IMLebanon

طرح «انتخاب عون رئيًسا لسنتين» يسقط في مهده

بري يتجنب مواجهة الأحزاب المسيحية في البرلمان.. والأزمة السياسية تتمدد

طرح «انتخاب عون رئيًسا لسنتين» يسقط في مهده

بيروت: بولا أسطيح

فاجأ رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري يوم أمس الاثنين أخصامه السياسيين الذين كانوا يتوقعون منه التصعيد والدعوة لجلسة تشريعية لا تحضرها معظم الأحزاب المسيحية المقاطعة للعمل التشريعي في ظل شغور سدة الرئاسة٬ بإعلانه تأجيل الدعوة لجلسة مماثلة والتمسك بمبدأ «الميثاقية» وإحالة المشاريع المتعلقة بقانون الانتخاب إلى اللجان النيابية سعيا لاتفاق حوله يسبق النقاش أو عملية التصويت داخل الهيئة العامة.

وقرر بري الذي يتفادى الإطلالات التلفزيونية ويقلل من المؤتمرات الصحافية عقد مؤتمر صحافي لإعلان قراره هذا٬ ما بدا مستغربا لكثير من السياسيين الذين حاولوا قراءة أبعاد الإطلالة وفحوى الحديث٬ خاصة أّنه يتزامن مع عودة تحريك الملف الرئاسي من خلال التداول بمخرج يقول بانتخاب رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيسا للجمهورية لولاية سنتين فقط٬ علما بأن الدستور اللبناني ينص على أن ولاية رئيس البلاد 6 سنوات.

وكشف الوزير السابق المحسوب على فريق 8 آذار وئام وهاب٬ أن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي تقّدم إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت باقتراح مكتوب يقضي بانتخاب عون رئيًسا لمدة سنتين. إلا أن البطريركية المارونية قالت يوم أمس في بيان أن «وثيقة وهاب مختلفة عن تلك المقدمة من الراعي إلى هولاند٬ وبالتالي فهي ليست صحيحة». أما رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري فقال أن «ماُيطرح من مخارج لانتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين أو أي مدة مختصرة أخرى٬ إنما يحتاج إلى تعديل دستوري٬ ونحن لسنا في وارد الموافقة على هكذا طروحات».

إلا أن أحدا لم يطرق أبواب الرابية (مقر إقامة عون) لمفاتحته بالموضوع٬ وهو ما يؤكده القيادي في «التيار الوطني الحر»٬ الوزير السابق ماريو عون٬ لافتا إلى أنه لم يصل إلى التيار أي اقتراح في هذا الصدد. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أصلا هذا الطرح مرفوض جملة وتفصيلا فأي انتخابات رئاسية يجب أن تراعي نصوص الدستور الذي يقول بولاية رئاسية من 6 سنوات»٬ مشيرا إلى أن كل نضالهم السياسي كان بهدف فرض احترام الدستور والقوانين٬ «فهل نخرج اليوم لنسف كل مراحل النضال؟ هذا أمر غير وارد». وأوضح عون أّنه يمكن اختصار وضع الانتخابات الرئاسية بعبارة «راوح مكانك»٬ لافتا إلى أن «مفتاح الرئاسة لا يزال لدى العماد عون٬ فإما أن يقتنع الفرقاء بذلك أو أن العقم مستمر والبلد من سيئ لأسوأ».

ويتلاقى موقف ماريو عون غير المتفائل مع موقف أطلقه نائب الأمين العام لما يسمى «حزب الله» نعيم قاسم قال فيه إنه «لم يحن وقت زمن التسويات حتى الآن»٬ مشيرا إلى أن «الأمور تتطلب بعض الوقت٬ أقله أشهًرا إلى الأمام وقد يتجاوز الأمر أكثر من سنة».

وينسحب الشغور المتمادي في سدة الرئاسة منذ مايو (أيار) 2014 على معظم مؤسسات الدولة وأبرزها مجلس الوزراء الذي باتت تكبله آلية عمله التي تنص حاليا على الإجماع٬ كما مجلس النواب الذي لم يعد قادرا على التشريع في ظل تمسك معظم الأحزاب المسيحية بعدم وجوب ممارسة النواب لعملهم وهم لم ينتخبوا بعد رئيسا لأّنهم بذلك يكرسون فكرة أن البلد قادر على الاستمرار برئيس أو من دونه.

وفيما يتمسك حزب «الكتائب» بهذه النظرية ويرفض أي طرح من حولها٬ يبدي تيار عون وحزب «القوات» بعض الليونة وهم أعلنوا إمكانية مشاركتهم بجلسة نيابية تحت عنوان «تشريع الضرورة»٬ شرط أن يتصدر جدول أعمالها بند قانون الانتخاب.

ويبدو أن رئيس المجلس النيابي لا يزال يتفهم موقف الأحزاب المسيحية لذلك قرر تأجيل الدعوة لجلسة سيعتبرها هؤلاء موجهة ضدهم٬ وارتأى إحالة 17 اقتراحا ومشروع قانون إلى اللجان النيابية للاتفاق على ماهية الدوائر والنظام الواجب اعتماده في القانون الجديد. ودعا بري خلال مؤتمره الصحافي لـ«العمل ليلا نهارا للخروج برؤية واحدة أو متقاربة أو محصورة»٬ وقال: «لن أدعو لجلسة قبل أن تنهي اللجان المشتركة عملها فيما خص قانون الانتخاب. هذا الموقف ليس تراجعا عن قناعاتي بل هو احترام لكم وحرصا على لبنان»٬ معتبرا أن «قانون الانتخاب كما البلد بحاجة إلى توافق».

ُيذكر أن «لجنة قانون الانتخاب» التي كانت تضم ممثلين عن كل القوى السياسية فشلت وبعد أشهر من النقاش في التوصل إلى أي اتفاق حول رؤية موحدة حول قانون الانتخاب٬ وهو ما يطرح فعالية إعادة الملف إلى اللجان النيابية.

ووصفت مصادر في تيار عون القرار الذي اتخذه بري بعدم الدعوة لجلسة بغياب معظم المكونات المسيحية بـ«الصحيح جدا»٬ وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كنا ننتظر موقفا مماثلا من الرئيس بري وإلا غير ذلك كنا سنكون بإطار تصعيد سياسي نحن بغنى عنه».

بدوره٬ وصف النائب في تيار «المستقبل» محمد قباني قرار بري بـ«الحكيم»٬ لافتا إلى أن «أي جلسة كانت لُتعقد وفق المعطيات الحالية كانت ستؤدي لانقسام عمودي طائفي٬ لذلك قرر رئيس المجلس التمهل».

وأعرب قباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «عدم تفاؤله بقدرة اللجان على التوصل إلى اتفاق بخصوص قانون الانتخاب٬ ما يعني أن الأزمة مستمرة».

وأضاف: «ولعل أهم ما تطرق له الرئيس بري إشارته إلى موت فريقي 8 و14 آذار سريريا».