IMLebanon

يريد إنقاذ لبنان؟!..

استوقفني المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الأسبق أمين الجميّل، وكأنّ الناس فاقدو الذاكرة، أو أنّهم نسوا.

 

لا أريد أن أنبش قبور الماضي! ولكن عهد أمين الجميّل كان من أسوأ العهود في لبنان، ويحضرني الآن بضع ذكريات سود من ذلك العهد:

أولاً: إنهيار الليرة اللبنانية، كان الدولار يساوي ثلاث ليرات وفي أيامه ارتفع ارتفاعاً كبيراً، ويمكن القول انهارت العملة اللبنانية وإنّ الدولار بلغ 2000 (ألفي) ليرة.

ثانياً: إنهيار احتياطي العملة في البنك المركزي بسبب صفقة شراء أسلحة أميركية بقيمة مليارين من الدولارات عداً ونقداً نقلت في حقائب، وأيضاً صفقة طوافات «البوما» التي أسهمت في تدهور العملة، خصوصاً وقد أثير حولها الكثير الكثير من الكلام والفضائح، لأنّ الطائرات كان يُفترض أن تكون صناعة وتجميع فرنسا، فإذا بها من تجميع رومانيا.

ثالثاً: طبعاً لا أريد أن أنكأ جراح الماضي وكيف كان يقسم البلاد، ويسعّر الحرب الأهلية، وكيف استقبلته منطقة الطريق الجديدة في بيروت، وماذا نفّذ من اعتقالات في المنطقة ذاتها التي استقبلته… الى حرب الجبل… الى مسلسل الحروب الأهلية التي كادت أن تؤدي الى تقسيم لبنان.

رابعاً: قمّة الفشل في عهده كانت تسليم ميشال عون قائد الجيش في ذلك الوقت حكومة عسكرية لأنّه رفض أن يكون هناك أي اتفاق… وفي آخر زيارة له الى دمشق ولقاؤه الرئيس حافظ الأسد في آخر يوم من عهده كان يقول إمّا أن تجدّدوا لي أو سوف أسلّم الدولة الى قائد الجيش الذي كان يكرهه، وكان يقول له أن يستغل مركزه كقائد للجيش لكي يصل الى الرئاسة، وهذا الكلام كان في مناسبة عيد الجيش في الأوّل من آب عام 1988 أي قبل أيام من انتهاء عهده.

اليوم يرفع أمين الجميّل شعار «إنقاذ الجمهورية»…

بالله عليكم كيف يمكن لشخص له هذا التاريخ أن ينقذ لبنان؟!.

ليس أمين الجميّل وحده الذي صلب المسيحيين بل انّ الأمانة التي أودعها لنا كلبنانيين ألا وهي الحكومة العسكرية بقيادة الجنرال ميشال عون كانت أسوأ، إذ أنّ المسيحيين لم يعانوا ولم يخسروا في تاريخهم كما عانوا وتكبّدوا خسائر بشرية ومالية بسبب أنّ الجنرال السابق كان يعتبر أنّ قصر بعبدا خلق من أجله وأنّه لا يستطيع أن يتخلى عن قصر بعبدا لأنّ والده كان قد تركه له إرثاً، وربما هناك سند ملكية في الدوائر العقارية تقول إنّه ملك آل عون! فكيف يتخلّى عنه؟

طبعاَ، كلنا نتذكر حرب التحرير وحرب الإلغاء، وأخيراً يوم رفض عون أن يترك قصر بعبدا فاضطر المرحوم الرئيس البطل الياس الهراوي أن يتخذ قراراً تاريخياً وهو إزالة حال التمرّد من قصر بعبدا… وهكذا اضطر الجيش اللبناني – بالإستعانة بالجيش السوري – لإزالة حال التمرّد ما كلف لبنان 500 قتيل وجريح… وبدل أن يُحاسب ويوضع في السجن هرب الى السفارة الفرنسية ومن بعدها الى فرنسا.

يقول أمين الجميّل بإنقاذ لبنان لأنّ المجلس منقسم انقساماً حاداً، صحيح، وفي تقديري أنّ المجلس النيابي مدّد لنفسه… ولو كان هناك حد من العدالة لكان يجب أن يتم التمديد أيضاً للرئيس ميشال سليمان الى أن تُـجرى الانتخابات النيابية العامة، وعندئذٍ ينتخب النواب الجدد رئيساً جديداً للبلاد.

وتبقى نقطة مبدئية: عندما يرشح الجميّل وحزبه سمير جعجع للرئاسة، ويعلن تمسّكه بترشحه، ما هو مبرّر ترشحه شخصياً… وأين الصدقية؟!.