IMLebanon

مغلَّف لافروف وذاكرة بو حبيب

 

حُرمنا صورة “تاريخية” يسلّم فيها الوزير عبدالله بو حبيب الى الرئيس عون الأمانة التي أوصاه سيرغي لافروف بتوصيلها الى القصر الرئاسي. فالأصول تفرض تسليم “المغلف السري” الى وزير العدل. وفخامته ومعاليه لا يخالفان الأصول.

 

ويبدو ان المغلف الروسي جزء من رهان المنظومة الحاكمة على تطور ما في قضية التحقيق العدلي يساهم في “القبع” أو التعطيل ويجعل التفجير مجرد حادث عرضي تتحمل فيه الأقدار العبء الثقيل محوّلة المتورطين مجرد متهمين بإهمال يمكن لصقه بموظفين وإيكال تعويضاته الى شركات التأمين.

 

“الصور في خزنتي” حسب بو حبيب. لكنها قد تمر خلسة، قبل تسليمها الى وزير العدل وربما الى المحقق العدلي، في “مطهر” الأجهزة الرسمية والرديفة للاستئناس ليس إلا. لا داعي لإخفاء بعضها ولا لتزوير التقرير الروسي عبر ترجمة “محلَّفة” لدى المنظومة، فالمصدر مضمون والمغلف منقَّى ومصفَّى على يد دولة صديقة أهم ما ورثته عن الاتحاد السوفياتي مطابخ مخابراتية ذات جودة تثير لعاب المنافسين.

 

قد يعتبر الوزير بو حبيب ان حمْلَه مغلفاً من ثعلب السياسة الروسي انجاز يستطيع التباهي به وضمه الى مذكراته. لكن حامل الرسالة، من دولة “مضروبة” مصداقيتها الى سلطة ساقطة ومعدومة المسؤولية، سيتحول رغما عنه شريكاً في التضليل أو مجرد أداة مؤسفة للتوصيل.

 

وصلَنا “عزيز كتاب” الرفاق الروس في شأن مطلب صُور الأقمار الاصطناعية التي تذرع الأميركيون والفرنسيون بحجج غير مقنعة لعدم تسليمها. لكن مهما كانت النتائج، مَن سيقتنع بأن دولة فلاديمير بوتين، التي ساهمت بقتل الشعب السوري بالبراميل المتفجرة، ولاحقت معارضيها لتسميمهم في أوروبا، وتعتقل مئات المطالبين بحرية الرأي ومكافحة الفساد في روسيا، وتبسط يدها الثقيلة على جيرانها، ستزودنا بصور كاملة أو غير متلاعب بها أو ستصوغ تقريراً نزيها كما تفعل الدول المتحضرة؟ ومن سيضمن أن حسابات موسكو الاقليمية ومصالح حليفيها الايراني والاسرائيلي على وجه الخصوص ليست دافعاً الى هذا التعاون المريب؟

 

كان أجدى لو استغل بو حبيب لقاءاته مع المسؤولين الروس لعرض معاناة الدولة اللبنانية مع حلفاء موسكو، وتذكيرها بجدية بالوعود المعسولة التي قطعتها بطرح مسألة تسهيل عودة النازحين السوريين مع الرئيس السوري وبضرورة وقف بيعنا الكلام الهوائي، باعتبارها صاحبة القرار الذي لا يرد في قصر المهاجرين. وليته لم يُضع وقته في طلب وساطة الكرملين مع دول الخليج مع علمه بأن الطريق الى تصحيح العلاقات مع “مجلس التعاون” شرطُه وقف الانجرار في سياسات المحور الايراني. أما تعهد موسكو لوزير خارجيتنا بإرسال بواخر “فيول” الى بيروت للتخفيف من حدة أزمة المحروقات فسيظهر قريباً صدقه من كذبه على أمل ألّا ينضم الى قائمة اللغة الخشبية التي أرستها الدبلوماسية السوفياتية، من زمن اندريه غروميكو وصولاً الى نسختها الروسية غير المنقحة ممثَّلة بالوزير الحالي.

 

لن تحلّ الصور الروسية مشكلة التحقيق وتعيد حق ضحايا تفجير 4 آب الإجرامي. فالروسي “المتعاون” كان يفترض ان يسلّم أولاً الروسيَّين المتواريَين، قبطان الباخرة “روسوس” ومالكها، اللذين يمتلكان بلا ريب مفاتيح مهمة في قضية النيترات. هل سأل بو حبيب عنهما أم خانته الذاكرة على طريقة اصدقاء أعزاء عليه لحظة توجَّب السؤال عن اللبنانيين المختفين لدى النظام السوري؟