IMLebanon

15 يوماً أمام آخر الإختبارات الداخلية؟

بعد أيّام على جلسة «2 آذار» تبخَّرت كلّ القراءات التي أوحت بإنتخاب رئيس للجمهورية. وثبُت بالوجه الشرعي أنه لا يكفي أن يُعبّر الرئيس سعد الحريري عن أمله في قرب إنهاء الشغور ليتمّ ذلك، فقد سبقه رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالإشارة الى أنّ الإستحقاق بات قريباً. ما طرح سؤالاً عن جدوى مقاربته بالمعطيات نفسها؟ فهل من بشائر لمخرج من مكان مختلف؟

توحي كلّ التطورات بأنّ البلاد تتّجه الى فتح مزيد من الملفات الخلافية المتراكمة، ففي ظلّ استمرار الشغور الرئاسي الذي يقترب من نهاية عامه الثاني، تجاوَز مسلسل الجلسات الإنتخابية «المكسيكية» حلقته الـ36 قبل أيام بلا أيّ أفق.

وتزامناً مع استمرار الشلل في السلطة التشريعية دخلت الحكومة نفق التعطيل مجدداً بعدما سدّت أكوام النفايات مسالك التفاهم الى تحديد المطامر وبات قرار تفعيلها الذي اتُخذ على طاولة هيئة الحوار في خطر جدّي.

وفي مقابل هذا الكم من الملفات الداخلية العالقة وعلى رغم الوساطات، تتّجه السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي الى مزيد من الإجراءات العقابية بحقّ لبنان واللبنانيين في مواجهتها المفتوحة مع إيران على كلّ مَن يمثلها في المنطقة والعالم. وبعدما أدرَجت هذه الدول «حزب الله» على لائحة المنظمات الإرهابية تأتي الإجراءات المالية والإقتصادية لتنتقم من المؤسسات العسكرية والأمنية أولاً، ومن اللبنانيين ثانياً.

فأخذتهم جميعاً بجريرة الحزب الذي زاد من تحدّيه لها وانخراطه أكثر في سلسلة الأزمات العربية والإسلامية من المحيط الى الخليج تدريباً وتسليحاً وتغطية إعلامية وسياسية. عدا عما كشفه أمينه العام السيد حسن نصرالله عن الدور الذي لعبه في البوسنة قبل عقد من الزمن وقبل أن تتطور أدواره وتتوسع في المنطقة والعالم.

وإن كان ثابتاً حتى اليوم أن لا موعد لإنتخاب الرئيس العتيد للجمهورية مهما علت الأصوات مندّدة بالمقاطعة المستمرة لجلسات الإنتخاب، فإنّ الأسئلة التي رُفعت منذ زمن ما زالت هي هي بلا جواب، ومنها:

ما هي الشروط اللازمة لإنهاء الفراغ الرئاسي في ظلّ النزاع الإقليمي والدولي المتنامي؟ وهل هناك من معطيات يمكن أن تؤدي الى ملء الشغور بلعبة إقليمية تتحسّب للوضع اللبناني في زاوية منها؟

ليس هناك مَن يتصوّر أنّ إنهاء الشغور الرئاسي يمكن أن يتحوّل أمراً واقعاً إذا ما إستمرت مقاربة الإستحقاق بالوسائل المعتمدة الى اليوم في شكلها ومضمونها. فالإصرار على المعادلة السلبية القائمة كما هي وبالمرشحين أنفسهم، يوحي بأن لا مخرج لسدّ الشغور.

فإلى تأكيد الرئيس سعد الحريري استمرار تمسكه بترشيح النائب سليمان فرنجية فور رفع الجلسة في 2 آذار الجاري لم يظهر أنّ «القوات اللبنانية» و«حزب الله» في وارد التراجع عن ترشيح العماد ميشال عون أيضاً. فيما استمرار ترشيح النائب وليد جنبلاط للنائب هنري حلو لن يقدم ولن يؤخر في مسار العملية الإنتخابية.

وعليه، فإنّ الشروط التي يمكن أن تشكل خروجاً من المأزق القائم ما زالت مفقودة. وهو ما يقود حتماً الى انتظار صيغة جديدة تكسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها الإستحقاق والتي لا نهاية لها باعتراف أبطال المواجهة القائمة. فأبطالها باتوا أسرى المواقف التي بُنيت في لحظات من التحدي والفعل وردات الفعل التي لا نهاية لها.

والأخطر أنّ كلّ ذلك يجري في مرحلة ظهر فيها العجز اللبناني عن إتمام الإستحقاق بمعطياتٍ لبنانية وتفاهماتٍ داخلية. فكلها باتت من الماضي على لائحة الفرص الضائعة بعدما تردّد البعض في حسم موقفه في انتظار إستثمار انتصارات خارجية موعودة.

ولكن ما العمل إذا طال انتظارها؟ وهل يمكن أن يبقى العالم متفرّجاً الى حين؟ وهل يمكن للحراك الخارجي أن يفتح ثغرة في الجدار السميك الذي يغلّف الإستحقاق؟

ثمّة مَن يقول إنّ المنتديات المقفلة بدأت فعلاً تتداول أسماء جديدة لمرشحين جدد من لائحة قديمة بعدما سُحبت من الأدراج ويمكن إحياؤها بين لحظة وأخرى. ولم يحن الوقت للبحث فيها في انتظار بعض المؤشرات التي لا يمكن رصدها من اليوم بسهولة.

وباعتراف مراجع ديبلوماسية تراقب الحركة الخارجية المتصلة بأحداث المنطقة وإعادة توزيع المغانم وتقسيم النفوذ وترتيب أوضاع دولها وأنظمتها، أنّ الظروف الموضوعية التي يمكن أن تقود الى التطورات المنتظرة على مستوى الإستحقاق الرئاسي لم تكتمل بعد وتحتاج لبعض الوقت في مناقشة سيناريوهات عدة.

والى تلك اللحظة، يبقى على اللبنانيين أن يتمتّعوا بنعمة الصبر ووقف المهاترات التي لا تؤخر ولا تقدّم. فأمام المحاولات الداخلية لملء الشغور مهلة 15 يوماً جديدة لإتمام الإختبار الجديد تنتهي في 23 الجاري موعد الجلسة السابعة والثلاثين لإنتخاب الرئيس، ومن بعدها على الجميع انتظار الظروف الإقليمية لإملاء الخطوات المقبلة على اللبنانيين إن إستوت الطبخة. ولكن كيف ومتى؟!