IMLebanon

هل «تنفذ» الحكومة من «خروم السلسلة»؟

إذا أُقِرّت موارد سلسلة الرتب والرواتب اليوم في الجلسة التشريعية، فسيكون يوماً مشهوداً للمجلس النيابي بأن احتفظ بصلاحيته التشريعية بحدّها الأدنى، على رغم فشلِه في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وسيكون في حال اكتمال المشهد دليلٌ على احتمال أن تنفذ الحكومة من بعدِه بتجاوز أزمة صلاحيات الرئيس التي آلت إليها وكالةً بعد الشغور الرئاسي. فهل يكتمل السيناريو فصولاً؟

تتّجه الأنظار اليوم إلى ساحة النجمة لترقّب مدى قدرة مجلس النوّاب على لعب دوره التشريعي في إقرار مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب التي شغلته منذ ثلاثة أعوام على الأقلّ، وتوفير الموارد الماليّة لها في شكل متوازن لجهة القدرة على توفير كلفتها من الضرائب والرسوم الجديدة بلا المَسّ بالقدرة الشرائية للّيرة اللبنانية التي أرهقَها حجم الدين العام بتجاوز كِلفته 1,6 في المئة من موارد الدولة اللبنانية، وهو ما يوازي كلفة خدمة الدين العام السنوية في ظلّ عجزها عن جباية مواردها كاملة، وخصوصاً تلك التي ستتضاعف في بعض القطاعات بلا ضمان جبايتها بسبب الخلاف على مدى قدرتها على استيفائها كاملةً وفق ما قُدِّرت.

أضِف إلى ذلك، هناك خبراء ماليّون وسياسيّون، يشكّكون في القدرة على استيفاء ما يُبحَث فيه اليوم من رسوم وضرائب إضافيّة على طريقة «اقتسام جلد الدبّ قبل اصطياده». فهناك مَن يعتقد أنّ التقديرات الماليّة التي تسرَّبت من الطروحات الأخيرة قيدَ البحث في لقاء ساحة النجمة بُعيدَ فشل تأمين النصاب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بقيَت وهمية. فبنود كثيرة تمّ البحث فيها تضمّ ما يكفي من التقديرات المبالغ فيها، في بلدٍ لم يستطع حتى العام الماضي إلّا جباية ما يمكن فرضه من رسوم وضرائب مباشَرة، ومنها تلك التي تتَّصل بالضريبة على القيمة المضافة التي تُجمع بمعدّلات كبيرة تقارب نسبتها الكاملة والشاملة.

وعلى هذه الخلفيات التي رُصِدت في الساعات الماضية، ارتفع منسوب التفاؤل بطَيّ صفحة سلسلة الرتب والرواتب مع القليل من تدوير الزوايا والتشذيب الذي يمكن أن تتعرّض له مواردُها وتقديماتها الى المستفيدين منها، بعدما تناهى إلى طبّاخيها أنّ هيئة التنسيق النقابية ومعها الهيئات الداعمة للإضراب والتظاهر وتعطيل الإمتحانات ستقبل بالحجم المنتظر من التقديمات لعلمِها المسبَق أنّ تمنين النفس بنسبة الزيادة بنسبة 121 في المئة حُلمٌ بعيدُ المنال، ولا يمكن نيلها لمن يعيش في لبنان، وأنّ المجال أمام هذه الهيئات مفتوح لحصاد ما يمكن حصاده من التقديمات المادية، على أن تواصل تحرّكها الهادئ في المرحلة المقبلة على قاعدة «خُذ وطالِب» ولن «يضيع حقّ وارءَه مُطالب».

ومن هذه المعادلة، تُعبّر مراجع حكومية عن تفاؤلِها بأنّ العبور بقرار سياسي بامتياز من ساحة النجمة في ملفّ السلسلة واحتفاظ مجلس النواب بالحدّ الأدنى من حقّه التشريعي سينسحب على آلية العمل الحكومي. فهذا الإنجاز النيابي يُرضي الساعين الى الإحتفاظ به، ولا يزعج الذين يؤكّدون أنّ المجلس هيئة انتخابية وليست تشريعية إلّا في الحالات القصوى، ويطالبونه بتقديم استحقاق انتخاب الرئيس على أنّه واجبٌ دستوري يتقدّم على ما عداه من مهمّات المجلس التشريعية في حال الشغور الرئاسي، باعتبار أنّ ملفّ السلسلة عُدَّ من الملفّات الوطنية الكبرى التي تطاول مصالح شريحة واسعة من اللبنانيين.

ومن هذه النقطة سيؤكّد قادة الكُتل النيابية الممثّلون في الحكومة أنّ قرار الحفاظ على الحد الأدنى من دور المجلس النيابي سينسحب انفراجاً على مستوى الحكومة التي يمكن ومن خلال التفاهم على آليّة تطبيق صلاحيات الرئيس أن تنفذ بوحدتها والحدّ الأدنى من تضامنها. وإنْ إلى حين!!