IMLebanon

«قدّيس ناطرينك» البابا يوحنا بولس الثاني يعود الى لبنان عبر ذخيرة دمه الحيّ لأربعة أيّام

«قدّيس ناطرينك» البابا يوحنا بولس الثاني يعود الى لبنان عبر ذخيرة دمه الحيّ لأربعة أيّام

الأب حدّاد: ميزة الذخيرة أنّها قارورة دمّ حيّ من خمس قارورات في العالم.. والأهمّ أن نعيش خبرة البابا القديس وأن نُحافظ على وصيّته «لبنان ــ الرسالة»

بالحماسة والشغف نفسيهما يوم استقبلناك أيها البابا الأبيض، بابا السلام، منذ 17 عاماً، آتياً الينا من الفاتيكان تجرّ خطاك المثقلة بالمرض والوهن لتعطينا الرجاء وتسلّمنا الإرشاد الرسولي المنبثق عن السينودس «رجاء جديد من أجل لبنان» لنتصالح ونتشارك الحياة.. نستقبل ذخيرة دمك الحيّ التي تجوب العالم اليوم، والتي تصل الى لبنان البلد الأحبّ على قلبك، والذي طالما عرفت أبناءه في أي بلد تبعوك اليه من خلال تعبيرهم لك عن حبّهم مع كلّ لقاء بالعبارة الشهيرة:

كأول بلد يحتضنها بعد تقديسك.. ولو لأربعة أيام فقط. John-Paul 2 we love you

«قدّيس.. ناطرينك» هذه المرة، بعد أن طوّبناك قديساً خلال زيارتك التاريخية للبنان يومي 10 و11 أيار من العام 1997، ننتظر ذخيرة دمك الحيّ، ليس لتصنع لنا العجائب، بل لكي تقرّبنا أكثر فأكثر من يسوع المسيح ولكي تُشعرنا بوجودك الدائم في حياتنا من خلال خبرة حياتك التي عرفت فيها المصاعب والآلام وتحمّلت مشيئة الله، كما المصلوب.. تعود عبر ذخائرك الى لبنان من 16 الى 19 أيار الجاري لتعيد السلام والأمان لهذا البلد، ولتُظهر وجهه الحقيقي القائم على التعايش بين أبناء طوائفه الـ 18 الذي يختلفون ويتصارعون ثم يعودون ليلتئموا ويتعايشوا..

برعاية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، سيشهد لبنان أربعة أيام من تاريخه، أيام ملؤها السلام والمحبة والمصالحة والرجاء نسير خلالها على خطى البابا القديس، لأنّنا كلّنا مدعوون..

التحضيرات لاستقبال ذخائر البابا يوحنا بولس الثاني تجري على قدم وساق في الصرح البطريركي، كما في بازيليك سيدة الأيقونة العجائبية في الأشرفية احتفالاً بهذا الحدث الذي يُتوقّع أن يحضره آلاف المؤمنين من المناطق اللبنانية كافة.. فالاستعدادات الخارجية واللوجيستية أصبحت جاهزة من بروشورات وصور البابا القديس المرفقة بذخيرة من ثوبه الأبيض التي سيحصل عليها كلّ الزوّار، الى المنصة التي سوف يُحمل عليها تمثال القديس خلال التطواف، الى التراتيل التي كُتبت وسجّلت خصيصاً لهذه المناسبة.. حتى أنّ المواقف والباصات باتت مؤمنة لاستقبال المؤمنين من المناطق كافة للحضور والمشاركة في برنامج الزيارة.. يبقى الاستعداد الداخلي والروحي، فما الذي تعنيه زيارة هذه الذخيرة، وما هي التغييرات التي ستحدثها في حياة كلّ منا؟!

تكمن أهمية هذا الحدث، على ما يقول الرئيس الإقليمي للآباء اللعازاريين الأب زياد حدّاد، في أنّ من يزوره هو شخص أحبّ لبنان كثيراً هو البابا يوحنا بولس الثاني، والذي بادله اللبنانيون هذا الحب الكبير. وأمام هذا الحدث لا يجب أن نتوقّف عند الظاهر بل علينا الغوص في المضمون، فقد أعطى البابا القديس للبنان أكثر ممّا أعطى لبلده بولونيا، وبرزت هذه الأهمية في «الإرشاد الرسولي» الذي خصّصه له، ومن خلال زيارته التاريخية التي زار عبرها كلّ اللبنانيين، ودعانا للحفاظ على لبنان كبلد الرسالة، أي رسالة العيش المشترك والسلام.

وأمل أن تذكّرنا هذه الزيارة بكلّ ما عشناه مع البابا يوحنا بولس الثاني وأن نحوّل هذه الأمور الى آنية لنعيشها اليوم في حياتنا. فالبابا الذي أحبّ لبنان يعود ثانية ليسألنا، ما الذي فعلناه بالإرشاد الرسولي وكيف نعيشه، وكيف نطبّق «لبنان- الرسالة» الذي طلب من خلاله أن يعيش المسلمون والمسيحيون معاً في هذا البلد.

} لبنان أول بلد بعد التقديس }

وعن ميزة هذه الذخيرة التي تزور لبنان في الأيام المقبلة، أوضح الأب حدّاد الذي يعقد اليوم مؤتمراً صحافياً في المركز الكاثوليكي للإعلام للإعلان عن تفاصيل هذا الحدث: «في لبنان أصبح هناك ذخائر كثيرة للبابا يوحنا بولس الثاني، وليس من ذخيرة أهمّ من الأخرى بالطبع، ولكن ميزة هذه الذخيرة هي أنّها عبارة عن «قارورة دمّ سائل»، ليس بعمل عجائبي، غير أنّه تمّ الحفاظ على الدم سائلاً. وهي واحدة من خمس قارورات في العالم: الأولى، موجودة في الفاتيكان صُمدت في يوم تقديس البابا، والثانية موجودة في كراكوفيا في بولونيا حيث كان البابا كاردينالاً، والثالثة تجوب البلدان التي يُعقد فيها سنوياً لقاء الشبيبة العالمي، والرابعة يحتفظ بها طالب دعوى تطويب وتقديس يوحنا بولس الثاني المحترم سلافومير أودير، والخامسة هي هذه التي تجوب العالم، وتزور لبنان كأول بلد يستضيفها بعد تقديس البابا.

وقال إنّ ثمّة محطات أربع تميّز زيارة ذخائر البابا القديس الى لبنان، هي:

1- اليوم الأول في 16 أيار الجاري (أي غداً الجمعة) مخصّص لاستقبال ذخائر القديس في كاتدرائية مار جرجس للموارنة من قبل راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر الذي يترأس صلاة المساء، لينطلق بعدها المؤمنون بمسيرة تطواف حاملين الشموع والمشاعل نحو ساحة ساسين، وصولاً الى بازيليك سيدة الأيقونة العجائبية حيث يحتفل بالقداس الإلهي مطران اللاتين في لبنان بولس دحدح.

2- يُخصّص اليوم الثاني في 17 أيار الجاري للمرضى، وتفتح بازيليك سيدة الايقونة العجائبية أبوابها من السابعة صباحاً حتى الثانية عشرة من بعد منتصف الليل أمام المؤمنين للتبرّك من ذخيرة القديس يوحنا بولس الثاني، التي تُصمد في وسط البازيليك. وتُقام الذبيحة الالهية السادسة مساء أمام مغارة لورد في حديقة البازيليك على نيّة شفاء المرضى. وفي هذا اليوم نصلّي لكلّ المرضى بشكل عام لكي يتعلّموا من خبرة البابا يوحنا بولس الثاني مع الألم والمرض، وكيف عاش حبّ المسيح إذ حمل آلامه ومجّد الرب حتى أيامه الأخيرة التي بات عاجزاً فيها حتى عن الكلام. نصلّي لشفاء مرضانا لكي يبقى الرجاء في حياتهم رغم مرضهم وأوجاعهم.

3- اليوم الثالث في 18 أيار الجاري، سينعم شبيبة لبنان بلقاء مع يوحنا بولس الثاني يوم عيد مولده، كونهم غاليين جداً على قلبه. لهذا تمّ تخصيص هذا اليوم لهم، لأنّنا نعلم المكانة التي يحتفظ فيها البابا القديس بقلبه للشبيبة. تحدّث خلال حياته عن «كنيسة الشباب»، فهي من دونهم تبدو «جامدة»، لأنّهم يعطونها الأمل والمستقبل والأنجلة الجديدة (أي التبشير الجديد). لقد قال لهم: «لا تخافوا، شرّعوا الأبواب ليسوع المسيح». وسيحتفل بقداس الشبيبة السادسة من مساء الأحد في إحدى باحات البازيليك.

4- اليوم الرابع في 19 أيار الجاري يُشكّل المحطة الأخيرة والختامية للذخيرة خلال زيارتها للبنان. وهو مخصّص لـ «الصلاة من أجل لبنان»، وللدعوات الشخصية للرسميين والروحيين ورؤساء الطوائف كافة، فضلاً عن مشاركة جمعيات أهلية ومدنية تتعاطى الشأن الإسلامي- المسيحي، والعمل الاجتماعي للقاء الإسلامي- المسيحي. وبالنسبة للبرنامج، فإنّ الذخيرة ستستقبل عند الرابعة من بعد الظهر في كنيسة الصرح البطريركي، ويحتفل بالصلاة برئاسة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. يليها عند الخامسة والنصف لقاء روحي وطني، إسلامي – مسيحي في بكركي، في حضور الراعي ورعايته الحدث، يُلقي خلاله رؤساء الطوائف كلمات. أمّا فكرة عقد هذا اللقاء فقد انطلقت من أنّ يوحنا بولس الثاني جاء الى لبنان ليس فقط من أجل المسيحيين، بل من أجل كلّ اللبنانيين، ولهذا كان لا بدّ من أن نستذكر معاً، مسلمون ومسيحيون، وصية البابا القديس: لبنان الرسالة. وقد تمّ تنسيقه مع اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي- المسيحي في لبنان، وبالتعاون مع مؤسسة «أديان»، المشكورة لمساهمتها في تحضير هذا الحدث.

ووجّه الأب حدّاد دعوة لكلّ اللبنانيين للمشاركة بهذا الحدث، مشيراً الى أنّ ثمّة مئات المتطوّعين من بازيليك سيدة الأيقونة العجائبية، الى الـ «سكوت» في الكنيسة التابعين لمعهد القديس يوسف عينطورة للآباء اللعازاريين يساهمون في التحضير لهذا الحدث، وفي تنظيمه خلال الأيام المقبلة ليتسنّى للجميع الصلاة والاحتفال والتبارك من الذخائر. ولفت الى أنّ كلّ المؤمنين الذين يودّون المشاركة في هذا الحدث يمكنهم المجيء بسياراتهم الى الـ «فوروم دو بيروت» حيث بإمكانهم ركن سياراتهم في الموقف، وستكون الباصات المخصّصة لنقلهم الى مكان الاحتفالات جاهزة لتقلّهم ذهاباً وإياباً بدءاً من الساعة الثانية من بعد ظهر الى حين انتهاء الاحتفالات الثانية عشرة ليلاً من كلّ يوم. علماً أنّ الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب سيواكب تفاصيل هذا الحدث يوماً بيوم.

وذكّر بأنّه بعد انتهاء الصلاة واللقاء الروحي في بكركي، ستغادر الذخيرة لبنان لتزور بلد آخر من بلدان العالم. وطلب من المؤمنين أن يجعلوا من أيام الحدث وقت صلاة ولقاء الإنسان بأخيه الإنسان، و«أن نجدّد حياتنا بفضل دعوة هذا البابا القديس الذي يأتي اليوم ليدعونا، كما فعل يسوع المسيح عندما أحبّه ودعاه وغيّر له حياته».