IMLebanon

كيري: زيارة طارئة لنقل رسالة دعم لحكومة سلام

كيري: زيارة طارئة لنقل رسالة دعم لحكومة سلام

رئيس مجلس الوزراء لباسيل: صبور ولكنني واضح وحازم في تطبيق الدستور

وسط اجراءات وترتيبات امنية ولوجستية بالغة السرية، وانحصرت معلوماتها بقلة من الرسميين والامنيين والدبلوماسيين، يمضي وزير الخارجية الاميركي جون جيري، خمس ساعات في بيروت اليوم، وستكون المحطة الاساسية في السراي الكبير، حيث يعقد كيري محادثات مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، ناقلاً اليه رسالة دعم اميركي غير محدود، للدور الذي تضطلع به حكومته، سواء في مهامها الاصلية، ام الصلاحيات التي انتقلت اليها وكالة، بعد خلو سدة الرئاسة الاولى، لعلة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلفاً للرئيس ميشال سليمان، الذي تلقى بدوره اتصالاً من ناظر الخارجية الاميركية أثنى خلاله على دوره في ادارة البلاد، سواء على صعيد «اعلان بعبدا» او سياسة النأي بالنفس، او احتضان العدد الاكبر من النازحين السوريين.

ولم يشأ الرئيس سلام الحديث عن الزيارة، عندما سئل عنها من قبل الوزراء، في جلسة مجلس الوزراء مساء امس، مكتفياً بالقول «ليس لديه فكرة عنها»، إلا ان مصادر دبلوماسية مطلعة اكدت لـ«اللواء» ان الزيارة تقررت على عجل، نظراً لارتباطها بالجولة التي يزمع القيام بها بعد اعلان الحكومة الفلسطينية التي قررت الادارة الاميركية التعامل معها، وتقديم ما يلزم لها من مساعدات مالية، واجراء الانتخابات السورية التي اعادت انتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية ثالثة، في ظل قلق اميركي وغربي من ان يكون لهذا التطور انعكاسات سلبية على لبنان، لا سيما فيما خص الاستحقاق الرئاسي التي تفاوض طهران ان يكون لدمشق دور فيه، بعد اعادة انتخاب الاسد.

وما يؤكد ان زيارة كيري أُعدت على عجل، انه لم يجر التنسيق حولها مع وزارة الخارجية اللبنانية، وان الوزير جبران باسيل غادر مساء امس الى الصين، وانه لن يتسنى له لقاء كيري، ما يعني ان الزيارة سياسية وليست دبلوماسية.

ووفقاً لمصدر دبلوماسي مطلع، فإن الزيارة تعني ان لبنان ما زال ضمن اولويات الادارة الاميركية، على قاعدة استمرار الاستقرار والثبات على السياسة التي رسمها الرئيس سليمان، وعدم حدوث اي خلل في التوازن الداخلي، ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وزيارة كيري هي الأولى لمسؤول أميركي رفيع، بعد شغور منصب الرئاسة الأولى، والثانية لمسؤول دولي، وبالتزامن مع المشاريع التي نقلها إلى بيروت رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، والتي من شأنها ان توفّر فرصاً للتنمية، وإعادة تأهيل البنية التحتية بما فيها الكهرباء، وتحت عنوان «منع الاقتصاد اللبناني من الانهيار»، في ضوء الأعباء الهائلة التي ترتبت على استضافة مليون و200 ألف نازح سوري، وهو ما تبلغه صراحة من الرئيس سلام بأن لبنان «يعلن عجزه عن تلبية احتياجات هذا النزوح الذي تسبب في تنامي مستويات الفقر في لبنان، وارهاق شبكات المياه والكهرباء، ورفع عجز الخزينة اللبنانية التي تعاني اساساً من إنهاك بسبب الأزمات السياسية المتلاحقة منذ العام 2005، ولا سيما بعد العام 2011، حيث اندلعت الأزمة السورية، وتسببت شللاً بالنشاط الاقتصادي ضرب كل القطاعات.

اما كيم، الذي زار مركزاً للخدمات الإنمائية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في برج حمود، بعد لقاء وزير المال علي حسن خليل في مكتبه في الوزارة، فقد أكّد من جهته التزام المؤسسة الدولية مساندة لبنان في قضية النازحين السوريين، مشبهاً وضع النازحين في لبنان وكأن المكسيك كلّه موجود على حدود الولايات المتحدة الأميركية، وتم تقبله واندمج في المجتمع، وهذا ما قام به لبنان، وأثبت ذلك للمنطقة والعالم باستقباله للنازحين السوريين. وإذ أبدى تأثره بما قدمه لبنان على المستوى الإنساني، ناشد الجميع المبادرة الى تقديم الهبات للبنان من كل انحاء العالم لمساندته في المحافظة على هذا المجهود، مؤكداً أن لبنان هو على الطريق الصحيح للنمو والتطور، لأنه يستحق هذا الأمر».

مجلس الوزراء

 وعلى صعيد جلسة مجلس الوزراء، لم يتحدد موعد جديد للجلسة الثالثة، وغاب جدول الاعمال عن مسرح الاهتمام الحكومي للمرة الثانية على التوالي.

وعلى الرغم من الكلام الدبلوماسي المنمق لوزير الإعلام رمزي جريج بأن الحكومة متمسكة بالتوافق باتخاذ قرار لملء الشغور الرئاسي، تبين أن الجلسة انفضت على «زغل»، وأن بطل المساجلة الوزير باسيل الذي غادر الجلسة قبل انتهائها بداعي السفر، سمع كلاماً حاسماً من عدد من الوزراء، وفق الرئيس سلام بالذات الذي قال له: «أنا صبور وصبور كثيراً، لكنني انا واضح أيضاً، وسأتمسك بتطبيق الدستور وفقاً لنصوصه ووفقاً للأعراف المعمول بها».

وجاء كلام الرئيس سلام هذا تعقيباً على السجال الذي حصل بين باسيل وأحد الوزراء، حيث شدد وزير الخارجية على أهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فردّ عليه أحد الوزراء (الذي تحفظت المصادر عن ذكر اسمه) قائلاً: «هل تعتقد أن مجلس الوزراء هو المسؤول عن عدم إجراء انتخابات رئاسية.. اتفقوا على رئيس ونحن جاهزون، لكننا لن نقبل بشل مجلس الوزراء، وبالتالي شل عمل الدولة ومصالح المواطنين».

وإذا كان مجلس الوزراء قد أخفق في جلسته الثانية في التوصل الى اتفاق حول آلية عمله في ظل الشغور الرئالسي، وأرجئت هذه الجلسة الى جلسة ثالثة لم يحدد موعدها بعد، على أن  تكون في منتصف الأسبوع المقبل، فإن مصادر وزارية توقعت أن تكون الجلسة الثالثة حاسمة لناحية الاتفاق على الآلية المتوقفة عند مسألة التوقيع على القرارات والمراسيم الحكومية، وهل تكون بالإجماع أو بالأكثرية، و«ساعتذاك يتبيّن ما إذا كان وراء الأكمة ما ورائها»، على حد تعبير وزير العدل اللواء أشرف ريفي، الذي لاحظ بأن هناك فريقاً سياسياً «يتدلّع» زيادة عن اللزوم، فيما المطلوب الترفّع عن الدلع واعتماد المصلحة الوطنية.

وعلى عكس جو التفاؤل الذي ساد لدى دخولهم الجلسة، فقد خرج الوزراء متحدثين عن وجود شكوك بأن هناك فريقاً يعمد الى المماطلة، ولا يريد أن يبتّ الأمور، وتحدث أحد الوزراء غامزاً من قناة العزف على وتر الحوار بين «التيار العوني» وتيار «المستقبل»، مشيراً الى وجود أمور تجري خارج مجلس الوزراء لا تقود حتى اللحظة الى تسوية، لكنها لم تبلغ حد تفجير الحكومة.

وكان اللافت توافق أكثرية الوزراء بأن ظاهر الأمور هي اجتهادات دستورية وقانونية، ولكن في الباطن هي سياسية، ما دفع أحد الوزراء للقول: «الآلية بحاجة الى برمة العروس عند السياسيين وبعد يتم  التوافق أو عدمه، على غرار ما حصل في جلسات إعداد البيان الوزاري».

ولفتت مصادر وزارية الى أن الرئيس سلام لم يكن راضياً عن مسار الأمور بهذه الطريقة في مجلس الوزراء، وهو لم يخفِ انزعاجه من عدم توصل الوزراء الى توافق على آلية عمل الحكومة، وكان وضع الوزراء في بداية الجلسة أمام مسؤولياتهم، داعياً إياهم الى التفاهم على طرح يقرّ في الجلسة المقبلة كمهلة أخيرة وإلا اللجوء الى التصويت.

وقالت المصادر إن الرئيس سلام لم يكتف بإبداء الانزعاج بل هو نبّه من مخاطر التعاطي، مؤكداً ان المسألة ليست مسألة آلية، بقدر ما هي مسألة نيات ومزايدات تنتهي الى تعطيل البلاد تحت ذريعة الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية.

وكشف المصدر الوزاري ان نقطة التباين الاساسية تكمن في مسألة التصويت، ففي وقت طرح الرئيس سلام التوافق اصر وزراء 8 آذار على الاجماع، من خلال اعتماد توقيع 24 وزيراً على المرسوم، بينما طرح وزراء 14 آذار اكثر من فكرة من بينها اعتماد الثلثين في التوقيع على المراسيم، رافضين مسألة توقيع 24 وزيراً، تخوفاً من ان تؤدي هذه الآلية الى تعطيل عمل الحكومة، خصوصاً بالنسبة الى القرارات التي تتخذ بالنصف زائداً واحداً او حتى بأكثرية الثلثين، علماً ان السير بهذه الآلية يعني أن وزيراً واحداً قادراً على تعطيل الحكومة وتعطيل عملها.

وأوضح المصدر انه إزاء اصرار بعض الوزراء على تضمين المراسيم توقيع كل الوزراء، اعتبر الرئيس سلام ان الأمور في هذا السياق غير ناضجة، فطلب تأجيل بحث هذه الآلية إلى الأسبوع المقبل، تاركاً لنفسه أمر تحديد موعد الجلسة، باعتبار ذلك من صلاحياته.

السلسلة

 وعلى صعيد آخر، توقعت مصادر مطلعة، ان تستأنف اليوم الاتصالات بصورة جدية، بخصوص موضوع سلسلة الرتب والرواتب، بعدما استأنف الرئيس نبيه بري نشاطاته السياسية، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى جلسة العاشر من حزيران التي دعا إليها الرئيس بري لإقرار السلسلة، لمعرفة مسار الأمور على هذا الصعيد، وطبيعة الموقف الذي سيأخذه النواب من هذا الموضوع، وما اذا كانت ممكناً إقرار السلسلة في هذه الجلسة، اذا ما قيض للاتصالات الجارية ان تسلك طريقها نحو الخاتمة السعيدة، في حال قرر النواب المسيحيون المشاركة في الجلسة المذكورة في ظل الشغور الرئاسي.

وفيما أكد عضو اللجنة النيابية التي كلفت بحث موضوع السلسلة النائب جمال الجراح لـ«اللــواء» ان هناك اجتماعات تحصل بين أعضاء اللجنة بعيداً من الإعلام، آملاً في التوصل إلى صيغة مقبولة من الجميع قد تسمح باقرار السلسلة في الجلسة المقبلة. أشارت مصادر نيابية الی استمرار وجود تباينات في وجهات النظر بين الكتل النيابية، الأمر الذي من شأنه أن يؤخر التوافق على إقرارها. لكن اللافت علی هذا الصعيد إعلان أمين سر تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان، ان التكتل يعتبر موضوع السلسلة من التشريعات الاستثنائية التي ترتبط بمصلحة الدولة العليا، على غرار قانون الانتخاب، بما يؤشر إلى احتمال ان يعدل التكتل عن المقاطعة المسيحية لجلسات التشريع في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية إنطلاقاً من اعتقاده ان موضوع السلسلة يؤمن استقراراً اجتماعياً وسياسياً، على حد تعبير كنعان الذي شدد على وجوب حسم هذا الملف، وانه لم يعد جائزاً أن يبقى في دائرة المراوحة.

ورأت المصادر النيابية انه حتى موعد حزيران، فإنه يمكن للاتصالات الجارية أن تخرج بحل شريطة أن يصار إلى تعديل ارقام السلسلة، خلافاً لما تطالب به هيئة التنسيق النقابية، وبما يتناسب مع الوضع الاقتصادي للدولة، وحرصاً على عدم حصول انهيار اقتصادي تبدو ملامحه في الأفق في حال جرى اقرار السلسلة استناداً إلى ما تطالب به هيئة التنسيق.