IMLebanon

لبنان يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للاجئين.. ويحمل «هواجسه» من فرض التوطين

لبنان يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للاجئين.. ويحمل «هواجسه» من فرض التوطين

حقوقي يتهم باسيل بـ«العنصرية» تجاه النازحين السوريين ويتساءل عن رفضه تسجيل ولاداتهم

يتوجه الوفد الرسمي اللبناني اليوم (السبت) إلى نيويورك٬ للمشاركة في المؤتمر الدولي للاجئين٬ الذي ينعقد الأسبوع المقبل في مقر الأمم المتحدة٬ والمخصص لبحث أزمة اللاجئين السوريين. وهي الأزمة التي تشكل أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية٬ إضافة إلى بحث سبل وضع حد للنزاع الدامي في سوريا المستمر منذ خمس سنوات.

يحمل وفد لبنان٬ الذي يرأسه رئيس الحكومة تمام سلام إلى الأمم المتحدة٬ ملًفا متكاملاً لإطلاع المجتمع الدولي والدول المشاركة فيه٬ على الصعوبات التي تواجهها الدولة اللبنانية٬ والأعباء التي ترزح تحتها جراء احتضان ما يزيد على مليون لاجئ سوري؛ ما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية٬ وحتى الأمنية. وسيركز الجانب اللبناني على «هواجسه» من أي مشروع توطين على أرضه٬ بالنظر لما يشكله من خلل في التوازنات الديموغرافية الدقيقة جًدا.

مصدر مقرب من رئيس الحكومة٬ أكد لـ«الشرق الأوسط»٬ أن كلمة الرئيس سلام «ستركز على دعوة الأمم المتحدة للإيفاء بالتزاماتها تجاه النازحين الذين لجأوا إلى لبنان٬ ولا سيما أن لبنان يتحمل أعباء تفوق طاقته بأضعاف مضاعفة». وأشار إلى أن سلام «سيجدد موقف لبنان الرسمي والشعبي الرافض بالمطلق لمبدأ التوطين»٬ معتبًرا أن رفض التوطين هو من المسلمات الوطنية٬ فلا لبنان قادر على تحمل هذا العبء٬ وهو لن يقبل بأن يبقى السوريون خارج بلادهم». وأضاف المصدر المقرب من رئيس الحكومة «إذا كان العالم يبحث عن حل لتوطين السوريين المهجرين من بلادهم قسًرا٬ بالتأكيد لن يكون لبنان جزًءا من هذا الحل». ويأتي القلق اللبناني من التوطين٬ غداة دعوة الأمم المتحدة الدول التي تستضيف لاجئين سوريين على أراضيها إلى توطينهم لديها٬ يضاف إليها ما نقل عن الرئيس الأميركي باراك أوباما٬ بأنه سيدعو نظراءه الثلاثاء إلى استقبال عدد أكبر من اللاجئين٬ وتأمين فرص العمل والتعليم لهم وتقديم مزيد من المساعدات إلى البلدان الرئيسية التي تستقبلهم.

ولكن إذا كان المؤتمر الدولي يركز على معالجة هواجس الدول التي تستضيف لاجئين على أراضيها٬ فإن معاناة اللاجئين أنفسهم٬ لا تبدو في أولويات المؤتمر٬ وفق ما أشار المحامي نبيل الحلبي٬ مدير «مؤسسة لايف» التي تعنى بشؤون النازحين؛ إذ قال الحلبي إن «الهدف الأول للجوء هو الحماية الأمنية والقانونية٬ بخلاف ما يحصل في لبنان حيث يتعرض اللاجئون إلى مضايقات٬ ويعاملون على أنهم لاجئون اقتصاديون عبروا الحدود بطريقة غير شرعية»٬ مشيًرا إلى أن «سياسات المجتمع الدولي هي السبب الرئيس لمأساة الشعب السوري».

ونبه الحلبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأجهزة الأمنية اللبنانية٬ تداهم مخيمات النازحين وتعتقل يومًيا عشرات الرجال والشباب الذين يعيلون عائلاتهم وتزج بهم في السجون من دون محاكمة٬ وتعاملهم على أنهم مهاجرون غير شرعيين٬ وليسوا نازحين هجروا من ديارهم رغم إرادته. واتهم المحامي الحلبي وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بالتعاطي بملف اللاجئين «بخلفية عنصرية وسياسية٬ وينظر إليهم بوصفهم جزءا من المعارضة السورية٬ ويطالب بإعادتهم إلى سوريا ليواجهوا الموت».

وسأل الحلبي «كيف يعقل أن يكون جبران باسيل أحد أعضاء الوفد اللبناني إلى مؤتمر اللاجئين٬ وهو الذي يتعاطى معهم بعنصرية؟ أين دور المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وموقفها من رفض باسيل القاطع تسجيل الولادات الجديدة للنازحين منذ سنة ونصف السنة؟ ألا يشكل ذلك انتهاًكا خطيًرا لحقوق اللاجئين وحتى للقانون الدولي؟».

ويفترض أن تتوصل الدول الـ193 الأعضاء إلى «معاهدة دولية» لتقاسم العبء٬ إلا أن مشروع البيان الختامي لا يذكر هدفا محددا بالأرقام٬ كما ستطلق الأمم المتحدة في هذه المناسبة حملة دولية لمكافحة العداء للأجانب٬ إلا أن منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان على غرار «هيومن رايتس ووتش» ومنظمة العفو الدولية توقعت «فشلا ذريعا» للقمة التي قالت: إنها «ستفوت الفرصة».

وأمام تراجع الخدمات الإنسانية التي تقدمها المفوضية العليا للاجئين٬ إلى النازحين السوريين في لبنان٬ حذر مدير «مؤسسة لايف» من أن «هذا التراجع يضاعف بؤس اللاجئ السوري٬ ويضعه أمام خيارين٬ إما الموت جوًعا وإما ارتكاب جريمة على الأراضي اللبنانية». وطالب الحلبي بـ«اعتماد سياسة موحدة بين الحكومة اللبنانية ومفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية٬ ووضع حد للإجراءات التي تعتمدها بعض البلديات في لبنان وتحظر تجول اللاجئين السوريين في مناطقها».

وأفادت دراسة أممية بأن «هناك 65 مليون شخص في العام فروا من مواطنهم٬ بينهم 21 مليون لاجئ فروا من بلادهم بسبب الاضطهاد أو الفقر أو النزاعات على غرار الحرب في سوريا التي أوقعت 300 ألف قتيل». ويعيش أكثر من نصف هؤلاء اللاجئين في ثماني دول٬ هي لبنان والأردن وتركيا وإيران وكينيا وإثيوبيا وباكستان وأوغندا٬ بينما لا تستقبل الدول الثرية سوى 14 في المائة منهم.