IMLebanon

ماذا تنتظر بكركي؟

البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي منزعج بسبب ما آلت إليه حال الطائفة في لبنان، حيث لا انتخابات رئاسية، ولا يوجد في الأفق المنظور أي مؤشّر يشي بأن الفراغ سيُملأ وسيكون للمسيحيين أولاً وللبنان ثانياً رئيساً يحفظ الجمهورية من الضياع، ويُعيد لمسيحيي لبنان والشرق الرئيس المفقود.

ولو سُئل أي مواطن لبناني مسيحي أو غير مسيحي عن المسؤول عن هذا الغياب لجاء الجواب بكل بساطة هم المسيحيين أنفسهم يتحمّلون المسؤولية بسبب صراعات قياداتهم واللهاث وراء هذا المركز الوحيد الباقي لهم في الشرق، وتجاهلهم نداءات البطريرك الماروني المتكررة وتحذيره لهم من مغبّة تصرفاتهم التي لا تخدم القضية المسيحية في لبنان والشرق بقدر ما تهدّدها بالقضاء عليها، وفقدان المرجعية المارونية الوحيدة الباقية لهم.

غير أن اكتفاء البطريرك الراعي بتوجيه التحذير تلو الآخر لا يكفي وحده لإنقاذ هذا المركز المهدّد بالزوال، بل يتوجب عليه حرصاً على المسيحيين وعلى الوطن والدولة الذي كان لبكركي دور طليعي وأساسي في تكوينه على ما هو عليه اليوم، أي دولة لبنان الكبير التي تضم المحافظات الخمس الى جبل لبنان بحيث يتشكّل النموذج الوحيد للعيش المسيحي – الإسلامي ليس في منطقة الشرق الأوسط ولكن في العالم أجمع.

لا نقصد بهذا الكلام التحامل على البطريرك الراعي وتحميله وحده مسؤولية الشغور أو الفراغ في رئاسة الجمهورية فهو سعى مع زعماء الطائفة المارونية لنزول نوابهم الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للبلاد منعاً للوقوع في الفراغ أو الشغور لكن بعضهم وتحت ضغط اللهاث وراء هذا الموقع لم يستجب الى نداءاته لكنه استجاب لرغبة فريق آخر من اللبنانيين الذين يحملون مشروعاً خاصاً بهم يتنافى مع المشروع المسيحي الذي يقضي بالتمسّك بالدولة وبالنظام القائم على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في تشكيل مجلس النواب وفي الوظائف القيادية في الدولة، وفي أن يكون رئيس البلاد مسيحياً وينتمي تحديداً الى الطائفة المارونية حتى يشعر مسيحيّو لبنان والشرق بالطمأنينة الى أنه لا يوجد أي مشرع يستهدف وجودهم في هذا الشرق، ومع ذلك نجد البطريرك بشارة الراعي يكتفي في مجالسه الخاصة وفي عظاته بالإعراب عن انزعاجه مما آلت إليه أوضاع المسيحيين في لبنان من دون أن يقدم على أي خطوات تترجم هذا الانزعاج على الأرض، كالدعوة الى إعلان العصيان المدني في وجه هؤلاء الذين يعطّلون انتخابات رئاسة الجمهورية ولا حتى الدعوة الى مقاطعة هؤلاء شعبياً تعبيراً عن رفض الشارع المسيحي لممارساتهم التي تكاد «تضيّع» عليهم أهم موقع في لبنان وهو رئاسة الجمهورية بل أهم موقع في هذا الشرق الذي يتناقص فيه عدد المسيحيين في كل يوم بل بكل ساعة، بدلاً من الاكتفاء بالإعراب عن الانزعاج من تصرفاتهم فيما البلد يخسر كل يوم يمر من دون رئيس من رصيده وحتى من وجوده ولا أحد يسأل.