IMLebanon

لا تصحيح ولا إفادات… والطلاب رهينة الـ«لاقرار»

«الطاسة ضايعة»… كلمتان تختصران حتى الآن مصير نتائج الامتحانات الرسمية التي أجراها نحو مئة ألف مرشّح بين الشهادة المتوسطة والثانوية العامة. فبعد السجال التربوي الذي أثاره طرح إمكانية تبنّي وزارة التربية خيارَ إعطاء الإفادات، جاءت خلاصة اجتماع وزير التربية الياس بوصعب مع هيئة التنسيق النقابية، «لا تصحيح ولا إفادات» لتزيدَ الطين بلّة، وتعمّق حالَ الضياع في صفوف الطلّاب والأهالي والإدارات.

من دون لافتات ولا يافطات، إنّما بشمسية أو جريدة لاتّقاء حرارة آب اللهّاب، منذ الساعة الثامنة اعتصَم عدد من الأساتذة أمام مبنى وزارة التربية إلى جانب هيئة التنسيق النقابية، بالتزامن مع الدعوة التي وجّهها وزير التربية الياس بو صعب إلى وضع أسُس التصحيح.

كاد يمرّ الاعتصام من دون «ضربة كف» لولا الهرج والمرج الصباحي، نتيجة احتكاك بين المعتصمين، لدى محاولة ثني مَن رغب في الدخول إلى الوزارة للمشاركة بوضع أسُس التصحيح.

الأستاذ علي وهو يدرّس مادة التاريخ في إحدى ثانويات صور، أوضحَ لـ«الجمهورية»، قبل أن يدخل إلى الوزارة، خلفيّة نيّة بعض الأساتذة بالعودة عن قرار مقاطعة التصحيح، قائلاً: «هيدول ولادنا»… لا يمكن أن نتركهم في منتصف الطريق، وعلى هيئة التنسيق التخفيف من سقف مطالبها نظراً إلى أنّ الأفق السياسي مسدود».

لم تكد تمضي ساعة على دخول علي المبنى، حتى خرج ومعه 3 أساتذة لينضمّوا إلى الإعلاميين الذين وقفوا ينتظرون ما قد يصدر عن اجتماع هيئة التنسيق مع بوصعب. وردّاً على سؤالنا: هل انتهيتم من وضع أسُس التصحيح؟ جاء الجواب: «طُلِب منا التريّث وعدم المضيّ قدُماً بانتظار ما قد يثمر عن اجتماع هيئة التنسيق».

إلى ما بعد «إنتقال العذراء»

إثر انتهاء الاجتماع، عقد بو صعب مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع الهيئة أمام مدخل الوزارة، أكّد فيه «أنّه أوقفَ عملية وضع أسُس التصحيح بناءً لرغبة هيئة التنسيق ولكي لا يتمّ شقّ الصف التربوي النقابي»، كذلك استجابَ لرغبة الهيئة «بتأجيل تنفيذ القرار بإعطاء الإفادات إلى ما بعد عطلة عيد انتقال السيّدة العذراء، إفساحاً في المجال لمروَحةٍ من الإتصالات مع المرجعيات السياسية الأساسية، لعقدِ جلسة نيابية من أجل إقرار حقوق المعلمين».

وأوضحَ الوزير أنّ «ما حدث من مشاكل حول الوزارة لم يكن مخطّطاً له وأنّ القوى الأمنية تقوم بدورها حتى آخر لحظة، ولو حدثت أخطاء فهي طبيعية». وأكّد أنّه «سيواكب الهيئة في جولتها»، آملاً «أن لا نصل في النهاية إلى تطبيق قرار الإفادات بل إلى إقرار الحقوق».

غريب

وتحدّث عضو هيئة التنسيق النقابية حنّا غريب قائلاً: «طلبنا من الوزير وقفَ أسُس التصحيح والإفادات، وقد تجاوب معنا، وهذه نقطة مهمّة، ونحن ذاهبون إلى رفع الصوت ابتداءً من الغد (اليوم)». ودعا غريب «الجميع للزحف غداً (اليوم) إلى ساحة رياض الصلح من أجل المطالبة بعقد جلسة للمجلس النيابي دفاعاً عن الحقوق ولإقرار السلسلة. وسنقوم باتصالات مع المعنيين والمرجعيات السياسية للوصول إلى هذا الهدف».

المهني والتقني

بموازاة ذلك، اعتصمَ موظفو الإدارة العامة وبعض أساتذة الملاك في التعليم المهني والتقني في حضور بعض رؤساء اللجان، أمام مبنى المديرية العامة للتعليم المهني والتقني في الدكوانة وسط وجود تدابير أمنية مكثّفة.

في هذا الإطار، أكّد رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر أنّهم «أكثر الناس حرصاً على الشهادة وعلى التربية في لبنان، ولذلك اعتمدنا مقاطعة التصحيح، وعلى جميع المواطنين أن يعلموا أنّها أتت بعد قرار مقاطعتنا لإجراء الامتحانات الرسمية، وبعد عودتنا عن قرار عدم إجراء الامتحانات بتعهّد من الوزير بو صعب والحاضرين معه بأنّ السلسلة ستُقر قبل الوصول إلى التصحيح».

بدوره، أكّد رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني إيلي خليفة، مقاطعتَهم التصحيح، قائلاً: «إنّ الجمعيات العمومية التي جرت بالأمس لم تأتِ من الفلك أو المرّيخ، إنّها جمعيات عمومية للأساتذة، فمن يُصحّح هم الأساتذة، ومن قرّر عدم التصحيح هم الأساتذة، وهم الذين سيُعرضون عن المجيء للتصحيح».

والنتيجة؟

ومساءً، عقدت هيئة التنسيق النقابية اجتماعاً في مقرّ رابطة معلّمي التعليم الأساسي الرسمي، قوّمَت خلاله نتائج تحرّكاتها. ودعت في بيان بوصعب «إلى اجتراح الحلول التربوية، والابتعاد نهائياً عن أيّ حلّ غير تربوي، كحَلّ الإفادات».

وطالبَت الهيئة «رؤساءَ الكتل النيابية جميعاً بالنزول إلى المجلس النيابي لاستكمال درس السلسلة وإقرارها»، داعيةً إلى «المشاركة الكثيفة» في الاعتصام عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، على أن تبقي «اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة الاتصالات واللقاءات مع المعنيين ولاتّخاذ ما يلزم من قرارات في ضوئها».

وليلاً أكّد نقيب المعلمين نعمة محفوض لـ«الجمهورية»، «أنّ المساعي تتواصل لترتيب لقاء مع الرئيس سعد الحريري، بعدما اتّصل بوصعب بالنائب بهية الحريري، كذلك نُعدّ لزيارة رئيس مجلس النواب نبيه برّي خصوصاً أنه لم يُبدِ أيَّ اعتراض في استقبالنا»، كاشفاً في الوقت عينه، عن رغبة الهيئة «في الاجتماع قريباً مع رئيس حزب التقدّمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، إذا أمكن، نظراً إلى دور الوساطة التي يمكن أن يؤدّيها، على أمل أن تقودنا الاتصالات إلى حلّ ينهي الأزمة».

«الله يبورد قلب معاليه»

– بعد معاناة الصحافيين مع العطش ومنعِهم من الدخول إلى حرم وزارة التربية، قبل خروج الوزير بوصعب وهيئة التنسيق، تمّ توزيع عبوات من المياه عليهم… الأمر الذي أثارَ جملةً من التعليقات بين الحاضرين: «الله يبورد قلب معاليه»… «لماذا غطاء العبوات ليس برتقاليّاً؟»… «أناني الجنرال لا توزَّع في الوزارة؟».

– تذمّرَ بعض الأساتذة من السماح لمن يريدون التصحيح بالدخول إلى مبنى وزارة التربية منذ الصباح، مقابلَ منع دخول من لا يريدون التصحيح وإبقائهم على الأرصفة، إلى حين عقدِ المؤتمر الصحافي بعد انتهاء التحرّك… «ناس بسَمنة وناس بزيت».

– خلال التحرّك لم تفارق قبّعةٌ مطبوعٌ عليها علم ألمانيا رأسَ نقيب المعلمين نعمة محفوض، ما استدعى جملة تعليقات من المعتصمين، «نحنا معك… إلمانيا بتشجّعك».

– قبلَ دخولهم إلى الوزارة وبعد خروجهم منها، حرصَ بعض المعتصمين على الاهتمام بصحّة النقيب حنّا غريب، فكانوا إمّا يعطونه المياه ليشرب أو الفاكهة ليأكلها (شقفة تفاحة).

– تنافسَ الإعلاميون في ما بينهم لنقلِ الأخبار العاجلة إلى مؤسّساتهم الإعلامية أو عبر مواقع التواصل الإجتماعي. وكانت الغلبة لمن حبَك علاقة جيّدة مع رجال بالأمن لينقلوا آخر المستجدّات، نظراً إلى ضيق هامش تحرّك الإعلاميين.

– مرّتين دمعَت عينا محفوض: عندما حاولَ أحدُهم إبعادَه من أمام مدخل وزارة التربية بالقوّة، وخلال اجتماع هيئة التنسيق مع بوصعب.

– كان لافتاً انسحابُ بوصعب لحظة أنهى حديثه إلى الإعلاميين، من دون الاستماع إلى موقف غريب ومحفوض، ممّا ثبَّت شكوك الإعلاميين بأنّ «الفرَج بعيد».

– معظم الأساتذة الذين لم يمتثلوا إلى قرار هيئة التنسيق، من المتعاقدين، ولم يتجاوز عدد من دخل ليضعَ أسُسَ التصحيح الـ45 أستاذاً.