IMLebanon

لقاء قريب بين القوات والتيار «لمنع الاستفراد»

بعد تأزّم العلاقة سياسيًا وإعلاميًا بين حزبي «القوّات اللبنانيّة» و«الكتائب اللبنانيّة» قرّرت «القوات» المُبادرة إلى إيفاد مبعوث رفيع المُستوى من قبلها إلى «البيت المركزي» لإعادة الأمور إلى نصابها، قبل أن يأتي كلام رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في مُقابلة تلفزيونيّة ليُعيد الأمور إلى الوراء. واليوم، وبعد الإنتكاسات المُتكرّرة لتفاهم معراب بين «القوات» و«التيار الوطني الحُرّ»، والتي كان آخرها باقة جديدة من التعيينات التي تمّت باسلوب المُحاصصة بين القوى السياسيّة من دون أخذ مطالب «القوّات» في الإعتبار، عُلم أنّ جُهودُا تُبذل لعقد لقاء رفيع المُستوى بين قيادتي الطرفين لوقف هذا المنحى التراجعي في العلاقة الثنائيّة.

مصادر كل من «القوات» و«التيّار» أكّدت أنّ الإتصالات بين الطرفين غير مقطوعة أساسًا، لإعادة وصلها بلقاء جديد، ورأت أنّ التباينات التي تظهر بين الحين والآخر هي طبيعيّة وعادية بين أي فريقين سياسيّين مُستقلّين ولكل منهما إعتباراته وتموضعه السياسي ونظرته التكتيّة والإستراتيجية للملفّات، إلخ. وأجمعت مصادر كل من «القوات» و«التيّار» على أن لا عودة إلى الوراء، أي إلى مرحلة ما قبل «تفاهم معراب» و«إتفاق النوايا» بأي شكل من الأشكال، رافضة تأكيد أونفي المعلومات بشأن ما يتردّد عن لقاء قيادي رفيع المُستوى بين «القوّات» و«التيار الوطني الحُرّ» في القريب العاجل.

لكن وبحسب مصدر سياسي مُطلع على أجواء التواصل بين الطرفين، إنّ مُشاورات تحصل حاليًا بعيدًا عن الإعلام لتأمين عقد لقاء جديد يجمع رئيس حزب «القوات اللبنانيّة» الدُكتور سمير جعجع برئيس «التيّار الوطني الحُرّ» وزير الخارجية والمُغتربين جبران باسيل، يُرجّح أن يسبقه لقاء تمهيدي بين «الحكيم» ورئيس الجُمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا. وأضاف المصدر أنّ الهدف من هذا اللقاء المُرتقب في المُستقبل القريب يتمحور حول إعادة تحديد أهداف التفاهم الذي تمّ بين القوّتين السياسيّتين المسيحيّتين الأكثر تمثيلاً، لجهة منع إستفرادهما من قبل باقي القوى السياسيّة في لبنان في أي ظرف من الظروف، وعدم السماح بدفعهما مُرغمين مُجدّدًا نحوتحالفات مذهبيّة بإمتدادات إقليميّة ودَوليّة كما حصل في السنوات الماضية، حيث إنقسم المسيحيّون عموديًا بين محور داعم لفريق «تيّار المُستقبل» ومن خلفه السعودية، ومحور داعم لفريق «حزب الله» ومن خلفه إيران.

ولفت المصدر السياسي المُطلع إلى أنّ كلاً من «القوات» و«التيار» مُتوافقان على حريّة العمل السياسي لكل منهما، وعلى حريّة تبنّي الخيارات السياسيّة والتحالفات الإنتخابيّة التي يرغب كل منهما بها، لكنّهما يرفضان أن يتمّ إستفراد القوى المسيحيّة من جديد، وجعلها مُلحقة أوتابعة لهذه الجهة أوتلك، بحجّة الأمر الواقع ومُستلزمات الضرورة السياسية والإنتخابية. وأضاف أنّ قيادتي الطرفين على دراية بأنّ الإنقسام المسيحي السابق بين محورين مُتواجهين أضعف النُفوذ المسيحي في السُلطة، وجعل الحُقوق المسيحية موضع تجاذب وإستغلال بين قوى سياسية محلّية أخرى، ما يستدعي التحرّك سريعًا لمُعالجة ما يحصل اليوم من تحوّل من الإنقسام العمودي السابق إلى تشرذم كامل بين خمس قوى مُنفردة، هي كل من «التيار الوطني الحُرّ»، و«القوّات اللبنانيّة» و«الكتائب اللبنانيّة» و«تيّار المردة» والشخصيّات المسيحيّة المُصنّفة «مُستقلّة». وقال المصدر إنّ «القوات» و»التيّار» مُدركان حزازية الموقف وصُعوبة تقريب وجهات النظر في ظلّ العد العكسي نحوالإنتخابات النيابيّة المُقبلة، مع ما ستُسبّبه من إنقسامات ومن منافسة حامية حتى ضُمن الفريق والحزب نفسه، فكيف بالحري بين قوى مُختلفة، الأمر الذي يستوجب التوافق سريعًا على صيغة تعاون تحدّ من الخلافات العلنيّة وتفتح المجال أمام منافسة ديمقراطيّة.

وكشف المصدر السياسي المُطلع أنّ العمل قائم حاليًا بعيدًا عن الإعلام لترتيب لقاء رفيع المُستوى لا يكون لمجرّد الصورة، أولتكرار الحرص نظريًا على عدم العودة إلى الوراء، بل لوضع خريطة طريق تسمح للقوى السياسيّة والحزبيّة المسيحيّة كافة بعُبور مرحلة ما قبل الإنتخابات النيابية، ومرحلة الإنتخابات نفسها وما بعدها أيضًا، بشكل سلس وديمقراطي، من دون نبش حزازيّات من الماضي ومن دون عداوات غير مُبرّرة. وأضاف المصدر أنّ عدم تحديد موعد لهذا اللقاء هولأسباب أمنية بحت، علمًا أنّه سيُعقد ما أن يتم الإنتهاء من تحضير أسس نجاحه. وقال إنّه في حال توجّه رئيس «القوّات» إلى بعبدا قبل عقد اللقاء مع رئيس «التيّار»، فسيكون اللقاء بين «الحكيم» و«الجنرال» بهدف تحصين عمليّة تجديد التوافق الثنائي أكثر فأكثر، وليس الشكوى من تصرّفات ومواقف الوزير باسيل، بل تذليل العقبات وتمهيد الطريق أمام لقاء مُباشر مع باسيل.

 

وختم المصدر السياسي كلامه بالقول إنّ اللقاء القريب بين «القوّات» و«التيّار» سيُركّز على عدم إمكان تجاوز المكوّن المسيحي وحُضوره الفاعل في السُلطة وفي لبنان عُمومًا، لا بلقاء ثنائي أوثلاثي أورباعي، ولا بأي تحالف طائفي أومذهبي أوسياسي، وسيكون فرصة للتشديد بشكل غير مُباشر على أنّ مرحلة إستفراد القوى والشخصيّات المسيحيّة طُويت إلى غير رجعة، والتأكيد مُجدّدًا أنّ مصلحة المسيحيّين العُليا هي أقوى من أي خلافات حزبيّة أوأيّ تباينات سياسيّة – حتى لوكانت إستراتيجيّة وليس تكتيّة فقط.