IMLebanon

من العراق.. بكل محبة!

 

يعود العراق إلى دائرة الضوء من خلال أحداث دموية تنذر بصراع طائفي عُرفت بداياته ولكن تبقى نهايته رهن الصفقات الدولية والرياح الإيرانية – الأميركية ومدى استعداد الأخيرة للتدخل الفعلي لوضع حدّ لهجمة داعش والصراع القابل للتحوّل إلى حرب اهلية تعيد بلاد الرافدين إلى نقطة الصفر، التي بدأت منها بعد خلع صدام حسين. وبانتظار الربيع السياسي الذي لم تزهر وروده بعد وما يدعو للقلق أن الشرارة المنطلقة من العراق ممكن أن تصل كرة نار إلى لبنان، صاحب الأرض الخصبة حيث الدولة غير مكتملة العناصر في ظل شغور منصب الرئاسة الأولى وغياب بوادر التوافق حول إشغاله وهشاشة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ووقوع الأمن رهينة الشحن الطائفي والأجواء الشعبوية العبثية!

أما الخطوات الاستباقية لقطع الطريق على الفتنة التي تلوح من المحيط المشتعل فلا تزال ضبابية، في حين تمارس الطبقة السياسية ترَف المناورات وشدّ الحبال، حيث يغيب التوافق المسيحي على مرشّح الرئاسة وتبقى الدولة من دون رأس يجمع أطيافها ويضبط إيقاع الأداء السياسي لمختلف مؤسساتها.. ويستمر الخلاف بين فريقي 8 و14 آذار على إقرار السلسلة وأصول تمويلها مما يعطل ما تبقى من مؤسسات القطاع العام ومعهم مستقبل ما يزيد عن المئة ألف طالب ينتظرون الإفراج عن نتائج امتحاناتهم ليكملوا مسيرة العلم والنور… من دون إغفال الضغوطات المعيشية والاجتماعية الهائلة التي يسببها ما يقارب نصف عدد سكان لبنان من نازحين سوريين، نقلوا معهم مآسيهم ومعاناتهم وخلافاتهم وانتماءاتهم السياسية، إلى وطن بالكاد قادر على تحمل مواطنيه الأصيلين.

فهل تشدّ التحدّيات المحيطة عصب الطبقة السياسية لاتخاذ قرارات جريئة تقابل الفريق الآخر في منتصف الطريق، فتقلص الاختلافات والخلافات، وتحصّن الجبهة الداخلية وتوفر على البلاد والعباد خضات جديدة لا طاقة لتحملها… ففي حين منّى اللبنانيون نفسهم بصيف واعد يعوض بعض خسائر المواقف السياسية وانعدام الأمن المترتب عليها، عاد تهديد التفجيرات يلوح بالأفق من جديد، مهدداً بتسلل الفتن من جديد وتنشيط الحركات المتطرفة في مختلف المعسكرات تحت ذريعة تحقيق توازن القوى في حين هي تضاعف القوى وترفع سقف المواقف وحدود الاشتباك، مما يعني فتح أبواب الجحيم من دون أن يملك أحد المفاتيح لإقفالها!

الوطن يحتّم حكمة سياسية كبيرة في إدارة ملفات ظاهرها سياسي وباطنها أمني بامتياز، فهل يجد اللبنانيون هذه الحكمة عند الأفرقاء أم أن الرعونة هي متلازمة السياسيين في لبنان، وكل على مصالحه خفير؟

 على أمل أن يستخلص اللبنانيون، بكل أطيافهم، العِبَر والدروس من حرب أهلية لم تحصد إلا الخراب والموت، وصراعات طائفية وعرقية لم تثمر سوى دمار الربيع العربي ومعه كل أمل في غد أفضل في ظلال الحرية وتقويض الديمقراطية، يبقى الرهان على صحوة ضمير في اللحظة الأخيرة قبل فوات الأوان وانضمام لبنان إلى وطن عربي يتخبّط باختلافاته، يسقيها من مآسيه ويشبعها من دماء أولاده… مع ملايين التضحيات التي ذهبت سدى الرياح!