IMLebanon

لبنان مجدّداً في فم التنين… وجيوب المجموعات الإرهابية محصورة ومحاصرة

لبنان مجدّداً في فم التنين… وجيوب المجموعات الإرهابية محصورة ومحاصرة

لا وصفات سحرية للوضع الأمني.. وإنتظار تسويات المنطقة يعني لا إنتخابات رئاسية قريبة

ماذا لو وصلنا الى 20 آب من دون أن يكون للبنان رئيساً للجمهورية؟

لا يختلف اثنان على وصف الوضع في لبنان بأنه من أشد الأوقات خطورة، وأنه يقف على عتبة الدخول الى فم التنين بعد أن أصبح في قلب العاصفة الإقليمية والدولية التي تتهدده بشكل قوي وفعلي واضعة مصيره ومصير أبنائه على كف المجهول. لم يكن المتابع لمجريات الأحداث في المنطقة، والانكشاف السياسي والأمني الآخذ في الاتساع يوماً بعد يوم، حصول تفجيري ضهر البيدر والطيونة، لكي يدرك المنزلق الخطر الذي يحاول البعض زج لبنان إليه، أو لكي يلمس بأن المظلة الدولية والإقليمية الواقية للبنان قد تعرضت لتشظي الوضع المتفجر في سوريا وفي العراق، إضافة الى تعثّر المساعي التي كانت قائمة لترميم جسور العلاقة بين بعض الدول المعنية بالملف اللبناني.

صحيح أن ما يجري حولنا له بالغ الأثر على الوضع اللبناني الداخلي من منطلق أن لبنان ليس في جزيرة معزولة وهو يكاد يكون من أكثر الدول تأثراً بما يجري في محيطه بفعل تركيبته السياسية والطائفية والجغرافية، غير أن ما يزيد الطين بلّة هو الفراغ الرئاسي والكباش الحكومي والتعطيل المجلسي وهي عناصر تشكل بيئة حاضنة للمجموعات الإرهابية لكي تضرب ضربتها الرامية الى زعزعة الاستقرار اللبناني والدفع في اتجاه حصول فتنة مذهبية وطائفية لطالما نجح اللبنانيون في تجاوزها من خلال وعيهم وإدراكهم بأن هذا البلد لا يقوم إلا على قاعدة الشراكة والتوافق والتفاهم والوحدة والعيش المشترك.

وعلى الرغم من المخاوف من عودة سيناريو التفجيرات الى الساحة اللبنانية بفعل الحريق المندلع في المنطقة، فإن مصادر وزارية ترى أن هذا الخوف مبالغ فيه، وهي إذ لا تنفي مخاطر ما يحيط بلبنان نتيجة تقلّب المنطقة على صفيح ملتهب، فإنها في الوقت ذاته تؤكد بأن الوضع الأمني ممسوك بفعل سهر الأجهزة اللبنانية أولاً، وثانياً نتيجة لكون أن جيوب المجموعات الإرهابية محصورة ومحاصرة.

وتعرب المصادر الوزارية عن اعتقادها بأن تبديد موجة العنف في لبنان يكون بالنأي عن الصراعات الموجودة في المنطقة العربية، بالإضافة الى الاسراع في ترتيب البيت الداخلي من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية حيث من غير الممكن أن يبقى لبنان من دون رأس لأمد طويل، وكذلك إزالة الكباش الحكومي الحاصل، وإطلاق العمل التشريعي للتمكّن من وضع قانون جدد للانتخابات وإقرار بعض المشاريع التي تشكل قوة دفع للحكومة على كافة المستويات.

وتؤكد المصادر أنه لا يوجد وصفات سحرية للوضع الأمني بل إن الوصفة الطبيعية لهذه النتوءات التي تحصل في هذه المنطقة أو تلك تكون من خلال تحصين الوضع الداخلي وإقفال النوافذ أمام الرياح الإقليمية والدولية العاتية والتي لا طاقة للبنان على تحمّلها وهو في وضع طبيعي فكيف به الحال وهو بمثابة الجسم بلا رأس، أو أشبه برجل معاق لا يقوى على الحراك.

وفي تقدير هذه المصادر أن انتظار لبنان للتسويات في المنطقة فإنه يعني أن لا انتخابات رئاسية ربما لأشهر أو لسنوات، لأن طبخة التسوية في الشرق الأوسط ربما لن تنضج في وقت قريب، وهو ما يحتّم على اللبنانيين العمل على فصل الانتخابات الرئاسية والملفات الكبيرة عن استحقاقات المنطقة.

وترى المصادر الوزارية أن ما جرى في اليومين الماضيين على المستوى الأمني يجب أن يشكل حافزاً ودافعاً قوياً في اتجاه العمل على تفعيل المؤسسات ووضع الأطر الصالحة لتأمين سياج واقٍ للاستقرار الداخلي وأولى الخطوات التي يجب أن تتخذ هي الاتفاق على آلية معيّنة لعمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي، كاشفة عن اتجاه للاتفاق على تسمية كل فريق سياسي وزيراً من قبله لتوقيع المراسيم الى جانب رئيس الحكومة وأن يوضع جدول أعمال الجلسات بالتوافق بحيث توزع بنود جدول الأعمال على الوزراء قبل 72 ساعة ليتسنّى لكل وزير إبداء ملاحظاته مع التشديد على انتزاع أي بند خلافي من جدول الأعمال، مع الأخذ في عين الاعتبار بأن الفراغ الرئاسي يجب أن لا يصل الى آب المقبل حيث تدخل البلاد عتبة إجراء الانتخابات النيابية، ومن غير الممكن أو الجائز الوصول الى هذا الاستحقاق من دون أن يكون هناك رئيس جديد للجمهورية.

وتعوّل المصادر ذاتها على العمل الجبّار الذي تقوم به الأجهزة الأمنية والتي تفوّت الفرصة على المجموعات الإرهابية من توسيع نشاطاتها الاجرامية ومحاولة إيجاد بيئة حاضنة لعملها، حيث أن المجتمع اللبناني بمختلف أطيافه يرفض مثل هذه الأعمال البشعة التي تقوم بها هذه المجموعات التي لا تستهدف جهة محددة بل تستهدف إيذاء كل اللبنانيين بالشكل الذي يقوّض الاستقرار اللبناني ويعطّل دورة الحياة في هذا البلد.

وتعتبر هذه المصادر أن لبنان اليوم هو تحت المجهر الإقليمي والدولي وإن لم يكن أولوية في الوقت الراهن في مجال معالجة ملفه الداخلي، وهذا يعني أننا سنكون عرضة لأي متغيّرات قد تحصل إن إيجاباً أو سلباً، وهو ما يفرض على اللبنانيين القيام بخطوات وقائية أقلّه للحد من الخسائر إن لم يكن باستطاعتهم تفاديها، وأي دعسة ناقصة سيكون ثمنها باهظاً على كافة الأفرقاء وليس على فريق محدد بذاته.