IMLebanon

ماذا بعد الإتفاق النووي الإيرانــي والمجموعة الدولية 5+1؟

موسكو

تفيد المعلومات المتوافرة عن اجتماعات إيران ومجموعة 5+1 انّ الدخان الأبيض قد يرتفع في فضاءاتِ جنيف، خصوصاً وأنّ نتائج الاجتماع المباشر بين المفاوضين الإيرانيين والأميركيين قد لقيت ترحيباً لدى طهران وواشنطن.

بما أنّ الحديث عن تمديد مهلة المفاوضات في جنيف بين إيران والمجموعة الدولية منعدمٌ حتى الآن في اعتبار أنّ ذلك يحتاج الى توافقٍ كالعادة، فإنّ غداً الجمعة قد يكون يوماً مهماً، إذ إنّ الخبراء الروس يتوقعون توقيعَ بنود محدّدة تمهد للوصول الى اتفاق شامل ونهائي بين المجموعة الدولية وإيران حول برنامجها النووي، وذلك بعد أن قدمت طهران كلّ التسهيلات لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الوقت الذي أدركت المجموعة أنّ حلّ هذا الملف بطريقة سلمية سيؤدي الى تخفيف الاحتقان الحاصل في المنطقة منذ نحو عقدين ونصف.

وعلى رغم التفاؤل الروسي باقتراب انتهاء المواجهة بين إيران والمجتمع الدولي، وأنّ ما يجري الآن في جنيف هو وضع القطار على سكة الحل الصحيحة، فإنّ التوقيع لا يعني سوى اتفاق الطرفين على تطبيق مجموعة بنود وتعهدات وضمانات، وهنا يكمن بيت القصيد. الإدارة الأميركية أعلنت مراراً انها لن تسمح لطهران بامتلاك برنامج نووي أو حتى بتخصيب اليورانيوم بنسبٍ تسمح لها مستقبلاً بامتلاك ترسانة نووية، وذلك حرصاً منها على أمن حلفائها في المنطقة وفي مقدمهم إسرائيل، لكنّ الحراك الديبلوماسي الذي حصل قبيل انطلاقة جولة جنيف هذه، يدل الى أنّ واشنطن لم تتمكن من إقناع حلفائها بخطوة المصالحة مع إيران، فحال «الهستيريا» تبدو واضحة في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مع اقتراب يوم العشرين من حزيران، إضافة الى الحذر الذي يسيطر على دول الخليج العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، التي توجهت نحو روسيا بزياراتٍ خاطفة واتصالات غير معلنة للحصول على ضمانات حول برنامج إيران النووي وذلك لعدم اقتناعها بالضمانات الأميركية.

وبغضّ النظر عن الإتفاق المتوقّع في جنيف بين طهران والمجموعة الدولية فإنّ موسكو تبقى «بيضة قبان» في هذا الملف لاعتباراتٍ عدة، أهمها أنّ شركة «روس أوتوم» هي المخططة والمنفذة والمشرفة على كل النشاطات الإيرانية في مجال الطاقة النووية، كما أنّ موسكو لعبت دور المعرقل لكل مخططات استخدام القوة ضدّ الجمهورية الإسلامية التي حاولت واشنطن التسويق لها خلال العقدين الماضيَين، وبالتالي فإنّ القيادة الإيرانية ليست بهذه السذاجة للتخلي عن الحليف الروسي الصادق لمصلحة فتح أبواب علاقات مع «الشيطان الأكبر» الذي سعى ولا يزال الى إسقاط نظامها منذ انتصار ثورتها الإسلامية عام 1979. زد على ذلك أنّ موسكو أعلنت مراراً أنّ حلّ أزمة الملف النووي الايراني لا بدّ وأن ينعكس برداً وسلاماً على الملفات الساخنة في المنطقة، خصوصاً في العراق وسوريا والقضية الفلسطينية. لذلك فإنّ التقويم الإيجابي لما يجري في جنيف نابع من ثقة روسيا بأنّ حلّ أزمات الشرق الأوسط يصبّ في مصلحتها وفي تكريس دورها كلاعبٍ رئيس على مسرح السياسة الدولية، وفي إنهاء عصر القطب الواحد الى غير رجعة.

بالطبع موسكو تعوّل على التوافق بين إيران والمجموعة الدولية، ولا سيما أنّ اوساط الخارجية الروسية تؤكد أنّ بنود الاتفاق التي يُعمل لوضعها ضمن وثيقة ملزمة، مبنية على مجموعة أفكار قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي. من هنا فإنّ نصوص المعاهدة ستكون متوازنة وتحفظ حقوق الأطراف كافة. لكنّ هذه الاوساط الروسية تتخوّف من حجر عثرة في ربع الساعة الاخيرة انطلاقاً من تجاربها السابقة مع ازدواجية المعايير التي تتبعها الإدارة الأميركية مع ملفات المنطقة. ولذلك فإنّ الترحيب الروسي بالتوافق سيبقى حذراً حتى البدء بتنفيذ ما سيتمّ التوافق عليه في جنيف.