IMLebanon

لن ينسحب لا عون ولا جعجع! لماذا؟

 

يعتقد البعض أنّ من المبكر طرح السؤال المتصل بمَن ينسحب أوّلاً من السباق إلى قصر بعبدا، العماد ميشال عون أو الدكتور سمير جعجع، وتحديداً بعد الدورة الثانية من الإنتخابات الأربعاء الماضي. فالرجلان مستمرّان في المعركة على رغم كلّ ما يُهدّد بضياع الاستحقاق وتجاوز المهَل، في ظلّ المعادلة السلبية التي أنتجَتها المواجهة بينهما. لكلّ منهما دوافعه وقراءته، ما هي؟

عابَ البعض الإستعجال في طرح السؤال من اليوم، عمَّن يسبق الثاني في الإنسحاب من المواجهة الرئاسية، عون أو جعجع، ذلك أنّ هناك محطات كثيرة في خريطة الطريق التي سيسلكها الإستحقاق قبل الوصول إلى هذه المرحلة الحاسمة. المواجهة السلبية بين الرجلين لا نهاية لها، في ظلّ موازين القوى الداخلية والتوازنات الدقيقة التي رسمتها التحالفات في الدورتين الأولى والثانية، ولا بدّ من خطوة ما تكسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها الإستحقاق.

الواضح حتى اليوم أنّ قوى «8 آذار» لم تكشف عن مرشّحها المعلن – المضمَر للاعتراف بترشيح جعجع وليكون في مواجهته، بما يعطيه شرعية المنافسة المتكافئة، فاعتمدوا الأوراق البِيض لتكون شبحاً قبل اللجوء إلى الأسلوب السلبي بتعطيل النصاب. وتزامَنت خطط التعطيل مع حملة منظّمة لتشويه خطوة جعجع وتهشيم صورته، فلم يروا وسيلةً إلّا التذكير بالأيام السود من صفحات الحرب الخارجية، وهم يدركون ويقرّون سرّاً وعلناً أنّه ليس الوحيد من ارتكب.

في المقابل، تمنع عوائق عدة قوى «14 آذار» دون بلوغ مرشّحها إلى رئاسة الجمهورية لألف سبب وسبب. يعرفون 999 من الأسباب ويتجاهلونها ولا يعترفون ببلوغ الألف. زد على ذلك أنّ الأكثرية المطلقة التي كانوا يعتقدون أنّها مفتاح العملية الإنتخابية قد تبخّرت ولم تعُد ذات أهمّية بعد الإقرار طوعاً بالنصاب الدستوري الذي تحوّل مفتاح العملية الإنتخابية أيّاً كان أبطالها المعروفون أو من ينتظرون دورهم لدخول بورصة الأسماء.

أمام هذه المعادلة السلبية، بدأ بعض المتعاطين بملفّ الاستحقاق الرئاسي يفهم اليوم ما كان يجهل أهميته سابقاً، وهو معنى التفسير الصادر عن هيئة مكتب المجلس النيابي في شأن النصاب القانوني المطلوب، أي 86 صوتاً، لتلتئم أيّ دورة صالحة لإنتخاب الرئيس العتيد، بالإضافة الى إصرار رئيس المجلس على إقفال محضر كلّ جلسة على حِدة، ما فتحَ جدلاً دستورياً إضافياً حول حجم النصاب ووجوب حصول المرشّح على 86 صوتاً في الدورة الأولى من أيّ جلسة ليعود إلى اعتبار الفائز بالأكثرية المطلقة في الدورة الثانية، أي بـ65 صوتاً.

ويعتقد ديبلوماسيّون أنّ المواجهة الانتخابية تقترب من أن تتحوّل أداةً في يد اللعبة الإقليمية، ولا يعود ممكناً فصلها عمّا يشهده الخارج بعد فشل الطبّاخين اللبنانيين في إنجاز الإستحقاق. فهي مواجهة تعكس حرب المحاور التي تدير الأزمة السورية وحولها، والسعي لخرق أيّ قوّة منها للجبهة الأخرى يبدو بعيد المنال، ورغم ذلك تراهم يمضون في المعركة بالفرسان أنفسهم وبالأسلحة عينها. من هنا لا يرى المراقبون ما يوحي بأنّ أيّاً من الطرفين قد قرَّر الخروج من حلقة الإستحقاق. ففريق «14 آذار» يؤكّد مضيَّه في ترشيح جعجع ورفضَه تدويل الإستحقاق، فيما يراهن «8 آذار» على الفراغ ليرجّح كفّة عون بحكم الأمر الواقع الذي يمكن إنتاجه لاحقاً.

وأمام استحالة توفير النصاب الدستوري بالمعطيات الحاليّة وبموجب موازين القوى المحلية، سيدرك الجميع عاجلاً أم آجلاً أنّ عليهم الاستسلام لما يمكن اعتباره تدخّلاً خارجيّاً لا بدّ منه، بعدما تهاوت ادّعاءاتهم بإجراء استحقاق لبناني خارج إطار الوحي الخارجي والمعادلات الإقليمية التي ستفرض رئيساً لم يختره أيّ منهم، فتصحّ الرواية التي تقول إنّ «إثنين عميان أتاهم ولد فقتلوه بالبقبشة».