IMLebanon

العرب بين القمة والحضيض

 

يعرف الملوك والرؤساء العرب القادمون الى قمة تونس غدا الاحد  في ٣١ اذار ٢٠١٩ بأن الشعوب العربية لن تتابع هذه القمة العربية  لكثرة ما خابت آمالهم من منظومتهم العربية في تحقيق ابسط تطلعاتهم في حل الخلافات العربية العربية فقط لا غير، بعد ان كانت  الشعوب العربية قد تنازلت عن أحلامها بالوحدة والتحرير وبالقوة العربية المشتركة او التكامل الاقتصادي والثقافي بعد ما يقارب الخمسة والسبعين عام على بروتوكول الاسكندرية في ٧ تشرين الاول عام ١٩٤٤ المؤسس لجامعة الدول العربية.

يعرف الملوك والرؤساء العرب القادمون الى تونس  بأن الأمور ضاغطة لا بل خانقة، وأن هامش المناورة والشطارة غير موجود بل معدوم، ويعرف الملوك والرؤساء العرب ان ضمانتهم الوحيدة في نجاحهم واستقرار بلادهم وانتظام عملهم مرهون بمدى مصالحتهم مع شعوبهم وبحماية تماسكهم الاجتماعي، ويعرفون ايضا ان محمد البوعزيزي التونسي لم يشعل النار بجسده تنفيذا لمؤامرة او لسياسة خارجية، وأن الشعوب العربية التي اندفعت الى الساحات كانت بعيدة عن الأجندات الحزبية والأيديولوجية او الخارجية التي حاولت استغلالها واحتوائها، لكن الشعوب في حقيقتها كانت تريد ان تعبر عن حقها بالوجود وبالمشاركة في تحمل اعباء صناعة التقدم والازدهار والاستقرار.

يعرف الملوك والرؤساء العرب القادمون الى تونس بأن قادة الدول الكبرى في العالم يعيشون حالة من القلق الشديد من شعوبهم، وأن دولهم العظمى متعثرة ومهددة بخسارة رخائها واستقرارها وهم يبحثون عن ضحايا وغنائم من الدول الصغرى وخصوصا في منطقتنا العربية وجوارها الافريقي، وانهم يديرون ازماتنا الملتهبة بعقل بارد، حيث اصبحت نسبة النزوح العربي تفوق الخمسين بالمئة من النزوح العالمي، ناهيك عن تهم الارهاب والتخلف والتشتت العربي والميل الدائم الى التنازع والاختلاف وصناعة الكراهية وتدمير التنوع المجتمعي العربي الديني والمذهبي والعرقي والأيديولوجي.

يعرف الملوك والرؤساء العرب ان الشعوب العربية لم تعد قادرة على  مشاهدة الدماء العربية العربية تسال على أيدي ابناء البلد الواحد والهوية الواحدة والماضي والمستقبل الواحد، من اجل اوهام السلطة والمصالح الشخصية او الفئوية، وانه آن الاوان للتدخل الجاد ومعالجة هذه النزاعات والحفاظ على ما تبقى من المشرق العربي في العراق المنهوب والمدمر والمفكك، وسوريا المنتهكة السيادة والمقطعة الأوصال والتائهة في داخلها ودول الجوار الى لبنان المتروك للتجاذبات الاقليمية والعربية والدولية، ويعاد إنتاجه كساحة نزاعات بديلة وصولا الى اليمن الغير سعيد والى عقود قادمة على ابسط تقدير، وليبيا المشرعة الأبواب على اسوأ الاحتمالات، وكذلك الخلاف الخليجي الخليجي والمغربي الجزائري والفلسطيني الفلسطيني والسودان الحائر والمضطرب،  من دون ان ننسى محاولات العبث بالوجدان والجراح العميقة بالقدس الشريف والجولان المحتل.

يعرف الملوك والرؤساء العرب ان الشعوب العربية لم تخذل قادتها او مفكريها او مبدعيها او علماءها ولم تخذل أوطانها او امتها، وأن الشعوب العربية ضحت وقاتلت واستشهدت وصبرت وتحملت وصدقت وآمنت وتسامحت وتصالحت وجددت وتجددت وغامرت وهاجرت وتفتحت وتعلمت، ويعرف الملوك والرؤساء ان الشعوب العربية ستصدقهم اذا صدقوا وستجتمع حولهم  اذا اجتمعوا على الحق ورفضوا الباطل وستصالحهم اذا تصالحوا وستحترمهم اذا احترموا عقول شعوبهم وخبرتهم وتجاربهم وعملوا على تجديد الشراكة الوطنية والعربية  ويبقى السؤال هل ستأخذ قمة تونس العرب نحو القمة ام سنبقى في الحضيض.