IMLebanon

تصعيد مُخيف في مواقف أطراف خارجية يستوجب تعاطياً عربياً حكيماً معها

 

تُثير مسألة احتجاز ناقلة النفط البريطانية «ستينا إمبيرو» المزيد من المخاوف بعد رد وزير خارجية إيران السلبي على وزير الخارجية البريطاني. وقد أعلنت غرفة الشحن البريطانية أن مخطط سير الناقلة يظهر استيلاء إيران عليها في مياه سلطنة عُمان بما يعني أنه اعتداء على السيادة العُمانية. وستخرج بالتأكيد أصوات تطالب عُمان بالرد بل ذهب البعض إلى سؤال العرب عما سيفعلونه؟

 

ومن الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار أن العقوبات المفروضة على إيران هي عقوبات فردية غير مقبولة في القانون الدولي ومبادىء حسن الجوار. ولطالما عارض المجتمع الدولي العقوبات المماثلة، التي كانت تعتمدها الولايات المتحدة ضد كوبا. فالقانون الدولي يفترض أن تؤخذ العقوبات الملزمة دوليا، في إطار الهيئات الدولية المعنية وخاصة في مجلس الأمن. وعليه فإنه ليس من موجب للدول الأطراف الإلتزام بالعقوبات الفردية. ولا تلتزم الدول عادة بمثل تلك العقوبات، إلا وفقا لما تراه حاجة لمصالحها الوطنية مما يفرض عليها بالتالي، أن تتحمل مسؤولية موقفها.

 

وقد كانت العلاقة بين عُمان وإيران دائما ودية، ولا يوجد أي نزاع عدائي بينهما. لذلك سيكون من المستهجن أن تقوم إيران باحتجاز الناقلة في المياه العُمانية، ولكن رغم ذلك، يجب التنبّه إلى ضرورة عدم صب الزيت على النار، وعدم التدخّل بالشؤون الخاصة لعُمان، واحترام ما تقرّره الدبلوماسية العُمانية بهذا الصدد. كما يجب التنبّه إلى أن هذا الحدث يأتي في وقت أفرجت فيه المملكة العربية السعودية عن الناقلة الإيرانية «هابينس»، ما اعتُبِرَ عاملا إيجابيا يخفّف من التوتّر ويفتح الباب أمام حوارات مفيدة لخدمة الأمن والسلم الدوليين.

 

نحن لا نريد لأحد أن يتدخّل في صناعة قراراتنا الوطنية، فلا يجب أن نسمح لأنفسنا بالتدخل في قرارات الآخرين، وعُمان أحرص على مصالحها وسيادتها من الآخرين مهما تكن النوايا طيبة. وبكل الأحوال فإنّه يجب دائما، عدم استخدام لغة التهديد والوعيد عند التعليق على مثل هذا الحدث، بل علينا الإصرار باستمرار على ضرورة اعتماد الطرق الدبلوماسية المعروفة لتسوية مثل تلك النزاعات سلميا، ومن بينها اللجوء إلى الهيئات الدولية المختصة بهذا الصدد وهي عديدة. بل ويمكن اللجوء إلى مجلس الأمن في حال فشل الجهود الدبلوماسية. وربما أنّ هذا ما ترغب به بعض الدول التي تسعى لإيجاد المبرّرات ليتحوّل الصراع مع إيران إلى صراع مع المجتمع الدولي.

 

ترافق هذا الحدث مع انتشار كلام على صفحات الفايسبوك نسب إلى سفيرة الولايات المتحدة في مصر آن باترسون، بشأن الصراع العربي الإسرائيلي. وقد حمل ذلك الكلام، الكثير من الكراهية، والحقد، والعنصرية ضد العرب واستخدم عبارات تهديدية صريحة. ومرّة أخرى، نرى أن من الواجب التريث قبل إطلاق الردود العشوائية. فعلى الرغم أنّ هذا الكلام يشمل العرب من دون تمييز ما يجعل من حق كل عربي الرد عليه، إلا أننا نرى أنّ من واجب الجهات المعنية أولا ولا سيما الحكومة المصرية وجامعة الدول العربية أن ترد على هذا الكلام سواء كان ما نشر، هو كلام للسفيرة الأميركية حقا، أو لم يكن، فالمضمون مُخيف، وهو ليس بعيدا عن التصديق بحسب مرجع سياسي كبير. فهذا الكلام هو الذي يغذي المشاعرالأصولية ويولد الإرهاب ويعزز من من دور الجماعات الدينية المتزمتة.

 

نحن نخشى أن تقوم ردود تحمل لغة فيها أيضا كراهية وعنصرية ضد اليهود أو الولايات المتحدة فيتحول كالعادة، إلى مادة إعلامية للوكالات الدولية ما يعكس الواقع فيحولنا كالعادة، من ضحية إلى صانعي كراهية. مثل هذا الأمر سيخدم كل أصحاب المصالح في دولنا، وسيضر حتما بنضال الشعب الفلسطيني والشعوب العربية التي هي أصلا صاحبة القضية. نحن بحاجة إلى قيادات وطنية تعرف كيف تنتقي الكلمات والعبارات المناسبة للرد على هذا المنطق المخيف، أو على الاستخدام الخبيث لمثل هذا الكلام، فستستخدم منطق القانون الدولي ومبادىء العدالة وحقوق الإنسان ما يجيّش الرأي العام الدولي بما في ذلك رأي المعتدلين من اليهود وهم كثيرون، ضد ذلك الكلام المخيف. ذلك الكلام سواء صدر عن السفيرة أو كان استخداما خبيثا لإعلام أطراف معنية، إهانة لكل محبي السلام وحملة راية القانون الدولي ومبادىء الأمم المتحدة وليس فقط للشعب العربي. ونحن نكرّر طلبنا أن تقوم جامعة الدول العربية، بتكليف مجموعة محامين لرصد مثل تلك التصريحات ومتابعتها أمام الهيئات الدولية بل وملاحقة مطلقيها أمام المحاكم الدولية بجرم تشجيع العنف والترويج للإرهاب والكراهية والعنصرية.