IMLebanon

غزة.. بأطفالها

يبقى أطفال غزة في قلب الحدث، حيث تتمادى إسرائيل في وحشيتها وجرائمها، أمام رأي عام عالمي امتهن اللاعدالة أو سياسة الكيل بمكيالين وتزوير الوقائع، ومنظمات دولية قررت الاستقالة من وظائفها، وصم الآذان أمام صرخات الاستغاثة، التي يطلقها شعب أُعلنت حرب الإبادة عليه، لمجرد أنه قرّر التمسك بأرضه، ورفض الخضوع لعنجهية المحتل!

لقد بات من الواضح، أن الأطفال والأمهات في غزة هم الهدف الأساسي في هذه الحرب، لأنهم السلاح الاستراتيجي للفلسطينيين، وإسرائيل تحرص على إبقائهم في دائرة العنف والكره المفرغة، لدفعهم نحو المزيد من التطرّف، حتى تبرّر عدوانها وجرائمها، وتحافظ على صفة الضحية، تجاه مجتمع دولي ساذج، وأسير تأثيرات اللوبي الصهيوني.

أما المنظمات الإنسانية التي نصّبت نفسها حكماً، والتي تصنّف الدول بملتزمة أو غير ملتزمة بالقوانين الطبيعية لحقوق الإنسان، تقف اليوم في موقع المتفرّج أمام مجازر تُرتكب في حق طفولة اغتصبت أدنى حقوقها في الغذاء والطبابة، ناهيك عن الأمن والعلم وفسحة صغيرة من الفرح والسعادة، شأنها شأن أي طفولة في أي بلد آخر، مهما كان بدائياً ومتخلفاً.

أما المدافعون عن حقوق المرأة، فهم اليوم بُكم أمام بشاعة ما يحصل مع الأم الفلسطينية، والتي ذنبها الأكبر أنها تلد «الثعابين الفلسطينية الصغيرة» كما وصفت ايليت شاكير النائب في الكنيست اليهودي.

وما عجز فكر شاكير وما تمثله من تطرّف يهودي ضيّق ومجرم من استيعابه، أن هذه «الثعابين» هي صاحبة الحق في هذه الأرض المقدسة، وإذا ما كتب لهذه المنطقة السلام في يوم ما، سوف تكون شريك السلم، وبالتالي لا بدّ من وضع حدّ لحمام الدم الذي لن يؤدي إلا للمزيد من التطرف والعنف.

أطفال غزة.. لو كانوا في غير غزة.. لقامت الدنيا ولم تقعد، ولانهالت العقوبات، وتحرّكت الجيوش «لوضع حدّ لجرائم الأنظمة الطاغية»، كما حصل في العراق وليبيا.. ولتحرّكت المنظمات الدولية دفاعاً عن حقوق الإنسان والطفولة المغتصبة!! ولكن لسوء حظ هذا الشعب الصامد، أنه ينتمي لأمة حكمت العالم آلاف السنين، ثم انسحبت واستسلمت للعجز والسلبية.. وينتمي لدين علم الإنسان العدل والرحمة من جهة، والقوة والعزم في سبيل الحق.. إلا أن القيّمين على هذه الأمة وهذا الدين باتوا أعجز من ممارسة أية ضغوطات وصار الاستنكار والإدانة أقصى ما يمكن التوصّل إليه.

إن ذنب هذه الطفولة أنها عربية مسلمة لن تجد من ينصرها، وأنها نواة مستقبل الشعب الفلسطيني، فلن تجد من يدافع عنها، فهل المطلوب المزيد من الجرائم البشعة ضد أطفال غزة حتى يتحرّك المجتمع الدولي، ويضع حداً لهذه المأساة؟