IMLebanon

مراجع أمنيّة: نجهد بلا إدعاء!

تخوض القوى الأمنية والعسكريّة بكلّ قدراتها حرباً إستباقية ضدّ الإرهاب المعَولم والمحلي. فكلّ القدرات وُضعَت في المعركة وتفتَّحت العيون على كل تحرّك مشبوه بتعاونٍ لم يسبق أن نشأ بين المواطنين والقوى الأمنيّة، ما سهَّل الوصولَ الى رؤوسٍ كبيرة. وعلى رغم كلّ ذلك، تُصرّ القوى الأمنية على عدم الإدعاء بالقدرة على الإمساك بالوضع كاملاً. فلا ضمانات!

للمرة الأولى، تتعاطى القوى الأمنية والعسكرية مع التطوّرات المرتقبة في لبنان بكثير من الواقعية وقليل من الإدعاءات في مواجهةٍ لا يَستهين بها أحد على الإطلاق. فهي تصارع مجموعات صغيرة لها تقنيّاتها في التحرّك والحصول على ما تريده من متفجّرات ومكمّلاتها. فالبلد مليء بمَن يستورد ويُصنِّع ويُجهِّز بلا هوية سياسية، بعدما تحوّل أمثال هؤلاء «قوةً عابرة» لكل الأحزاب والفصائل منذ أن تحكَّمت بالبلاد عشرات الخلايا من أجهزة استخبارات جنّدت قدراتها في سبيل العملة الخضراء.

وعلى هذه الخلفيات، تعترف مراجع أمنية أنّها لا تخاف من أيّ خرقٍ أمني كبير يؤدّي الى المسّ بنسبة الأمن المتوافرة في لبنان، خصوصاً المناطق التي شهدت توتّراً في الأشهر القليلة الماضية. وتضيف: ليس مستحيلاً أن تنجح جماعات مسلّحة إرهابيّة لها امتداداتها في بعض المناطق التي شكّلت بيئة آمنة لها منذ أعوام، في تفجير سيّارة أو اغتيال مسؤول من المسؤولين او قياديّ حزبي، لكنّه وأيّاً يكن حجمه لن يؤدّي الى أيّ فتنة مذهبية. فمنطقة التوتر لن تكون «بقعة زيت» قابلة للتمدّد، ولن تنتقل الى أيّ منطقة أخرى، فمنطق «الإسفنجة الأمنيّة» أمر واقع، ولن تتمدَّد أيّ أزمة الى شارع آخر.

وتعزو هذه المراجع القراءة تلك الى الضمانات الدولية التي تبلَّغها لبنان في أكثر من مناسبة وباتت تشكل منذ فترة غير قصيرة، مظلّة أمنيّة كبيرة وواسعة، تضمَن الحدّ الأدنى من الأمن في البلاد وما علينا سوى ملاقاتها بما نمتلك من قدرات للحفاظ عليها. وتستطرد: القرار السياسي بالتهدئة، خارجي وداخلي، ومتى رُسِمت للأطراف الداخلية حدود معيّنة لا يمكنها تجاوزها من دون ضوء أخضر من الخارج. فتصوَّروا أن لا يعود تدخل «حزب الله» في سوريا مشكلة، لتكون هناك حكومة «المصلحة الوطنية».

وعلى هذه الخلفيات، تحدَّث وزير الداخلية نهاد المشنوق قبل يومين عن عمليات تفجير محتملة، فلم يكشف جديداً، لأننا نتوقّع مزيداً منها بين لحظة وأخرى على رغم الإجراءات التي اتّخذناها. هناك مجموعات مشتبه بها ونراقبها في مناطق كانت آمنة بالنسبة اليها، وربما انتهت أو تقلّصت هذه الحماية التي كانت توفّرها جماعاتٌ مسلحة او «مناطق ممذهبة»، لأنّ ما حصل في بعض هذه المناطق جعل سكانها يتبرّؤون منها ويرشدوننا الى حيث تتواجد، كما أخيراً الى أخطر زعماء العصابات التي تُمارس الخطف لقاءَ فدية مالية. ولذلك كلّه، لا نهمل أيّ رواية. فكلّ الروايات يمكن أن «تتطوَّر على الطريق»، وبداية الخيط في أيّ تحقيق «مفتاح الفرج»، ويمكن لأيّ موقوف أن يرشدنا الى رؤوس خطيرة والتجارب أثبتت ذلك.

وعليه تقول المراجع: «لواء «احرار السنّة» ليس لبنانياً، فالثابت هو أنه يُحرِّض من الخارج على الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة، والمسيحيّون قد يكونون من الضحايا أيضاً، لكنّ الوعي الشعبي هو الضامن الكبير للهدوء. ولذلك، لا صفة لـ»لواء الصليبيين» سوى أنّه ردّ فعل لئلّا نقول «نكتة» في مواجهة هذه الجماعات.

المراجع الأمنية التي تتعاطى مع هذه العوامل مجتمعة لا تتردَّد في القول بواقعية: يمكن أن تنسحب الحماية الدولية في ظرفٍ إقليمي ودولي سيّئ وصعب، إنّما ذلك إحتمالٌ ضئيل. فحصيلة التعاون مع الخارج والقرارات التي صدرت بتعزيز قدرات الجيش والمؤتمرات الدولية المكمّلة لـ«مجموعة العمل من أجل لبنان» تشكّل ضامناً قوياً للجيش اللبناني. فكيف بالنسبة الى الهبة السعودية التي ستُغيِّر في قدرات الجيش والتي سيلمسها الجميع قريباً.