IMLebanon

ماذا يقول فرنجية وتيّاره مسيحياً ورئاسياً؟

يؤكد مصدر مطلع على موقف زعيم تيار « المردة» النائب سليمان فرنجية انّ لقاءه الاخير في الديمان مع البطريرك الماروني الكاردينال ما بشارة بطرس الراعي، إكتسب أهميةً كبيرة لما تناوله من موضوعات في ظلّ الشغور الرئاسي، وما تتعرّض له بقية المؤسسات الدستورية من تعطيل، والاحداث الكبرى التي تشهدها المنطقة وإنعكاساتها المحتمَلة على لبنان.

ويقول هذا المصدر إنه لا ينبغي لبكركي والمسيحيين الوقوع تحت ضغط الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية. ويرى أنّ المسيحيين يقفون الآن امام مفترق، وأنّ الظروف التي يعيشونها هي ظروف ولكنها ليس سلبية، وبالتالي من الخطأ اعتبار الشغور الرئاسي إضعافاً لهم لأنّ هناك سقفاً تمّ تحديده اليوم هو «الرئيس القوي»، إذ إنّ ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أحدث جواً يفرض أن يكون رئيس الجمهورية العتيد «رئيساً قوياً».

ويشير المصدر الى أنّ ثمّة مَن يضغط على بكركي للإتيان بـ»رئيس تسووي»، ولكن هذا كلام حق يُراد منه باطل ويلعب على وترٍ معين، ويستعمل عنواناً معيناً للضغط على بكركي التي تفكر بمثالية معينة بما معناه أنّ سدة الرئاسة لا يجب ان تكون شاغرة. صحيحٌ انّ المسيحيين هم الآن أمام مفترق خطير في المنطقة، ولكنّ هناك ظروفاً موضوعية تساعد على الإتيان برئيسٍ للجمهورية يكون منبثقاً من الوجدان المسيحي لأنّ الصيغة اللبنانية هي، في نظر فرنجية، صيغة فريدة من نوعها وحساسة جداً في آن.

ويضيف المصدر أنّ هناك اختلالاً في الصيغة اللبنانية عمره 24 عاماً لأنّ المسيحيين كانوا خارج القرار السياسي، ولكنّ الظروف اليوم توجب أن يكونوا في صلب هذا القرار بما يحقق التوازن. ويرى المصدر أنّ المسيحيين إذا ارتضوا دائماً أن يكون التأثير الاعلامي صاحب الكلمة الفصل في اختيار رئيس الجمهورية فيما يكون الرأي العام المسيحي ثانوياً في هذا القرار، فهذا يؤدي رويداً رويداً الى انتقال المسيحيين من شريكٍ أساسي في لبنان الى «أهل ذمّة».

ويؤكد المصدر المطّلع أنّ فرنجية «ينظر الى البطريرك الراعي على أنه شخصية انفتاحية وعروبية لديها الجرأة الكاملة والرؤية الوطنية المهمة جداً، ما يجعله قوة يجب استثمارها للاتيان برئيس قوي. فإذا انتُخب شخص كائناً من كان رئيساً للجمهورية فسنعود الى عهد الرئيس ميشال سليمان بسلبياته، إذ إننا سنفرح يومَ الانتخاب وسنحزن لستّ سنوات. فيما المطلوب أن نفرح في يوم الانتخاب وطوال الولاية الرئاسية البالغة ستّ سنوات».

ويقول المصدر إنّ فرنجية يعتبر «أنّ رئاسة الجمهورية هي شخصية الرئيس وليست مسألة الصلاحيات، لأنّ لدى رئيس الجمهورية كتلة نيابية وحالة شعبية وراءه، وهو ما افتقده سليمان، وبذلك ندخل ضمن المعادلة حتى بلا صلاحيات على رغم أننا من دعاة إعادة النظر في صلاحيات رئيس الجمهورية، ونحن تيار «المردة» مؤمنون بأنّ حلفاءنا في 8 آذار وعلى رأسهم «حزب الله»، وبالتالي المحور الذي ننتمي اليه شرقاً هو مؤمن بهذا الدور الطليعي للمسيحيين وقد مارس هذا الامر وتبين لنا أنّ المسيحي هو حاجة لهذا المحور، مع العلم أنّ تحالفَ «التيار الوطني الحر» و»المردة» مع «حزب الله»، كان تحالفاً متبادَلاً وليس من طرف واحد.

وكذلك الامر في سوريا حيث كان للمسيحيين دور طليعي في دعم الرئيس بشار الاسد في المحنة الاخيرة علماً أنه كان يحتضن المسيحيين ويعطيهم الدور الطليعي في نظامه. وحتى الجمهورية الاسلامية الايرانية لا نراها كـ»مردة» تفكر شيعياً، وانما تفكر عقائدياً، فنجدها تدعم السنّة في فلسطين والمسيحيين في لبنان والأقليات في سوريا والعراق، ونجد أنّ الكنائس ما تزال قائمة في ايران».

ويؤكد المصدر المطلع على موقف فرنجية «أنّ لدى تيار المردة القدرة على القول والمجاهرة بأنّ مصلحة المسيحيين هي في الشرق وليست في الغرب»، وسيشير الى انه عندما انتُخب الراعي بطريركاً كان فرنجية من اوائل الداعمين له، وقد شعر فرنجية أنّ البطريرك كان راغباً في انعقاد اللقاء الرباعي الماروني الذي عجز البطريرك السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير عن جمعه.

فلبّى فرنجية رغبة البطريرك واعتبر انّ جلوسه مع جعجع ونسيانه الماضي يمكن أن يعطيا بكركي انطلاقةً جيدة، فكان أن حضر اللقاء الرباعي وصافح جعجع للمرة الاولى على طاولة بكركي وكان لهذا الامر وقعٌ ايجابي جداً لدى الراعي، ما يعني أنّ فرنجية مؤمن بالدور الطليعي لبكركي ولديه الجرأة في أن يقارب كل الملفات السياسية بصراحة تامة حتى ولو اختلف في الرأي مع سيّدها».

ويضيف المصدر انّ فرنجية هو مَن «صارح بكركي في اللقاء الرباعي الشهير مؤكداً أنه لن يؤمّن النصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية اذا كان سيوصل جعجع كخصم سياسي الى رئاسة الجمهورية. ولذلك فإنه، أي فرنجية، يزاوج بين رغبته في إنجاح دور بكركي الوطني وبين انتمائه الى فريقه السياسي، فهو حريصٌ على الانتماء الى محورٍ سياسي معين وهو مؤمن بأنّ خياره السياسي هو الذي من شأنه أن يوصل المسيحيين الى برّ الامان».

ويذكر المصدر بأنّ الرئيس الراحل سليمان فرنجية عندما انسحب من «الجبهة اللبنانية» واعتمد الخيار العروبي بالتحالف مع سوريا إعتبر انّ «مصلحة المسيحيين هي في الشرق وليس مع الغرب وبالتالي نجح خياره في هذا المجال لأننا مع الشرق نكون شركاء بينما مع الغرب نكون أداة وتبعيين».

ويشير المصدر الى أنّ «النقطة الاساسية في العلاقة بين فرنجية وتياره وبين وبكركي هي الصراحة التي تحكمها، إذ إننا نحرص دوماً على مصلحة بكركي ودورها الوطني». ويضيف: «لا أحد يهوّل بالفراغ ويعتبر أنّ في ذلك انتقاصاً من دور المسيحيين. فالسقف الموجود في البلد، سواء في قانون الانتخاب او في الموضوع الرئاسي كاستحقاق مسيحي، هو سقف الدور المسيحي الشريك في لبنان».

ويقول المصدر: «عام 2008 انتُخب العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً. وعام 2009 لم يكن هناك ثمّة احتضان له في الشارع المسيحي الذي ظلّ الى جانب عون، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على أنّ التسوية في مكان والوجدان المسيحي في مكان آخر». ويضيف المصدر: «ما نحن مؤمنون به ونتمنّاه من تيار «المستقبل» هو أن يحذو حذو حزب الله في التعامل مع المسيحيين كشريك، لا أن يكون المسيحي «كريماً على غاتو».

ويضيف المصدر نفسه: «في اللقاء الرباعي الماروني الشهير في بكركي دخل فرنجية مع جعجع في حوار استراتيجي حول مصلحة المسيحيين تضمّن قراءةً تاريخية وقراءةَ حاضر واستشراف للمستقبل، واين يجب أن يكون رهان المسيحيين»، وكان هناك استذكار لما قاله المبعوث الاميركي دين براون للرئيس فرنجية من «أنّ الاساطيل تنتظركم في البحر أيها المسيحيون فإختاروا البلد الذي تريدون الهجرة اليه»، وهذا يعني أنّ «المسيحيين ليسوا في حسابات الغرب، وأنّ ضمان المسيحيين هو في تشبث الشرق والاسلام المعتدل بهم وهذا مصدر قوتهم، وعندما نتكلم عن الاسلام المعتدل نعني به بشار الاسد والسيد حسن نصرالله والسيد علي خامنئي والرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

أما الغرب فكان موقفه ورأيه ما حصل لمسيحيي العراق الذين هُجِّر مليون شخص منهم، وما حصل لمسيحيي فلسطين الذين اصبحوا أقلية عندما وطأت إسرائيل أرض فلسطين، وفي الامس القريب رأينا كيف تهجّر المسيحيون وتمّ تكسير صلبانهم وتدمير كنائسهم في سوريا».

ويشدّد المصدر المطلع على موقف فرنجية أنّ رهانه و»المردة» في لبنان «هو على الوعي الوطني لدى جميع الطوائف لأهمية دور المسيحيين فيه كصورة حضارية وكعاملِ توازن وطني وكقوة إخماد للفتن المذهبية، وتحديداً السنّية ـ الشيعية».

ويقول: «نحن من دعاة الخروج من أحقاد الماضي، بمعنى أننا إذا أجرينا مقاربة موضوعية يجب على الطرف الذي لديه مشكلات مزمنة مع النظام السوري أن يفكر اليوم، ليس بمنطق الهزيمة، وانما بمنطق العلم بأنّ حليفه الموضوعي اليوم هو بشار الاسد لأنّ الجبهة المفتوحة في سوريا اليوم هي بين الاسد الرجل العلماني وبين «داعش» و«النصرة» المتطرّفة الارهابية، ومن الظلم بمكان المساواة بينهما».

ويختم المصدر قائلاً: «على رغم كل ما حصل منذ 2005 حتى اليوم من الملفت تماماً أن نرى سليمان فرنجية لا يزال يتمتع باحترامِ وتأييدِ شريحة لا بأس بها من الطائفة السنّية، وهذا ما عكسته استطلاعاتُ الرأي التي كانت تُجرى يومياً قبيل انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في 24 أيار الماضي وذلك على رغم التجييش المذهبي الذي كان حاصلاً، وهذا ما يعكس ثباتَ هذا الرجل على مواقفه».