IMLebanon

عرسال: المعركة واردة في أيّ لحظة

مع تقدّم حزب الله في جرود عرسال وهروب المسلحين نحو البلدة والمخيمات المحيطة بها، بات الضغط على الجانب اللبناني أكبر، وحانت لحظة اختبار جديّة «القرار السياسي» بتغطية الجيش والأجهزة الامنية في حال نشوب أيّ معركة.

مصادر مواكبة لهذا الملف في قوى 8 آذار تتحدث عن جملة من الاحتمالات حول «مستقبل الوضع» في عرسال، ومصير المسلحين وأهلهم من النازحين الموجودين هناك، وتقول إنّ الجيش اللبناني بات أمام تحديات جدية متمثّلة بمحاولة المسلحين وقادتهم الدخول الى عرسال وأخذ المدنيّين فيها رهائن، ما يجعل أيّ مواجهة معهم مُكلفة جداً.

وتحمّل المصادر عينها تيار «المستقبل» مسؤولية تنامي المشكلة وتضخّمها، «فلو أنّ التعاطي مع ملف المسلحين والنازحين كان مسؤولاً لَما وصلنا الى هذه المواجهة الحتمية والخطرة». فمنذ اليوم الاول لاندلاع الاحداث في سوريا تمّ تحويل «عرسال» وجرودها «منطقة عازلة» من خلال الأمر الواقع ومنع الجيش والقوى الامنية من دخولها. وتذكّر المصادر بأنّ أوّل عملية خطف تعرّض لها جنود للجيش اللبناني في داخل عرسال كانت عشيّة عيد الاستقلال في 21 تشرين الثاني 2011، وقد أفرج عن الجنود بعد اختطافهم لست ساعات.

وعندما أعلن وزير الدفاع فايز غصن يومذاك عن وجود «القاعدة» في البلدة الحدودية، تكفّلت قوى 14 آذار بكلّ مكوّناتها القيام بجولة إعلامية «مُرتّبة» داخل عرسال لتبييض صفحة الارهاب ونَفي وجوده إطلاقاً.

وفي شباط من العام 2013 تمّ اغتيال الرائد بيار بشعلاني والرقيب خالد زهرمان وسَحلهما في البلدة، ولم يستطع الجيش القبض على الفاعلين بسبب الحمايات السياسية والمذهبية. وفي آب من العام 2014، كانت ذروة الضغط السياسي على الجيش لإيقاف «معركة عرسال» وقد مورست ضغوط سياسية هائلة على قائد الجيش، وكذلك خدعت «هيئة العلماء المسلمين» الجيش، فأوقف المعركة، فخرج المسلحون ومعهم الأسرى اللبنانيون المخطوفون.

اليوم صارت المعركة مع المسلحين محسومة، وهذا يشكل اختباراً جدياً لقرار الحكومة وللموقف السياسي خلف القرار. لم يعد في الإمكان الاختباء خلف مواقف سياسية جامدة، المعركة واقعة إلّا اذا استسلم المسلحون ورَضوا بخروج آمن فرادى وجماعات نحو المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في سوريا، واذا لم يقبلوا بالخروج وآثروا البقاء في «عرسال» فإنّ الجيش سيكون أمام تحديات تحتاج موقفاً سياسياً واضحاً لا لبس فيه.

أمّا موضوع النازحين فيبدو، بحسب المصادر، أنّ الاتفاق على نقلهم من مخيماتهم هناك قد تمّ، ولكن يبقى الاتفاق على وجهة نقلهم، والاماكن التي سيوضعون فيها مع الأخذ في الاعتبار أنهم لاجئون، أي لا يجوز أن يسكنوا في منازل، بل في خيَم وضمن مخيمات منضبطة وممسوكة.

وتضيف: «لقد رفض حزب الله طلب أحد الوزراء نقل بعضهم نحو شتورة، لِما لوجودهم هناك من أثر على خط بيروت ـ دمشق، وعدم الثقة بأنهم يتخذون صفة اللجوء بنحو كامل فقد يستغلّ المسلحون أيّ مخيم للنازحين واللاجئين طالما بقي الوضع بهذا التراخي والإهمال وربما التواطؤ.

عندما بدأ توزيع كتب إبن تيمية على أهالي عرسال، وكانت تتضمن فتاوى تكفير للمحيط الذي يعيشون فيه، جاء من أبناء البلدة مَن يشكو هذا الواقع ويستشعر الخطر. ولكنّ هذه الاصوات نُبِذَت ورفضت وهجّرت من البلدة فقط لأنها لم تقبل الانخراط في المشروع ـ المؤامرة على البلدة والمحيط. اليوم يبدو أنّ دور هؤلاء قد حان. فالمسألة ليست بالسهولة التي يفترضها البعض.

حتى لو سمح للجيش بأن يخوض المعركة فسيكون مضطراً لمؤازرة كلّ اهالي عرسال ومحيطها ودعمهم، ولا بد من التصرّف على قاعدة أنّ المعركة واردة في أيّ لحظة، طالما يشتدّ الخناق على إرهابيّي الجرود وداعميهم، تَختُم المصادر في قوى 8 آذار.