IMLebanon

دولة فاشلة

 

لو أراد أيّ مواطن لبنانيّ أن يصف مشاهد الأمس من غرق في العتمة وغرقٍ في مياه الأمطار، لقال إنّ ما شاهدناه هو إعلان مدوٍّ لوفاة الدولة، نحن أمام دولة لا تستحي ويصحّ فيها صدق الحديث «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» وإعلانها دولة فاشلة ومفلسة، تنطبق الكثير من شروط إعلان دولة ما أنّها فاشلة على الدولة الميتة في لبنان، ألا ينطبق على الدولة الميتة في لبنان أنّها «فقدت قدرتها على اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها»، أو أنّها «عاجزة عن توفير الحدّ المعقول من الخدمات العامّة»، ألا ينطبق على حضرة الدّولة الفاشلة في لبنان أنّها «دولة ذات حكومة مركزية ضعيفة أو غير فعالة حتى أنها لا تملك إلا القليل من السيطرة على جزء كبير من أراضيها»؟!

 

المضحك ـ المبكي، أنّ هذه الدّولة وأمام مشاهد المطر الكارثيّة بالأمس لم تكترث أبداً، ولم تفكّر حتى في الاعتذار من هذا الشّعب الصّبور، الّذي تحمّل قرف كلّ الحكومات التي تعاقبت على هذا الشّعب وسرقته ونهبته وتحايلت عليه مستيقنة أنّ أحداً لن يحاسبها، من المؤسف أنّ هذه الحكومة الفاشلة والتي تسعى بعد أن أسقطتها الثورة في الشّارع إلى إعادة «تدوير» نفسها والعودة إلى حكم لبنان إمعاناً في نهبه وسرقته غير عابئة بغضب الشعب اللبناني وثورته!!

 

هذه الدولة الفاشلة والمفلسة ألا ينطبق ما يحدث فيها على ضرورة إعلانها دولة مفلسة؟ «بعد إعلان دولة إفلاسها، تحدث هزّة اقتصادية قوية على الصعيد المحلي حيث يندفع المستثمرون وأصحاب المدخرات الذين يتوقعون هبوطاً قوياً في قيمة العملة المحلية لسحب أموالهم من الحسابات المصرفيّة ونقلها خارج البلاد.. من أجل وقف هبوط قيمة العملة وسحوبات الأموال، تلجأ الحكومة المتعثرة في سداد الديون إلى إغلاق البنوك وفرض قيود على حركة رؤوس الأموال»!

 

والمضحك ـ المبكي هذه الأيام رغبة الدّول الأوروبيّة في إنقاذ لبنان أكثر ممّا يريد هو إنقاذ نفسه، فغداً تستضيف فرنسا مؤتمرًا دولياً، والهدف من هذا المؤتمر «دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد»، «نيّالن شو متفائلين»، الفرنسيّون مستعجلين أكثر بكثير من الفرقاء في لبنان، الذين ـ وحتى السّاعة ـ لا يفعلون شيئاً سوى أنّهم يكيدون لبعضهم بعضاً، فيما هم في الحقيقة يكيدون لبنان غير آبهين بمعاناة لبنان وشعبه فمصالحهم فوق كلّ اعتبار!!

 

من المضحك أن نجد أنفسنا نضرب كفّاً بكفّ ونحن نسمع المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول وهي تصرّح أنّه: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدّعوة إلى التّشكيل السّريع لحكومة فاعلة وذات مصداقيّة تتّخذ القرارات الضروريّة لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطّموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني»، فعلاً فرنسا أمّنا الحنون، ولكن هل فكّرت فرنسا أنّ من غير الممكن تشكيل حكومة فاعلة في لبنان لأنّ حزب الله يسيطر على لبنان بسلاحه وصواريخه؟ ثمّ ألا تعرف فرنسا أنّ لا أحد من هذا الطقم السياسي ذو مصداقيّة وشفافيّة وأنّ ما يقولونه لهذه الدّول ليس أكثر من خداع للحصول على أموال «سيدر»، فالسّيولة في لبنان جفّت ولم يعد هناك ما يجدونه لينهبوه، لذا الاقتراض من دول «سيدر» هو الحلّ الوحيد بالنّسبة لهم، أمّا لبنان فليذهب هو وشعبه إلى الجحيم!!