IMLebanon

مصدر ديبلوماسي: التطرّف السنّي سيُهيّء لتطرّف شيعي لمحاربته نتجه الى حرب عالميّة ثالثة لن يُكتب الانتصار لأحد فيها

 

ما دامت الدول الغربية تتمسّك بتعنّتها وباستكمال دعمها للمعارضة السورية، فإنّ الحرب في سوريا لن تنتهي حتى ولو بعد عشر سنوات، على نحو ما حصل في لبنان خلال الحرب التي سُمّيت بالأهلية، وكانت فعلياً «حرب الآخرين على أرضنا». فالصراع القائم اليوم، يقول مصدر ديبلوماسي، بين المعسكر الغربي، من جهة، والذي ترأسه الولايات المتحدة الأميركية ويضمّ بريطانيا وفرنسا وسواهما، والمعسكر الآخر، من جهة ثانية، والذي ترأسه روسيا والصين ويضمّ اليهما دول مجموعة البريكس، والذي يُترجم في المنطقة صراعاً شيعياً- سنيّاً قائماً بين إيران وحلفائها والسعودية وحلفائها إذا استمرّ في لبنان وسوريا والعراق وسائر دول منطقة الشرق الأوسط سوف يؤدّي الى حرب عالمية ثالثة لن ينجو منها أحد هذه المرة لا سيما مع وجود القنبلة النووية بين أيدي الجميع.

ولهذا، فإنّ ما يجب أن تسعى اليه هذه الدول هو وضع قرار يفرض السلام في المنطقة، على ما يرى المصدر الديبلوماسي، بدلاً من اتخاذ القرارات المكمّلة للحروب القائمة مثل دعم المجموعات المعارضة للنظام السوري بالسلاح، أو تأمين وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين في سوريا، أو التفكير بشنّ ضربة عسكرية على «الداعشيين» الذين توغّلوا في العراق وارتكبوا المجازر وهجّروا سكان البلد، أو الإيعاز بأنّه يجب انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان في أسرع وقت ممكن لا سيما مع عودة التفجيرات الأمنية الى الساحة اللبنانية والتي تنفّذها مجموعة من المتطرّفين من جنسيات عربية مختلفة بتمويل ودعم خارجي.

ويضيف المصدر أنّ الأمور كلّها باتت مفضوحة، وما يثير القلق أنّ أحداً لا يتعظ ممّا جرى، لا سيما أنّ سيناريوهات عدّة تتكرّر في دول المنطقة، خصوصاً الصراع الطائفي الذي جعل اللبنانيين يتقاتلون طوال سنوات الحرب على أساس مسلم ومسيحي، ليتحوّل هذا الصراع نفسه الى مذهبي بين مسلم ومسلم (سنّي- شيعي)، في محاولة لهيمنة كلّ طرف على أوسع بقعة ممكنة في المنطقة.. غير أنّ هذه التقسيمات لن تفيد لا السنّة ولا الشيعة لا سيما مع ولادة التطرّف السنّي الذي نشاهد فظاعة أعماله في لبنان وسوريا والعراق، والذي سيهيء مع الوقت لولادة تطرّف شيعي لمحاربة هذا الأخير.

أمّا دول العالم المتحضّر فتتفرّج، يقول المصدر الديبلوماسي، وتزعم أنّها تفتّش عن الحلول ولا تجدها، وذلك لأنّها غير راغبة فعلياً بإيجادها ولا تملك النيّة بإنهاء الصراع في المنطقة وإحلال السلام، لا سيما أنّ ما يحصل هو أكثر ما يُريح إسرائيل، ويُبعد عنها شبح «حزب الله» الذي يراودها منذ العام 2006 حتى يومنا هذا. فالمقاومة اليوم، بحسب وجهة نظر هذه الدول، لا تفتّش عن فتح حرب جديدة مع إسرائيل، ما دامت متلهية في المشاركة ببعض المعارك في سوريا من جهة، وبضبط أمنها في الضاحية الجنوبية وبعلبك- الهرمل من جهة ثانية، لا سيما أمام التهديدات التي تتعرّض لها من المتشدّدين الإسلاميين، الأمر الذي يريح إسرائيل من فكرة شنّها حربها السابعة على لبنان.

ومن هنا يضيف المصدر ، تأتي مقولة أنّ الموساد يقف وراء تمويل هذه التنظيمات الإرهابية التي تُهدّد الجميع في المنطقة، ولا تعرف الولايات المتحدة بالتالي كيف توقفها أو تضع حدّاً لأعمالها. وتكتفي مع الدول الحليفة لها مثل بريطانيا وفرنسا بمطالبة مجلس الأمن الدولي، على سبيل المثال باتخاذ قرار لضمان وصول المساعدات الإنسانية لملايين السوريين في سوريا، في حين أنّ الملايين المحتجز أمنهم واستقرارهم يبلغون مئات الملايين في دول المنطقة، ولا شيء يفكّ أسرهم سوى قرار دولي يعيد السلام للمنطقة، تكون فيه إسرائيل طرفاً، كما الجانب الفلسطيني والعربي لوقف النزف القائم جرّاء الإرهاب المتفشّي الذي إذا ما استمرّ من دون أي ضوابط له، سوف تطال شظاياه أولاً كلّ الدول التي تغذّيه من غربية وعربية.

أمّا شعار «الديموقراطية الصحيحة» أو «حقّ الشعوب بتقرير مصيرها» الذي تشاء الولايات المتحدة والدول الحليفة لها تطبيقه في دول المنطقة بعد تقسيمها الى شرق أوسط جديد، فقد ظهر بوضوح بحسب المصدر الديبلوماسي أنّه لا يتعدّى الشعار مع رفضها أو عدم اعترافها بما قرّرته بعض شعوب المنطقة لنفسها، كما في مصر والعراق وسوريا… فلجأت الى التدخّل حيناً والى إعادة قلب الأنظمة في بعضها حيناً آخر، أو الى عدم الإعتراف بالرئيس المنتخب من الشعب (لولاية ثالثة) على ما حصل في سوريا، علماً أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أُعيد انتخابه لولاية ثانية رغم رفض نسبة كبيرة من الأميركيين لهذا الأمر.

وطالب المصدر نفسه الدول الغربية بالكفّ عن وضع مشاريع القرارات والمطالبة ببعض الأمور لمعالجة الوضع الإنساني هنا، أو الدفاع عن حقوق الإنسان هناك، لأنّ ليس هذا هو المطلوب حالياً في ظلّ المرحلة الدقيقة والحسّاسة التي تعيشها دول منطقة الشرق الأوسط بل السعي الجدّي لحلّ مشاكلها تباعاً وصولاً الى إحلال السلام في المنطقة.

أمّا الاستمرار بدفع الأمور الى الأمام نحو المزيد من المعارك والحروب والتفجيرات، فمن شأنه أن يزيد من الصراعات في المنطقة بحسب المصدر، وأن يخلق مجموعات إرهابية جديدة فيتحوّل الصراع من سنّي- شيعي، الى إرهابي سنّي وإرهابي شيعي، ما قد يوسّع دائرة الحرب لتشمل كلّ دول العالم. وهذا ما يخشاه المصدر نفسه فعلاً من أنّنا نتجه بأرجلنا الى حرب عالمية ثالثة لن يُكتب الانتصار لأحد فيها.