد ميشال) عون بل مع رئيس ضعيف”. ورأى ان “هناك تهويلا على البطريرك من بعض الدول”.

مجلس الوزراء

على صعيد آخر، علمت “النهار” ان جلسة مجلس الوزراء امس والتي كان مقرراً عقدها في السرايا ثم نقلت الى قصر بعبداـ، كانت من اهم الجلسات في عهد الحكومة الحالية اذ استطاعت ان تنجز تعيينات للمحافظين وخصوصاً في محافظتي عكار وبعلبك – الهرمل والعالقة منذ ما بعد اتفاق الطائف في بداية التسعينات من القرن الماضي. وتبيّن ان جهدا اساسيا بذله وزير الداخلية نهاد المشنوق في هذا المجال أثمر تعيينات المحافظين اضافة الى قرار يتعلق بالموافقة على شق طريق الى بلدة الطفيل اللبنانية الواقعة داخل الاراضي السورية والتي رصدت لها سلفة خزينة من اجل الشروع في الأعمال التي ستنطلق خلال اسبوع. كما وافق مجلس الوزراء على تطويع 2500 عنصر في قوى الامن الداخلي تدريجاً من اجل دعم هذه القوى في مهماتها على كامل اراضي البلاد. في المقابل، سجل وزير العمل سجعان قزي ثم وزير الصحة وائل ابو فاعور تحفظا عن طرح تعيينات المحافظين من خارج جدول الاعمال، خصوصاً ان هذه المناصب لها دور مهم في القضايا الانتخابية والادارية، مع العلم ان لا اعتراض على اشخاص المحافظين الجدد وكفاياتهم، فتقرر قبول هذه التعيينات انطلاقا من مبدأ التضامن الوزاري على ان لا يتكرر الامر في التعيينات المقبلة. وفي الوقت نفسه عبّر وزير الزراعة حسين الحاج حسن عن سروره لانجاز تعيين محافظ في بعلبك – الهرمل بعد طول انتظار. ومن المعلوم انه بتعيين خمسة محافظين جدد يكون قد اكتمل نصاب هذه التعيينات بعدما تم تعيين محافظ للجنوب هو منصور ضو، الى استمرار محمود المولى في النبطية وانطوان سليمان في البقاع. مع الاشارة الى ان استقالة محافظ الشمال ناصيف قالوش والتي قبلها مجلس الوزراء لم تتم ولو بكلمة واحدة من وزير الداخلية كما فهم من مصادر وزارية مواكبة. كما يشار الى ان تعيين محافظ من الطائفة العلوية في بعلبك – الهرمل هو بشير خضر ومحافظ من طائفة اللاتين في عكار هو عماد لبكي هو الاول من نوعه على صعيد الاقليات فضلا عن ان هاتين المحافظتيّن هما على الحدود اللبنانية – السورية التي تعيش ظروفا بالغة الدقة. كما عين زياد شبيب محافظا لمدينة بيروت وفؤاد فليفل محافظا لجبل لبنان ورمزي نهرا محافظا للشمال. وجاءت تعيينات المحافظين مناصفة تقريبا بين قوى 14 آذار و8 آذار، فيما عين محافظ لبيروت قريب من المطران الياس عوده.

والتطور الآخر في قرارات مجلس الوزراء هو تزويد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس موقفا سيحمله اليوم الى مؤتمر اللاجئين السوريين في دول الجوار والذي سينعقد في عمان ويضم الى جانب لبنان وزراء من الاردن وتركيا والعراق ويقضي هذا الموقف بعدم قدرة لبنان على أن يستقبل بعد الآن مزيدا من هؤلاء اللاجئين لأن الامر تخطى طاقته في ظل تلكؤ المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته تجاه لبنان. لكن ذلك لن يؤدي الى تدبير باقفال الحدود في وجه اللاجئين.

الى ذلك، شهدت الجلسة توترا في المواقف بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزير الخارجية جبران باسيل على خلفية امور تتعلق بالانفاق في وزارة الاتصالات خلال ولاية الحكومة السابقة، وقد انضم الى السجال وزير السياحة ميشال فرعون مساندا موقف الوزير حرب. كما اثار وزير شؤون مجلس النواب محمد فنيش مسألة الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة في الجنوب وسانده الوزير قزي الذي طالب باللجوء الى الشكوى ضد اسرائيل في مجلس الامن. وتقرر في الجلسة رصد مبلغ 58 مليون دولار لمشاريع التحويلات على الاوتوستراد في جل الديب بعدما عهد في الامر الى لجنة برئاسة الرئيس تمام سلام وعضوية نائب رئيس الوزراء سمير مقبل والوزير قزي ووزير التربية الياس بو صعب.