IMLebanon

هذه هي حدود «التنسيق» بين «حزب الله» و«المستقبل»

خطة بيروت تنطلق خلال شهر؟

هذه هي حدود «التنسيق» بين «حزب الله» و«المستقبل»

«القبّة الحديدية» الإقليمية التي تغطي الحكومة منذ قيامها من سبات التكليف، ليست وحدها من يساهم في الحفاظ على استقرار وضعيتها، ويدفع عجلتها إلى الأمام بسرعة فائقة، لم تعهدها أي من سابقاتها.

فالجلسات الحوارية المتنقلة بين العاصمة الباريسية والمآدب البيروتية، التي تجمع خصميّ السنوات الثماني الأخيرة، أي «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» كفيلة بمنح الحكومة «محرّك دفع» استثنائيا يزيل من أمامها كل المطبات والألغام القابلة للتفجير.

باتت حكومة «قوس القزح» أشبة بحكومة من لون واحد، لا صوت فيها يعلو على صوت «الانسجام». طبعاً، ما يحصل على طاولة تمام سلام من تفاهم مخالف لـ«طبيعة» العلاقات التي تربط مكونات السلطة التنفيذية، لم يكن ليحصل لولا أنّه قدّر لهذه الحكومة، أن تكون آخر حكومات ميشال سليمان، في نهاية عهده.

إذن هو الاستحقاق الرئاسي الذي ألبس التركيبة السلامية ثوباً «ملائكياً»، نازعاً من رأسها كل الأفكار الشيطانية، بعدما رُدمت الخنادق بين المتخاصمين، ونُثر الورد على الطرقات الفاصلة بين المقار السياسية، التي أصبحت سالكة في الاتجاهين.

ولهذا، هناك من يخشى أن يكون ما بعد 25 أيار غير ما قبله، لا سيما إذا وقع محظور الفراغ، ودخلت الرئاسة في نفقه المظلم. عملياً، يتخوف البعض من أن ينتهي «شهر العسل» القائم على المحور «البرتقالي – الأزرق» مع نهاية العهد السليماني، لا سيما إذا كان الشغور سلفاً للرئيس الحالي، وهو أمر غير مستبعد، واستمر التباعد بين المقاربات الرئاسية.

لا يعني هذا الكلام أنّ «العونيين» سيقلبون طاولة الحوار مع «المستقبليين» رأساً على عقب، إذ لا مصلحة لديهم في قطع الأوصال مع مكوّن أساسي في البلد، لا بل مع ناخب أساسي أيضاً. ولكن المسيحيين، وليس فقط «التيار الوطني الحر»، قد يستخدمون ورقة الحكومة للضغط على شركائهم، لتسريع وتيرة المشاورات الرئاسية.

إذ لن يرضى المسيحيون، وفق تقديرات البعض، بأن تسير المؤسستان الدستوريتان، أي مجلس النواب والحكومة، وكأنّ شيئاً لم يحصل، بينما الرئاسة الأولى معطّلة. ولهذا سيحاولون تجيير كل «مقدراتهم السلطوية» لدفع الآخرين إلى إتمام الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت، كل وفق مصلحته.

ولهذا قد تدفع الحكومة من كيسها. ولهذا أيضاً يحاول «آباؤها» استثمار كل الوقت المتاح أمامهم، في تسجيل «الأهداف المنتجة» قبل بلوغ يوم الخامس والعشرين من الجاري.

في هذه الأثناء، تساعد أسهم «كيوبيد» على تحقيق «المعجزات الحكومية»، الواحدة تلو الأخرى، حيث ينتظر أن يصدر مجلس الوزراء دفعة جديدة من التعيينات، على قاعدة التنسيق والتشاور، على أكثر من محور، التي أنتجت الدفعات السابقة.

بالتزامن مع الخطط الأمنية التي تشرف وزارة الداخلية على تنفيذها في أكثر من منطقة. ويفترض أن تكون خطة بيروت الإدارية، هي الخطوة المقبلة في هذا السياق، حيث تفيد المعلومات أنّ الخطة قد تنفذ خلال شهر من الزمن.

ويبدو أنّ الأجهزة المعنية في صدد تحضير لوائح الاستنابات القضائية للمطلوبين في هذا «المربع» الذي سيستثني الضاحية الجنوبية كونها «جزءا من الاستراتيجية الدفاعية التي سيتم النقاش حولها بين كل القوى السياسية في القصر الجمهوري… او لاحقا في مكان آخر»، كما سبق لوزير الداخلية نهاد المشنوق أن أكد.

طبعاً، خطة بيروت لن توضع قيد التنفيذ إلا بعد التشاور مع «حزب الله»، كما حصل في المرّبعات الملتهبة داخل الحدود، كما في «ثغورها»، وتحديداً بلدة الطفيل، التي أدخلت مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا إلى «صورة مشتركة» مع القادة الأمنيين على طاولة القرار في الصنائع.

تلك الصورة التي وقعت كالصاعقة على رأس البعض، والتي يعتقد المشنوق أنّ «قمحها» يتفوق على «شعيرها»، لم تكن إلا مرآة «تطور» العلاقة بين خصوم الأمس، من «حرب كلامية» استخدمت فيها كل الأسلحة المتاحة، إلى «هدنة» تركيب الحكومة، بلوغاً محطة التنسيق المشترك، مع أنّه لا يزال محصوراً في «الأساسيات».

عملياً، التنسيق حول «الأمن السياسي» بين الضاحية الجنوبية ووزارة الداخلية، مع ما يتفرّع عنه من عناوين، لم يعد موضع نقاش أو سؤال حول مبدأه. التطورات المدانية هي التي كرّسته. بين المشنوق وصفا، التشاور يفرض نفسه حين تستدعي الحاجة، بعدما حملت العلاقة بين الفريقين عنوان: «ربط نزاع» كما وصّفه سعد الحريري لضمان الاستقرار.

وهو ما يعني أنّ «الحوار» القائم بين الطرفين على طاولة مجلس الوزراء أو خارجها، مفتوح على كل الملفات، باستثناء: مشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا، الاستراتيجية الدفاعية، وانتشار سلاح الحزب… مع العلم أنّ هذه النقطة أثيرت خلال الفترة الأخيرة على طاولة مجلس الوزراء حين طرح المشنوق مسألة «مربعات الموت»، حيث أبدى الحزب كل تجاوب مطلوب، رافعاً الغطاء عن كل المرتكبين، وفق ما أعلن وزير العدل أشرف ريفي آنذاك.

فهل ستتمكن العلاقة بين الخصمين من تجاوز مطبات الماضي، وهواجس الحاضر، لتؤسس لمنظومة الغد؟