IMLebanon

هل يتحرّك الوسطاء لإنجاز الإستحقاق بتوافق لبناني بعد غياب الإقليمي؟

الأزمة الرئاسية دخلت أسبوعها الثالث واقتراح جعجع سحب ترشّحه وعون فتح نافذة للحل

هل يتحرّك الوسطاء لإنجاز الإستحقاق بتوافق لبناني بعد غياب الإقليمي؟

إعلان جنبلاط أنه لن يمنح أصوات كتلته لعون وجعجع فتح الطريق أمام الوسطيين

أزمة انتخاب رئيس الجمهورية دخلت أسبوعها الثالث من غير بروز أية معالم ولو ضعيفة تشير الى إمكانية إتمام هذا الاستحقاق في المنظور القريب.

فالمواقف ما زالت كما هي لم تتغيّر أو تتبدّل منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والنتيجة واحدة «تعطيل أهم استحقاق دستوري» في البلد.

الرهان على توافق اللبنانيين قد فشل، حيث الاصطفاف ما زال على حاله، قوى 14 آذار «تتمترس» حول تأييدها المرشح سمير جعجع منذ شهرين، ونزل نوابها الى المجلس النابي لست جلسات لم يستطيعوا خلالها تأمين انتخابه، ففي الجلسة الأولى لم يحصل على ثقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، وفي الجلسات الخمس الأخرى تم تعطيلها من قبل فريق 8 آذار عبر «تطيير» النصاب.

وعلى الضفة الأخرى التي أطلقها أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله على مرشح هذه القوى تذهب باتجاه رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، ولكن هذا «إستنباط» لا أكثر ولا أقل، كما أن اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس نبيه بري بالعماد عون لم يعلن بعده الرئيس بري أن مرشحنا هو ميشال عون، رغم ما ظهر من تصريح عون في عين التينة بأن لا خلاف بينه وبين بري، حتى عون لم يعلن ترشحه رغم أنه يعمل ليل نهار لتأمين التوافق بين كافة القوى على ترشحه.

ومن الأهمية القول أن المرشح سمير جعجع عندما أبلغ وفد المؤسسات المارونية قبوله «بإعلان كل من عون وجعجع إنسحابهما من المعركة الرئاسية» لإفساح المجال أمام مرشح آخر يتم التوافق حوله، أن هذا الاقتراح هو بمثابة فتح «كوّة» في جدار الأزمة الرئاسية التي دخلت أسبوعها الثالث ولا أحد يدري متى تنتهي.

هذا فيما ميشال عون مصرّ على أنه مرشح توافقي في ظل انعدام كلّي لإمكانية أن يتوفّر التوافق حوله كمرشح لرئاسة الجمهورية.

اعلن امس النائب وليد جنبلاط «انه وكتلته لن ينتخبوا كل من سمير جعجع وميشال عون لرئاسة الجمهورية»، ورغم انه اعلن ان المرشح هنري حلو هو وسطي، الا ان مصادر مقربة من جنبلاط اكدت اكثر من مرة ان زعيم المختارة وهو صاحب الكتلة النيابية «الوازنة» على استعداد للتفاهم مع فريقي 8 و14 آذار على مرشح وسطي آخر، ولكن هناك عوامل تعطيل مشتركة امام التوافق الداخلي ما زالت قائمة ابرزها:

– ان قوى 8 آذار لم تصارح ميشال عون حتى الآن ان طريق بعبدا امامه ليس مفتوحاً، بل مقفلاً، عليه انطلاقاً من الحرص الوطني ان يسهل انجاز الاستحقاق عبر فتح المجال للتوافق على مرشح آخر من القوى الوسطية، وما تردد بأن الرئيس بري صارحه اثناء الاجتماع به في عين التينة منذ ايام من انه «يبدو ان الرئيس سعد الحريري محرج، وانه ملتزم بحلفائه وجوابه النهائي بتأييدك قد طال كثيراً..»، وذكرت بعض المصادر ان الرئيس بري اراد بذلك إيصال رسالة واضحة لعون مفادها بأن تأييد الرئيس الحريري له في معركته الرئاسية لا يبدو سيتحقق، ولكن هذه المعلومات لم يؤكدها لا الرئيس بري ولا النائب عون.

اما على الصعيد الخارجي يبدو ايضاً الرهان على توافق اقليمي وخاصة سعودي – ايراني حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني مقوماته ضعيفة جداً، فكلا البلدين بينهما ملفات اخرى ساخنة وعالقة من غير حلول سياسية لها، بل هي ساخنة اكثر من الوضع اللبناني، فهناك الازمة الطاحنة في سوريا، وهي محل صراع حاد بين الدولتين، وكذلك الازمة الامنية – السياسية في العراق، وايضاً هناك الازمة في اليمن خاصة بعدما عملت ايران عبر دعمها للحوثيين عسكرياً ومالياً الى نقل الازمة الى البوابة السعودية من جهة اليمن، فهذه الساحات الساخنة لها الاولوية لدى كل من السعودية وايران سواء من حيث التنافس حولها ام من حيث التوافق على حلول سياسية لها، كما ان كلا الدولتين تريان ان الاوضاع الامنية في لبنان مستقرة الى حد ما..، اي ليست متفجرة، وان كلا الدولتين كانتا قد اعطيتا الاشارة الايجابية سابقاً لتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، التي يشارك فيها جميع القوى السياسية، وان هذه الحكومة الجامعة انيط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، لذلك الرهان على توافق اقليمي قريب يكون بديلاً عن توافق اللبنانيين لانجاز الاستحقاق الرئاسي ليس في محله، كما ان القوى الدولية وخصوصاً اميركا ادارتها ليست قلقة ليل نهار كون قصر بعبدا مقفل منذ ثلاثة اسابيع.

لذلك للتعطيل «الرئاسي» عوامله الداخلية، وان القوى السياسية لو توافقت في ما بينها على مرشح «وسطي» فإن القوى الاقليمية والدولية ستبارك هذا الاجراء وتشجع عليه.

ان ما قدمه المرشح سمير جعجع من اقتراح للمؤسسات المارونية يقضي بسحب ترشح كل من جعجع وعون، وكذلك تأكيد جنبلاط ان اصوات كتلته «الوازنة» لن تذهب الى اي منهما، يشكل ارضية صالحة يمكن البناء عليها لتحرك الوسطاء اللبنانيين لانهاء الازمة الرئاسية التي طالت اضرارها جميع اللبنانيين من غير استثناء.