IMLebanon

200 مليون دولار لتوسعة مطمري برج حمود والكوستابرافا

 

الازمات تلاحق المواطنين من كل الجهات، وتقطع  انفاسهم ولا احد يعرف حتى الآن سر انقطاع التيار الكهربائي منذ 3 ايام عن الضاحية الجنوبية ومناطق في الجبل وصولا الى الجنوب مع وعود كثيرة، ولا احد يعرف متى ستحل ازمة النفايات التي تشكل اكبر فضيحة لكل الدولة اللبنانية، اضافة انه لا احد يعرف ماذا يجري في الميكانيك والمعاينة الميكانيكية ولوحات السيارات الجديدة وقيمة الصفقة؟ وماذا ستكلف المواطن؟ وعناء انجازها والسوق السوداء؟ ولا احد يعرف الى اين ذهبت تلزيمات تكاليف العملية الانتخابية التي تفوق الـ 40 مليون دولار، بدون الهويات البيومترية، والانكى انهم يتباهون بالانجازات الذي لم يلمسها المواطن حتى الآن؟ وما زالوا يرزحون تحت كم كبير من المشاكل يطال كل متطلباتهم الحياتية، لكن هناك من يعمم بان البلاد ستشهد مساراً مختلفاً بعد الانتخابات النيابية، وبان حياة سياسية جديدة ستبدأ مع طبقة جديدة، فيما المجلس الجديد لن يشهد اية تغييرات في الستاتيكو الا بحدود معينة.

وفي ظل هذه المعمعة الكبيرة، والتخبط في الملفات المتشبعة وتحديداً في ملف النفايات، التي ستعود الى الشوارع في الشهرين المقبلين، فان كل الحلول المطروحة من قبل شركات الاستشارات والاخصائيين ومعدي الدراسات الذين كلفوا الدولة مئات الاف الدولارات ولم يتفقوا على تصور محدد وعلمي بعد، وطالما ينظر المسؤولون الى هذا الملف على انه يوازي ملف النفط من حيث المردود المادي، فانه لن يأخذ طريقه الى الحل، وطالما ينظر الى ملف النفايات حسب متابعين اساسيين على انه وسيلة لردم ملايين الامتار في الواجهة البحرية من صيدا وصولا الى خلدة، والجديدة وبرج برج حمود وطرابلس وادخال مئات ملايين الدولارات على جيوب البعض، وهو يشكل فضيحة اكبر من فضيحة الاملاك البحرية، وتمويلها من المال العام بحجة انشاء مطامر مؤقتة للنفايات لمدة اربع سنوات فقط. وبعد اربع سنوات يتم وضع اليد على الاملاك البحرية فان القضية لن تحل علما ان كلفة هذه المشاريع تصل الى اكثر من 200 مليون دولار، وتكون فترة فاصلة وضرورية لانشاء وتشغيل المحارق والمعامل رغم ان الدولة لم ترسو على خطة معينة بعد وهناك من يتحدث عن المحارق، وهناك من ينحاز للمعامل وهناك من يتحدث عن حلول عن طريق البلديات، علماً ان الخطة الحالية القائمة على توسيع مطمري الكوستابرافا وبرج حمود لاتشمل نفايات عاليه والشوف. حيث تعاني المنطقتين من اكبر كارثة بيئية، بعد ان تحولت الاحراج الى مكبات عشوائية وهذا الامر يشمل معظم المناطق الحرجية في لبنان.

اما في طرابلس، فان ملف النفايات بات يشكل اكبر كارثة بيئية على الاهالي ومخاطره تتزايد يومياً على السكان بسبب الزواحف والروائح، كما ان قسماً من المطمر العشوائي مهدد بالانهيار، وقد طرح الموضوع على مجلس الوزراء، وتم تأجيله الى جلسات لاحقة رغم مناشدات الاهالي اليومية، اما بالنسبة لتوسيع مطمر الكوستابرافا المخالف لابسط الشروط البيئية والسلامة العامة. فان خطة توسيع مطمر الكوستابرافا يتم عبر استحداث مساحة شمال مصب نهر الغدير وانشاء حاجز بحري، وردم 150 الى 200 الف متر مربع من الاملاك البحرية، تسمح بايجاد مساحة لطمر النفايات لمدة اربع سنوات، والمكان المقترح قريب جداً من احد مدارج المطار، ولا يبعد اكثر من 200 متر ويشكل خطرا على السلامة العامة، والعمل يجب ان يتم بدقة كبيرة، وكلفة هذا المشروع التوسعي تبلغ 130 مليون دولار حسب اسعار شركة المقاول «جهادكو للمقاولات» المحسوبة على الرئيس سعد الحريري. ومن ضمنها الحاجز البحري بارتفاع 8 امتار وبطول1900 م، والخيار الثاني امكانية استحداث مساحة غرب مطمر الكوستابرافا تتصل مباشرة بالمطمر المحلي وانشاء حاجز بحري بهدف تكوين مساحة لطمر النفايات لمدة 4 سنوات، ولكن المشكلة حجم ارتفاع الحائط البحري في هذه المنطقة الذي يصل الى 9 امتار والكلفة لهذا المشروع 131 مليون دولار اذا اعتمدت اسعار شركة جهادكو  للمقاولات لصاحبها جهاد العرب.

ويقول خبراء ان الاصرار على انشاء المطمر في الكوستابرافا وعلى البحر تسمح للشركات والمتعهدين بالتخلص من «عصارة النفايات» ودون اي معالجة، وترك منافذ مفتوحة في الحائط البحري يسمح بتسرب عصارة النفايات الى البحر وهذا ما يسبب بتلون الشاطئ اللبناني، وهذا الامر حاصل حاليا في الكوستابرافا مع ابقاء الجدار الغربي للمطمر دون عزل مما يسمح بالتسرب الى البحر على نطاق واسع.

علما وحسب الخبراء البيئيين، ان مطمر الكوستابرافا غير مناسب كليا ومهما تم توسيعه فهو عاجز عن استقبال ملايين الاطنان من النفايات لقربه من المدرج الغربي للمطار كما ان العمل الحالي في الكوستابرافا يتم في تقنيات تقليدية جداً لا تسمح بزيادة الطمر.

وبالنسبة لمطمر برج حمود فان القدرة الاستيعابية للمطمر تنتهي اواخر شهر كانون الاول اما المساحة المخصصة للتوسع لطمر النفايات في

الجديدة – البوشرية تسمح لاستقبال النفايات لمدة 14 شهراً فقط وتنتهي في اذار 2019، فيما الدراسات لتوسعة مطمر برج حمود والجديدة تتضمن امكانية ردم المساحة المائية الواقعة بين مطمر برج حمود والجديدة واستعمالها لطمر النفايات، مما يعني الغاء انابيب النفط في المنطقة والغاء مرفأ الصيادين. وهذه المساحة تؤمن الطمر لـ4 سنوات وكلفة هذا المشروع 60 مليون دولار ويشمل التلزيم اقامة حاجز بحري بطول 200 م، اما الخيار الثاني فيتضمن استعمال الاملاك العامة التي تم استحداثها في الجديدة لطمر النفايات وهذا يتطلب التخلص من كمية تقدر بحوالى 650 الف م من جبل النفايات القديم في برج حمود، علما ان هناك اقتراحا بنقل كمية الردميات في برج حمود لتوسعة مطمر الكوستابرافا، وهذا مخالف للشروط البيئية الدولية.

كما ان الخطة الاولى التي وضعت لتوسيع مكبي برج حمود وانشاء مطمر الكوستابرافا كانت تقضي بردم النفايات لمدة 4 سنوات لكن القدرة الاستيعابية انتهت بعد 3 سنوات وهذا مخالف لما كان مخططا في مجلس الوزراء، ومن يتحمل النتيجة وقد قدمت تبريرات كثيرة، وبالتالي  من يضمن الخطة الحالية وقدرتها الاستيعابية لـ4 سنوات، ومن يراقب التنفيذ كما ان مطمري برج حمود والكوستابرافا اصبحا غير قادرين على الاستيعاب، واذا لم توضع الخطط وعملية التلزيم بشكل سريع فان البلاد مقبلة على ازمة نفايات وتكديسها في الشوارع.

علما ًا انه في الزيارة الاخيرة الى موقع مطمر برج حمود قال وزير البيئة طارق الخطيب، ان المتعهد لم يقم بانشاء السنسول البحري المطلوب لحصر النفايات وعدم انتشارها في البحر، رغم ان هذا الامر يشكل اكبر مصدر لتلوث البحر الابيض المتوسط ويمكن ان يعرض لبنان لمسألة قانونية دولية حسب اتفاقية برشلونة.

واللافت ان مجلس الانماء والاعمار يقترح تسيلم العمل للشركتين دون مناقصات كونهما اللتين يديران العمل حاليا في الكوستابرافا وبرج حمود كون الشركتين الحاليتين تدركان تفاصيل المرحلة الاولى فشركة جهادكو قامت بإنشاء مطمر الكوستابرافا وردمت 160 الف م لقاء 60 مليون دولار كما ان شركة خوري التزمت انشاء مطمر برج حمود والجديدة وردمت نحو 576 الف م من البحر لقاء 109 مليون دولار، كما ان خطة مجلس الانماء والاعمار تعتزم انشاء معمل لتسبيخ النفايات في الكوستابرافا لمعالجة نحو 750 طنا للنفايات من اجل تقليص كمية النفايات.

لكن اللافت ان اهالي المناطق المجاورة لمطمري برج حمود والكوستابرافا يرفضان توسعة المطمرين وسيقومان باحتجاجات كبيرة، وهذا ما اعلنه وزير السياحة لدى عرضه خطة النفايات في مجلس الوزراء الاخيرة كون الدولة لا تلتزم بالمعايير القانونية والبيئىة.

وحسب الخبراء البيئيين، من المستحيل انجاز توسعة المطمرين خلال الاشهر الثلاثة المقبلة وبالتالي هناك من يطرح العودة الى مطمر الناعمة لمعالجة الملف كي  لا تعود النفايات الى الشوارع.

ازمة النفايات لن تأخذ طريقها الى الحل قريبا، في ظل العقلية التي تدير هذا الملف والقائمة بالتفتيش عن المكتسبات، فيما النفايات اصبحت في كل دول العالم تشكل مصدر دخل للدولة عبر المعامل والاستفادة من النفايات وتحويلها الى مواد عضوية واسمدة، كما ان كلفة طن النفايات هي الاغلى في العالم وتتجاوز الـ 220 دولارا والكلفة في بعض الدول لا تتجاوز الـ 50 دولارا، كما ان دولا عديدة اقترحت انشاء معامل في لبنان بالقرب من الشاطئ البحري وتصدير قسم منها الى الخارج وتحويل قسم اخر الى اسمدة ومواد عضوية وتستفيد الدولة اللبنانية عبر تشغيل اليد العاملة بالاضافة الى ان المشروع يشكل مردودا ماليا للدولة، فلماذا الاصرار على حلول مؤقتة تنتهي على «الورق» بعد 4 سنوات كما حصل في الخطة الحالية؟ والخشية ان يتحول هذا الملف الى بازار انتخابي قبل الاستحقاق النيابي ويضيع في دهاليز الحرتقات السياسية ويدفع المواطن الثمن.