IMLebanon

هل أحرَقت دمشق ترشيح عون إلــى رئاسة الجمهورية؟

يبدو أنّ الرئيس السوري بشار الأسد يحاول إثباتَ أنه ما زال قادراً على التأثير في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، فيما هو يتخبط في صراعٍ مفتوح أفقده السيطرةَ على القرار السوري، ومن هذا المنطلق عبّر عن اعجابه برئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ورحب بانتخابه «رئيساً لما فيه مصلحة لبنان اولاً ومصالح علاقات الأخوّة».

هذا الاعلان الواضح والذي يُعتبر تدخلاً مكشوفاً في الشأن اللبناني يطرح تساؤلاتٍ عدة، أبرزها: هل الهدف من هذا الإطراء إسقاط التوافقية التي يدّعي عون تجسيدها، أم هو يدعم عون فعلاً للضغط على «حزب الله» الذي لم يسمِّ حتى الساعة الجنرال بعد ويبرّد في الوقت عينه سياسياً مع «المستقبل»، ام انّ هدف الطرح يعود الى إحراق عون داخلياً من أجل شق الطريق أمام حليفه رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية؟

وفي هذا الاطار، رأى نائب «التكتل» حكمت ديب لـ«الجمهورية»، أنّ «لكلّ طرف الحرية في أن يعبّر عن الطريقة التي يريدها ترحيباً ايجاباً ام سلباً»، معتبراً أنّ «اللعبة اليوم يجب أن تكون داخلية لهذا الاستحقاق وعلى اللبنانيين القيام بما يتوجب عليهم وبما يفرضه الدستور والميثاق ومبدأ التوافق بينهم»، مرحباً بكل «دعم يقرّب، لمصلحة اللبنانيين، ولمصلحة كل طرف يدخل على هذا الخط كي يساعد في هذا المجال».

وأضاف: «أنّ اللبنانيين مرّوا بتجربة صعبة جداً والسوريون اليوم يمرون في التجربة ذاتها ولكن على درجات متفاوتة. فاللبنانيون اكتووا بنار الحروب والتفرقة وفي الوقت نفسه اكتووا من رئيس فارغ من السلطة ومن القوة ومن الادراك ومن المشروع ومن القدرة على التعامل مع استحقاقات استراتيجيّة. فالمسألة باتت تتخطى قدرة لبنان في مسألة النازحين وتداعيات الحرب السورية. هذا كله يرتّب وجود رئيس قوي لكي يتعامل مع هذه التحديات بصورة صحيحة».

ورحب ديب بأيّ دعم «بغض النظر عمّا اذا كان يسبب ردات فعل أم لا، والسياسة لا تُبنى على تصريح، وعلينا كلبنانيين معرفة مصلحتنا والاهتمام بها».

الهبر

من جهته، أوضح النائب فادي الهبر لـ«الجمهورية» أنّ «عون مرشح النظام السوري ومرشح الاتفاق الايراني ـ السوري و»حزب الله»، الذين يعتبرون أنفسهم المثلث الايراني، مثلث المصالح الإيرانية في المنطقة بالاضافة الى النظام العراقي، ويحاولون بالاستراتيجية الايرانية أن يسيروا بامتدادهم على المستوى العسكري والامني في وجود «حزب الله» في لبنان وأن يكون رئيس الدولة تابعاً لهم»، مشيراً الى أنّ «هذه الصفة موافق عليها عون الذي هو أكثر من حليفٍ لنظام الاسد».

وأضاف: «لا أدري ما نوايا الاسد ولكنّ نواياه عادة مخابراتية ونوايا تسلطية في المنطقة»، لافتاً الى انّ «من الممكن أن يشيد الاسد بعون بهدف إيصال فرنجية، ومن الواضح انّ عون حليف الاسد»، مشدّداً على انّ «هذا الحلف يؤمّن السلطة لعون على كل الصعد، وزراء، ونواب، ورئاسة الجمهورية».

أما عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش فأكد لـ«الجمهورية» أنّ «الامور محسومة، فلا ترشيح الاسد لعون يغيّر حظوظه ولا عدم ترشيحه له يزيد الامكانية، فرغبةُ الأسد رؤيةٌ شخصية تعيده بشكل من الاشكال الى لبنان».

وأشار علوش الى أنّ «عدم تسمية «حزب الله» لعون مردّه الى انّ الحزب لا يريد شخصية مثل عون فهو يعتبره غير مستقر من ناحية الادارة والسياسة، ويريده شخصاً موجوداً في جعبته، كما قال الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ، اما الرئيس السوري فربما في ظلّ هذه الظروف الصعبة القائمة على حكمه يعتبر انّ عون هو خيار مجدٍ بالنسبة له».

وحول توقيت الترحيب بعون رئيساً، إعتبر علوش أنّ «لا سبب محدّداً حول التوقيت الآن وربما هناك خلاف بينه وبين «حزب الله»، أو ربما ليقول إنه لا يزال لاعباً اساسياً بالنسبة للبنان، ولكن عملياً هذا الترشيح لا يخدم عون لا من قريب ولا من بعيد ولا يضرّه أيضاً».

ويبقى أنّ عون حافَظَ على صمته رافضاً التعليق على كلام الأسد، لأنّ الترحيب يحرجه مع «المستقبل»، فيما التنديد يحرجه مع «حزب الله»، وبالتالي آثر الصمت. ويُذكر أنّ دعم الأسد لعون جاء بعد أن كان سُرِّب عن الأخير دعوته لمنح الرئيس السوري جائزة نوبل لمحاربته الإرهاب، ما يُؤشّر الى أنّ عون ما زال في التموضع الذي انتقل اليه بعد توقيعه وثيقة التفاهم مع «حزب الله» عام 2006، وبالتالي كل ما يقوم به اليوم لا يخرج عن سياق التمييز بين مقتضيات الحملة الانتخابية الرئاسية وبين قناعاته الشخصية التي علّقها في انتظار انتهاء المعركة الرئاسية.