IMLebanon

ملفّ الجامعة يُصدّع التوافق والمشنوق لا يستبعد تفجيرات جديدة

على وقع العدوان الإسرائيلي الجديد على غزّة والتخوّف من تعرّض لبنان لتفجيرات جديدة حذّرَ منها وزير داخليته نهاد المشنوق، وفيما الأفق السياسي يزداد انسداداً ويعوق إنجازَ الاستحقاقات الدستورية، تَصدَّع التوافق الحكومي أمس بفعل اختلاف بعض القوى السياسية في جلسة مجلس الوزراء حول ملفّ الجامعة اللبنانية، ما حالَ دون إقرار تعيين عُمداء كلّياتها وتفريغ نحو 1200 أستاذ في ملاكِها، وهم يعملون فيها بالتعاقد منذ سنوات، وهي في حاجة إليهم.

صدَّع ملفّ الجامعة اللبنانية سقفَ التوافق الذي وضعته الحكومة لعملها ولتضامنها الوزاري، وبانَ في جلسة مجلس الوزراء أمس، والتي دامت 7 ساعات، حجمُ الخلاف بين مكوّنات الحكومة على الملفّات الحسّاسة، وسادَ توتّر هو الأوّل من نوعه في عهد انتقال الصلاحيات.

وقد توتّر الجوّ عند النقاش في ملف الجامعة، خصوصاً عند طرح تعيين مجلسها وتوزيع أعضائه العمَداء على الطوائف.

وفي المعلومات أنّ وزير العمل سجعان قزي طلبَ الكلام في بداية الجلسة، فقال: «سبقَ لنا أن تحفّظنا عمّا هو مطروح في مشروع تفريغ الأساتذة، وعندما أُطلِعنا على تفاصيل المشروع، وعلى رغم الثغرات المحدودة التي اكتشفناها، واقتناعِنا بأنّها لا تشكّل مخالفات كبرى، أيّدناه ونتمنّى بتَّه اليوم». فقاطعَه وزير التربية الياس بوصعب، قائلاً: «لا يمكننا بتَّ مشروع التفريغ من دون بتّ مجلس العمَداء، وقد توافقتُ وتيّار «المستقبل» على التلازم بينهما».

ودار سجال حادّ بين بو صعب والوزير وائل ابو فاعور الذي سأل عن سبب تغيير عميد كلّية الطب الدكتور بيار يارد ( كاثوليكي) «لأنّه يتمتع بكفاية عالية جدّاً والكلّ أجمعوا عليه». فردّ بوصعب أنّ عميد كلّية الطب هو من حصّة الطائفة المارونية عُرفاً، ولذلك تمّ استبداله، وقال: «إذا تقرّر الإبقاء عليه فإنّ هذا الأمر سيضطرّني إلى إعادة النظر في توزيعة العمَداء الـ 18، لإعادة التوازن إلى المعيار الطائفي».

ودارَ نقاش حول إمكانية تعيين مجلس العمَداء وتأجيل تعيين عميد لكلّية الطب فقط، ريثما يتمّ الاتفاق عليه، فيما يتحوّل يارد عميداً لها بالوكالة. فرفضَ الحزب التقدمي الاشتراكي هذا الاقتراح وطلب تعيين مجلس الجامعة رزمةً واحدة.

ثمّ طُرح ملفّ تفرّغ الأساتذة، فساد نقاشٌ حول إمكانية تجزئة ملف الجامعة، بحيث يُقَرّ التفرّغ ويؤجَّل مجلس الجامعة. لكنّ وزراء «المستقبل» رفضوا هذا الاقتراح مُصرّين على عدم الفصل بين الملفّين، لأنّ مجلس الجامعة هو من يجب أن يدير التفرّغ. فاستمهلَ رئيس الحكومة تمّام سلام الوزراء بعض الوقت لإجراء مزيد من الاتصالات، الأمر الذي أغضبَ وزير التربية ووتّرَه. ولدى استكمال النقاش في البنود الأخرى المُدرَجة على جدول الاعمال، و لا سيّما منها بنود التوظيفات، كان هناك بندٌ يطلب توظيف 10 أجَراء في وزارة الصناعة، و7 عمّال تنظيفات في وزارة العمل، والتعاقد مع أساتذة في الجامعة أُحيلو إلى التقاعد، للإفادة من خبراتهم. فاعترضَ بو صعب على هذه البنود، الأمر الذي استفَزّ وزيرَ الصناعة حسين الحاج حسن الذي قال له: ما هي المعايير التي تفترضها لتعيين أجَراء؟ هل عليهم أن يكونوا حائزين على شهادات دكتوراه؟

وتَدخّلَ قزّي فخاطبَ بوصعب قائلاً: «مِن المعيب ربط عدم إقرار ملف الجامعة ببَقية بنود جدول الأعمال، ما هكذا تُدار شؤون الناس، ولا هكذا تُدار شؤون الجامعة». عندها توتّرَ جوّ الجلسة، فتَدخّل سلام طالباً تجميد كلّ بنود التوظيفات إلى جلسةٍ تكون الأجواء فيها قد هدأت. ثمّ استكمل البحث في البنود العادية.

قزّي لـ«الجمهورية»

وشنّ قزي ليل أمس هجوماً عنيفاً على بوصعب. وقال لـ»الجمهورية»: «إنّني أُحمّل وزير التربية شخصياً مسؤولية عدم إقرار ملف الجامعة، فهو أساءَ التصرف في إدارة هذا الملف أكاديمياً وسياسياً، وقد حاولَ إيهام الأساتذة بأنّه قادر على إعطائهم حقوقَهم، وإيهام المرجعيات السياسية بضمان مطالبها، فيما هو كان يعمل طوال الوقت لضمان مصالح وحصص «التيار الوطني الحر» والقريبين منه». وأضاف: «لقد رفض بوصعب المَسّ بأيّ إسم من الأسماء المرشّحة لمجلس العمَداء من التيار الوطني الحر والقريبين منه. بعدما توافقنا على تفريغ الأساتذة وموافقتنا كحزب كتائب على ما هو مقترَح وتفريغ 1100 أستاذ، أثارَت مواقف وزير التربية استياءً بالغاً لدى أكثرية الوزراء، ما أدّى إلى تطيير المشروع إلى جلسات لاحقة».

مصادر وزارية لـ«الجمهورية»

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: نحن نعترف بأنّ وزير التربية يبذل جهوداً كبيرة من أجل بتّ ملف الجامعة، لكن من بين الـ 18 عميداً هناك 5 عمَداء من حصة «التيار الوطني الحر»، و2 من الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي ينتمي إليه بوصعب، وهو لم يقبل في كلّ مسار البحث التفاوضَ عليهم، وكان يفاوض في حصص الكتائب و»القوات» و»المستقبل» وحركة «أمل» وحزب الله، ويصرّ على تعيين عميد جديد لكلّية الطب، والإسم الذي اقترحَه لها قريب من «التيار».

وتوقّعت المصادر استمرار الإشكالية وأن يستمر مجلس الوزراء في تجميد ملفّ الجامعة، ولا مؤشّرات توحي بإمكانية إقراره في الجلسة المقبلة، في ضوء أجواء جلسة أمس، حيث تأزّمت الامور وتحوّلت عناداً سياسياً وتشبُّثاً في المواقف.

الرواتب

وتطرّقَ مجلس الوزراء إلى استحقاق قونَنة صرف الرواتب لموظفي القطاع العام المالي والتي تفرض انعقاد مجلس النواب في جلسة تشريعية لهذه الغاية، فأكّد وزراء حزب الله وحركة «أمل» أنّهم لن يرتكبوا مخالفة قانونية وأنّ الموضوع يحتاج الى تشريع في مجلس النواب. فيما تحدّث وزراء 14 آذار عن وجود سابقات يستطيع فيها المجلس ان يقرّ سلفة خزينة في مجلس الوزراء.

وخلال الجلسة طالبَ وزير الداخلية بتصويب الخطة الأمنية في طرابلس لتحقيق المساواة والعدالة. وأيّده وزير العدل أشرف ريفي، مشيراً إلى أنّ ضابطاً أمنياً هو مَن يحرّك الشارع في عاصمة الشمال. وأكّد مجلس الوزراء أن «لا عودة إلى الوراء في استكمال تنفيذ الخطة الأمنية».

توازياً، علمَت «الجمهورية» أنّ هناك اتّجاهاً لِعَقد جلسة تشريعيّة لمجلس النوّاب، يكون على جدوَل أعمالها 3 بنود، هي: سلسلة الرُتب والرواتب للعاملين في القطاع العامّ، الطلب من الحُكومة إصدار الـ»يوروبوند»، فضلاً عَن فَتح اعتماد لتغطية رواتب موظّفي القطاع العام.

وأشارت المعلومات إلى احتمال انعقاد هذه الجلسة الخميس المُقبل، استناداً إلى المواقف الإيجابيّة التي يُبديها جميع الأطراف.

حرب لـ«الجمهورية»

وقال الوزير بطرس حرب لـ»الجمهورية»: «هناك سوابق منذ العام 2005 حتى الحكومة السابقة أن تُصرَف الرواتب من خارج مجلس النواب، فلماذا نُصرّ اليوم على تغيير هذه السياسة؟ بالنسبة إليّ الذهاب الى مجلس النواب لتشريع فتح اعتماد هو الطريقة الفضلى، ولكن في ظلّ هذا الجو الخلافي لن يتأمّن الوفاق داخل مجلس النواب، وبالتالي يمكن الاستعانة بمخارج أخرى لحلّ هذه المشكلة، بغَضّ النظر عن رأيي الشخصي في قانونيتها، فهي اعتُمِدت في الحكومات السابقة، وهناك وزراء موجودون اليوم في الحكومة وكانوا في الحكومات السابقة ووافقوا عليها، وعندما قلنا هذا الأمر لوزير المال، أجاب: «لم أكن وزير مال آنذاك». الموقف السياسي واضح الهدف، هو تشغيل مجلس النوّاب، و»مش غلط»، لكن إذا قرّرنا النزول الى المجلس فلنذهب لننتخبَ رئيساً للجمهورية».

درباس

وفي ملف النازحين السوريين، قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ»الجمهورية: «إنّ ملف النازحين لا يزال معقّداً طالما لسنا متفقين على اعتماد أيّ سياسة واضحة في موضوع المخيّمات، على الرغم من أنّنا قطعنا شوطاً كبيراً لجهة إحصاء العدد النهائي للنازحين ومعرفة سُبل التعاون معهم، وحدّدنا صفة النزوح ومعاييره. لكن تبقى المشكلة في المخيّمات، هناك رفض لإنشائها داخل لبنان، كذلك لا اتّفاقَ على إنشائها في المنطقة الفاصلة لأنّها تحتاج الى ثلاثة شروط غير مؤمَّنة:

أوّلاً- الضمان الأمني الذي يحتاج إلى مشاركة دولية.

ثانياً- التمويل ليس صعباً ولكنّه غير متوافر.

ثالثاً- الإدارة الدولية للمخيّمات التي نفتقد فيها أيّ سياسة واضحة من المنظمات الدولية».

وختمَ درباس: «يقولون إنّهم غير موافقين، لكن في الوقت نفسه يطلبون منّا أن نثبتَ لهم أنّنا قادرون على إنشاء هذه المخيّمات».

المشنوق والتفجيرات

من جهة ثانية، وعلى وقع اللهيب الإقليمي، لم يستبعد وزير الداخلية نهاد المشنوق حصولَ تفجيرات انتحارية جديدة في لبنان. وقال لوكالة «رويترز» إنّ نجاحَ «الدولة الإسلامية في العراق وسوريا» (داعش) عزّز تفكير المتشدّدين في لبنان». وقال «إنّ العمليات الاستباقية للأجهزة الأمنية «أثبتَت نجاحاً جدّياً، حيث استطاعت تعطيل ثلاث عمليات قبل حصولها في هدفها بالذات». وأضاف: «لا بدّ من الاعتراف بأنّ ما حدثَ في العراق تسبَّب بنشوةٍ كبيرة عند هذه المجموعات، واعتقدَت أنّها تستطيع الإفادة من التجربة العراقية الناجحة من وجهة نظرها في لبنان… ولكن حتى الآن وخلال الشهرين الأخيرين، من الواضح أنّ اليقظة الأمنية استطاعت تعطيل هذا التصوّر وهذا التفكير».

وأضاف: «هذا الخطر دائماً موجود، ولكنّ البيئة الحاضنة غير موجودة. والغالبية العظمى، حتى لا أقول مئة بالمئة من السُنّة في لبنان الذين هم البيئة المذهبية لـ»داعش» ولكلّ هذه التنظيمات، هي بيئة مُصِرّة على اعتدالها وتوازنِها ومدنَيتها».

«ليس سِرّاً»

وقالت مراجع أمنية لـ»الجمهورية» إنّ ما كشفَه المشنوق» ليس سرّاً، فالأجهزة الأمنية مستنفرة وتراقب الوضع بدقّة، وقد وضعَت تحت المراقبة مجموعات يُعتقد أنّها من الإرهابيين، ومناطقَ برُمَّتها حدودية، وذلك للحؤول دون أيّ عمل إرهابي، واستعداداً لعمليات استباقية».

عون و«العرّابون»

وفي هذه الأجواء، زار مسؤول العلاقات الديبلوماسية في «التيار الوطني الحر» ميشال دي شادارافيان موفداً من رئيس «تكتّل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون سفاراتِ المملكة العربية السعودية والمغرب والجزائر، وسَلّم سفراءَ هذه البلدان رسالة شخصية من عون إلى العاهلين السعودي والمغربي والرئيس الجزائري.

وعلمت «الجمهورية» أنّ هذه الرسالة التي أحيط مضمونُها بالكتمان تأتي في سياق أنّ هذه الدوَل كانت عرّابة «اتّفاق الطائف» عام 1989 عندما تشكّلت اللجنة الثلاثية العربية ضامَّةً العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز وعاهل المغرب الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد.

وتحدّث عون في هذه الرسالة عن اتّفاق الطائف من خلال شَرحِه المبادرة التي قدّمها أخيراً حين قال: «عارضنا اتّفاق الطائف لأسباب نعيشها اليوم، أين المناصفة وقانون الانتخاب الذي يضمنها ويحافظ على صحّة التمثيل؟ وهل أصبحت المناصفة التي وردت في اتفاق الطائف مجرّد حبر على ورق؟». وأكّد أن لا شيء في مبادرته يناقض «اتفاق الطائف»، لا بل هي تسعى الى تطبيقه عبر تحقيق المناصفة والتمثيل الصحيح اللذين نصَّ عليهما هذا الاتفاق.

وأكّد دي شادارافيان لـ»الجمهورية» أنّ مبادرة عون القاضية بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب «ليست للمناورة، بل هي الطريقة الوحيدة للخروج من المأزق القائم عبر العودة الى الشعب، إذ إنّ مجلس النواب كان يجب أن يتغيّر منذ سنة وأن تحصل الانتخابات الرئاسية ثمّ الانتخابات النيابية، لكنّ المجلس مدَّد لنفسِه ونحن عارضنا التمديد وقدّمنا طعناً به لكنّه رُفض، وانتخاب رئيس جمهورية جديد لم يحصل، ونحن الآن في مأزق، واتّفاق الطائف الذي تشوبه عيوب عدّة لم يتحدّث عن آلية تحدّد سُبل الخروج من هذا المأزق، لذلك قرّر العماد عون العودة الى الشعب مصدر السلطات القادر وحدَه على بَتّ الموضوع».

ولفتَ دي شادارافيان إلى «أنّ إطلاق النار على المبادرة بدأ في اللحظة التي كان عون يعلنها في الرابية، ولم ينتقد أحدٌ مضمونَها».

عقوبات على «حزب الله»

إلى ذلك، فرضَت الولايات المتحدة عقوبات على «حزب الله» تستهدف شركة «ستارز غروب هولدنغ» الإلكترونية في بيروت، بذريعة أنّ الحزب كان يستخدمها لشراء معدّات لتطوير قدراته العسكرية. وأعلنَت واشنطن «أنّ الحزب يستخدم شركة «ستارز غروب هولدنغ» لتطوير طائرات من دون طيّار وقدراتِه العسكرية والإرهابية في سوريا والعالم».