IMLebanon

تسريع مهمَّة الرئيس المكلَّف بتشكيل الحكومة يتطلَّب أمرين رئيسيين

تسريع مهمَّة الرئيس المكلَّف بتشكيل الحكومة يتطلَّب أمرين رئيسيين

فكّ الاشتباك الجنبلاطي العوني والقواتي العوني والتواضع في مطالب الكتل

 

 

إستناداً إلى أجواء التهدئة وتبريد المواقف التي سادت خلال الساعات الماضية، قد تكون مهمة الرئيس المكلف أقل تعقيداً وصعوبة

يُرتقب أن تعاود حركة الاتصالات لتأليف الحكومة الجديدة بوتيرة أقوى في الأيام القليلة المقبلة بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، في حين ان اكتمال عملية التأليف ما يزال دونها عقبات ظهرت بوضوح عبر تصاعد الخلافات الحاصلة حول الحصص والحقائب الوزارية لدى أكثر من طرف سياسي وازن داخل التركيبة السياسية ومحاولات بعض هؤلاء الأطراف التشبث بمطالب تتعارض مع حجمها التمثيلي وتشكل افتئاتاً على حصص أطراف أخرى، ما يؤدي إلى بروز عقبات وإطالة عملية تأليف الحكومة أكثر مما كان متوقعا من قبل.

إزاء هذا الواقع السياسي الذي يحيط بعملية تشكيل الحكومة العتيدة، فإن من أولى مهمات الرئيس المكلف سعد الحريري بعد عودته إلى بيروت، معاودة التحرّك بفاعلية على عدّة خطوط، الأوّل على خط فك الاشتباك السياسي بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط و«التيار العوني» على خلفية ما قاله جنبلاط بأن عهد الرئيس ميشال عون فاشل منذ بدايته وما تبع ذلك من حملات متبادلة بين الطرفين.

وقد نجح الرئيس الحريري، من خلال اتصالاته بالطرفين، في وقف حملات التصعيد السياسي وإعادة أجواء التهدئة السياسية، بينما يخشى ان تتجدد مناخات التصعيد لدى البحث الجدّي في توزيع الحصص والحقائب الوزارية بصيغتها النهائية.

اما الخط الثاني الذي يوليه الرئيس الحريري اهتمامه ايضا، فهو فك الاشتباك السياسي الناجم عن جولة التصعيد الكلامي بين «التيار العوني» و«القوات اللبنانية» على خلفية حصة «القوات» في التركيبة الوزارية المرتقبة وإصرار «التيار العوني» على رفض ما تطالب به في هذا الخصوص ولا سيما حرمانها من منصب نائب رئيس الحكومة الذي كان من حصتها في الحكومة المستقيلة، بالرغم من زيادة عدد نواب كتلة «القوات» إلى ضعف ما كانت عليه سابقاً.

وتبقى الخطوط الأخرى التي يوليها الرئيس الحريري اهتمامه في حركة اتصالاته أقل تصعيداً، لجهة تمثيل باقي الأطراف الأقل عدداً في التركيبة السياسية، كي تكون ممثلة في الحكومة الجديدة، بالرغم من حساسية وصعوبة مراعاة بعض هذه الأطراف، نظراً للتباينات في ما بينها وإصرار بعضها على أن تكون ممثّلة بالحكومة دون بعضها الآخر.

ولذلك، ومن دون تحقيق فك الاشتباك ووقف الحملات والانتقادات نهائياً بين الفريق الجنبلاطي و«التيار الوطني» وبين الأخير و«القوات اللبنانية» وإعادة لغة التخاطب بينهم إلى طبيعتها وخارج إطار التصعيد الذي ساد مؤخراً، قد يؤدي ذلك إلى التأثير سلباً بشكل أو بآخر على المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة العتيدة ويؤخر ولادتها ضمن المدة المعقولة لعملية التأليف التي يسعى الرئيس المكلف لكي تكون سريعة نسبياً قياساً على ما احتاجته بعض الحكومات السابقة من أوقات طويلة لاكتمال عملية التأليف، ومنها ما تطلب أشهراً طويلة.

واستناداً إلى أجواء التهدئة وتبريد المواقف التي سادت خلال الساعات الماضية، قد تكون مهمة الرئيس المكلف لدى استئنافه حركة الاتصالات المبذولة ومساعي تقريب وجهات النظر، أقل تعقيداً وصعوبة، لا سيما وان ما حصل من تصعيد سياسي ملحوظ خلال الأسبوع الماضي، لم يتعدَ إرسال الرسائل المشفرة لكل طرف سياسي وما يريده ويسعى إليه من مكاسب في التركيبة الوزارية المقبلة وضمن الوقت الضائع خلال فترة الأعياد، في حين لوحظ بوضوح التزام جميع الأطراف متطلبات التهدئة بعدما أفرغ كل طرف ما بجعبته السياسية من مواقف تجاه الآخرين من دون مواربة أو التباس، وهذا يعني في النهاية عدم وجود توجه أو نيّة لتعطيل عملية التأليف مهما تباينت المواقف السياسية في ما بينها.

ولا شك أن الخطوة التالية التي يقوم بها الرئيس المكلف بعد تهدئة الأجواء التوفيق بين مطالب الكتل على اختلافها وتحقيق ما هو ممكن منها ضمن سلّة الحقائب التي تحتويها التركيبة الحكومية عدداً ونوعية، لأنه من المستحيل التجاوب وتحقيق كل ما يطالب به أي فريق سياسي كما يطرح في وسائل الإعلام، ولا بدّ من اقتناع كل الأطراف بالنهاية بما هو متاح لكي تنجز التشكيلة الحكومية ضمن المدة المعقولة، وإلا سيؤدي تشبث كل طرف بمطالبه خلافاً للمعقول الى وضع العراقيل امام مهمة الرئيس المكلف وإطالة مُـدّة تشكيل الحكومة أكثر مما كان متوقعاً.

ولكن بالرغم من كل الأجواء التصعيدية التي سادت نهاية الأسبوع الماضي، لم تتوقف الاتصالات والجهود المبذولة بعيداً عن الإعلام لتقريب وجهات النظر بين بعضها البعض، ولذلك ستشهد الايام القليلة حركة اتصالات واسعة وسريعة لتبديد ما تبقى من عقبات وتباينات ولإزالة كل العراقيل التي تعترض ولادة التشكيلة الحكومية المرتقبة، بعدما ظهر بوضوح أن نبرة تصعيد المواقف وتبادل الحملات السياسية، لا تفيد في تحقيق هذا المطلب أو ذاك، بل تؤدي إلى مزيد من التشويش وإثارة الغبار السياسي، بينما تبقى الرغبة لدى أكثرية السياسيين واللبنانيين تسريع الخطى لتأليف الحكومة، ومن خلالها يمكن مقاربة المسائل والقضايا المطروحة التي تهم كل النّاس من دون استثناء.