IMLebanon

مثلّث» عون… عودةٌ إلى زمن الوصاية؟

في موقفٍ لافت يكشف ترشيحه المُضمر لرئاسة الجمهورية وفق برنامجٍ تحت عنوان «التوفيق بين السنّة والشيعة»، أعلن رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ضرورة أن يكون ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري والسيد نصرالله مثلّثاً «ثلاثيّ الأضلع». وهو ما أثار موجة من السجالات وردود الفعل استنكرت استبعاده للأفرقاء والطوائف الأخرى الأساسية، بما فيها الطائفة الدرزية، عن الحياة السياسية، مثيراً مخاوف المسيحيّين من «المثالثة».

إنتقد ممثلو الأحزاب المسيحية ما صدر عن العماد عون حول «مثلّث» يجمع بينه وبين الحريري ونصرالله، معتبرين أنه «كلام خطر للغاية ولا يستقيم في المنطق». وإذ أشاروا إلى أنّ «عدد النواب المسيحيين الذين يحضرون الجلسات النيابية، يفوق عدد النواب المقاطعين، فكيف يكون الجنرال ممثل المسيحيين وهو المقاطع؟»، شدّدوا على أنه «لا يمكن اختصار المسيحيين به». وأكدوا أنّ «طرح عون يسقط المناصفة في النظام اللبناني ويذكّرنا بالترويكا على أيام الوصاية السورية»، لافتين الى أنه «إذا كان المقصود أنّ القوي هو مَن يقف بجانب الحريري ونصرالله، فعلى الجنرال أن يعمل مثلهما ويترك المنصب الرئيسي لغيره».

«لطالما كانت سياسة العماد عون إلغائية»، قال عضو حزب «الكتائب اللبنانية» النائب ايلي ماروني لـ «الجمهورية»، لافتاً الى أنّ عون «يحاول دائماً اللعب على العواطف والغرائز ويصوّر نفسه الممثل الأوحد للمسيحيين». وأضاف: «الجميع بات يدرك أنّ الجنرال يسعى الى إلغاء أكثر من نصف اللبنانيين لدغدغة العواطف وإقناع الجميع أنه يستطيع أن يكون رئيساً بالتحالف مع الرئيس الحريري والسيد نصرالله، متناسياً وجود الأطراف المسيحية الأخرى التي تمثل الشعب اللبناني بالسيادة والكرامة أكثر منه»، لافتاً الى أنّ «مَن يطرح نفسه توافقياً، يحاول، من خلال محاولة ترشّحه، إلغاء أكثر من نصف اللبنانيين والعودة الى سياسة المحاور». وسأل ماروني: «ماذا عن الطوائف الأخرى الأساسية؟ فأين الطائفة الدرزية الكريمة؟ وفي أيّ ضلع من المثلث تتواجد؟ وهل هي غير موجودة في الحياة السياسية اللبنانية؟».

وفي حين فضّل ممثلو الطائفة الدرزية في الحزب «التقدمي الإشتراكي» الدخول في السجال الدائر و»غير المجدي»، وفضّلوا التزام الصمت، لم تبدِ كتلة «المستقبل» أيّ ترحيب بكلام عون. وفي هذا الاطار، توجّه عضو كتلة «المستقبل» النائب خالد الضاهر، الى عون مستشهداً بالمثل القائل: «لقد ضيَّقتَ واسعاً يا أخ العرب»، موضحاً لـ «الجمهورية»، أنّ «هذا البلد لا يقتصر على ثلاث قوى رئيسة، بل يشمل أكثر من ست قوى أساسية لا يجوز تغييبها إطلاقاً». ورأى أنّ عون «يحاول أن يطرح نفسه رئيساً للجمهورية والرئيس الحريري رئيساً للحكومة، فيما يتولّى السيد نصرالله، ممثل الشيعة، الإتيان برئيس للمجلس النيابي، ويتقاسمون البلد فيما بينهم»، مؤكدا أنّ «هذا الطرح هو بمثابة دعوة الى تجاهل القوى والشخصيات الأخرى، في حين أنّ الوحدة الوطنية يجب أن تشمل كل الناس». وقال: «جميلٌ أن تكون نية الجنرال تقريب وجهات النظر بين السنّة والشيعة، ولكن لا شك أنه أخطأ التعبير والاعتقاد بأنّ هذا الطرح قد يؤدي الى المطلوب»، مضيفاً: «وكأنه يريد أن يقول لنا إما أن تتوافقوا عليّ وتنتخبوني، وإما لا استقرار سياسياً في البلاد ولا انتظاماً للمؤسسات». وانتقد الضاهر محاولة عون «لأن يفرض علينا نفسه بالقوّة أنه توافقي»، سائلاً: «كيف نعتبره توافقياً بعد أن أجرى لنا الـ «وان واي تيكيت»؟ وبعد أن أسقط الحكومة التي أعلنتها قوى 8 آذار من منزله عندما كان الحريري يقابل الرئيس الأميركي؟ وكيف لمَن يؤيّد السلاح غير الشرعي ومَن يؤيّد تدخل «حزب الله» في سوريا واستجلاب المشكلة الى لبنان، أن يكون توافقياً؟» ورأى الضاهر أنّ عون «أخطأ الطريق منذ البداية عندما ظنّ أنّ النظامَين السوري والايراني القويَين وسلاح «حزب الله» سيفرضونه رئيساً رغماً عن مشيئة ألوف اللبنانيين»، مذكرا بأنّ «الحزب لم يفِ بوعوده للعماد عون فلم يساعده بتعيين قائد جيش ولا حتى في انتخابه رئيساً فعلياً للجمهورية، لأنه وببساطة لا يريده رئيساً!».

وأمام كل هذا «السجال الصدفة» على حدّ تعبير عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان، أوضح كنعان لـ «الجمهورية» أنّ «كلام الجنرال غير مرتبط بالدستور أو المثالثة أو غيرها، لا بل هو مثله مثل أيّ اتفاق أو تفاهم سياسي»، مستغرباً ما قيل عن أنّ «هذا التفاهم يلغي الديمقراطية». وقال: «لا أرى أيّ رابط بذلك، بل على العكس، فهو اتفاق لا علاقة له بالنظام الديمقراطي، بل إنه يعزّز الديمقراطية. فإنّ ما قيل هو مجرد اتفاق بين قيادات سياسية أساسية لها وزنها وتشكل العامود الفقري للمؤسسات الدستورية في لبنان، وهو طبعاً لا يستثني أيّ طرف أو طائفة»، مشدداً على ضرورة «أن يقوم هذا الاتفاق على احترام الدستور واحترام النظام الديمقراطي في لبنان».

وحدها الأيام المقبلة هي الكفيلة بإظهار ما إذا كان عون قد أصاب في موقفه هذا، أم أنه أخفق وتسبّب بإرباك الحريري، خصوصاً وأنّ طرحه أعاد التذكير بالترويكا في حقبة الوصاية السورية، فضلاً عن إثارته «هواجس» المسيحيّين مرةً جديدة.