IMLebanon

الديار: «قانون الانتخاب» يقسم البلد طائفيا…وصوّان يعدّ لمفاجآت من العيار الثقيل

 

عون يلقي كرة «التدقيق الجنائي» في ملعب مجلس النواب وبري يرفع عنه المسؤولية

تجميد الملف الحكومي و«الاقفال العام» مستمر حتى نهاية الشهر ولا استثناءات اضافية في الاسبوع الثاني

بولا مراد

وكأن بلدا شهد منذ 3 أشهر ونصف فقط على أحد اكبر التفجيرات في التاريخ الحديث ما أدى لمقتل وجرح الآلاف من أبنائه ودمار نصف عاصمته، وهو نفسه يعاني احدى أكبر الازمات المالية منذ تأسيسه ما أدى لوضع اليد على المدخرات في المصارف وفرض نمط عيش معين على اللبنانيين، من دون ان ننسى تزامن ذلك مع أزمة اقتصادية وأخرى اجتماعية دفعت بأكثر من نصف أبنائه تحت خط الفقر، يمتلك ترف ان تنصرف اللجان النيابية اليوم لبحث مشاريع قوانين انتخابية يدفع بعض الفرقاء لاعتماد أحدها في الانتخابات المقبلة قبل عامين!

 

فبدل ان يحوّل المجلس جلساته العامة مفتوحة لمحاولة التخفيف من وطأة كل هذه الأزمات على المواطنين، وتواكبه حكومة طوارىء بمراسيم تنفيذية وبقرارات سريعة لمنع الارتطام الذي على ما يبدو بات أقرب من أي وقت مضى بعد أشهر من بدء الانهيار على المستويات كافة، ينصرف البرلمان اليوم الى نقاش بدأ يأخذ طابعا طائفيا في ظل رفض المسيحيين ممثلين بـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» مشاريع القوانين التي تتحدث عن لبنان دائرة واحدة على اساس النسبية واعتبارهم ان «فتح هذا السجال في هذه المرحلة بالذات محاولة للتغطية على افشال التدقيق الجنائي».

 

وبمحاولة منه لابقاء معركة «التدقيق» مفتوحة وعدم رفع راية الاستسلام بعد قرار شركة «مارسال والفاريز» المريب بالانسحاب، وجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس الرئيس نبيه بري، دعا فيها النواب الى «التعاون مع السلطة الاجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقا للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح في عداد الدول المارقة او الفاشلة في نظر المجتمع الدولي، مع خطورة التداعيات الناجمة عن سقوط الدولة اللبنانية في محظور عدم التمكن من المكاشفة والمساءلة والمحاسبة، بعد تحديد مكامن الهدر والفساد الماليين اللذين قضيا على الاموال الخاصة والاموال العامة معا». وطالب عون بمناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب «وفقا للاصول واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار في شأنها»، لافتا الى «ضرورة التعاون مع السلطة الاجرائية التي لا يحول تصريف الاعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة».

 

وبحسب مصادر مطلعة على جو الرئيس عون، فان الهدف الرئيسي للرسالة ان «يتبلور موقف واضح للمجلس النيابي من مسألة التدقيق الجنائي، اضافة لتحديد مواقف الكتل النيابية، ليكون الرأي العام على بينة من يؤيد هذا التدقيق ومن يعارضه. وقالت المصادر لـ «الديار»:«كما يسعى الرئيس عون لتذكير المجلس بدوره، باعتبار انه قادر على المساعدة في خوض هذه المعركة سواء عبر اقرار قوانين، أو تقديم اقتراحات قوانين تصب في خدمة التدقيق، على أن يترافق كل ذلك مع تفعيل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والاهم تحمل النواب مسؤولياتهم، فلا يبقى عون يصرخ وحيدا في هذه القضية وغيرها».

 

وبسرعة قصوى، تلقف رئيس مجلس النواب نبيه بري محاولة عون رمي الكرة في ملعبه، ولالقاء اي مسؤولية عنه في ملف التدقيق الجنائي والرد على الاتهامات التي تساق ضده بأنه و«تيار المستقبل» لا يريدان التدقيق بحسابات مصرف لبنان، قام بري بتحركين سريعين، فدعا أولا الى جلسة عامة يوم الجمعة المقبل إنفاذا للمادة 53 الفقرة 10 من الدستور والفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي لمناقشة مضمون رسالة رئيس الجمهورية المرسلة الى المجلس النيابي بواسطة دولة رئيس المجلس لإتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب . وثانيا، تقدم عبر النائب علي حسن خليل باسم كتلة التحرير والتنمية بإقتراح قانون إخضاع الإدارات والمؤسسات العامة للتدقيق الخارجي الجنائي.

 

وكان الكباش بين الرئيس عون وحركة «أمل» في ملف التدقيق الجنائي اشتد، بعد كلام عون، في «ذكرى الاستقلال»، عن ضرورة قيام مجلس النواب بإقرار قوانين الإصلاح والمحاسبة، ما اعتبره بري موقفا موجها ضده، ما ادى الى مسارعة «أمل» في بيان مطلع الاسبوع لانتقاد ما وصفته بـ«الخطاب الشعبوي» (في إشارة إلى كلام عون)، مؤكدة تأييدها للتدقيق المالي الجنائي، وداعية إلى مصارحة اللبنانيين بشأن تشكيل الحكومة.

 

وفي خضم تبادل الاتهامات حول الطرف الذي يتحمل مسؤولية قطع الطريق على التدقيق الجنائي، يواصل قاضي التحقيق العدلي فادي صوّان تحقيقاته بانفجار بيروت. ورشحت معلومات انه سيلجأ قريبا للادعاء على عدد من رؤساء الحكومات كما عدد من الوزراء السابقين، بينهم سعد الحريري وحسان دياب وفنيانوس وغيرهم. على ان تشكل هذه الخطوة تحولا كبيرا في مسار التحقيق ومفاجأة من العيار الثقيل.

 

ولم تستدع كل الأزمات المتفاقمة، اي تحرك جديد على خط تشكيل الحكومة، في ظل معلومات عن تجميد الملف نتيجة تشبث كل من عون والحريري بمواقفهما. واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يوم امس أن «على الأكثرية النيابية الحالية تشكيل الحكومة وإذا كانت لا تريد تشكيلها ولا ان تستقيل، فهذه الأكثرية ترتكب اكبر جريمة بحق الشعب والاجيال المقبلة ستحاسبها». واشار جعجع الى أن «الحكومة الحالية مكونة من الأكثرية النيابية الحالية والتي تتحمل مسؤولية فشل التدقيق الجنائي ونعتبر أن مصرف لبنان نقطة الإنطلاق في التدقيق وكنت أتمنى أن يتخذ حاكم مصرف لبنان المبادرة». وقال: «الجميع متواطئ مع الجميع لعدم حصول التدقيق الجنائي ونحن مصرون على حصوله ليطاول كل المراكز التابعة للدولة والتدقيق ليس من الكماليات بل ضروري وأساسي».

 

في هذا الوقت، لا يزال هاجس «كورونا» يؤرق المعنيين بالقطاع الطبي. وقد ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب يوم امس اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة الملف. وعرض وزير الصحة للخطة الصحية المتعلقة برفع عدد الأسرة في المستشفيات، الحملات الميدانية المتنقلة، الفحوص السريعة، عزل الحالات المصابة وغيرها من الإجراءات. كما جرى تقييم التقارير المقدمة من وزارة الصحة، والتي أشارت إلى «تحسن طفيف في نسبة عدد المصابين بكورونا، وتم التأكيد على متابعة كل الأساليب الطبية والإرشادات المتاحة للخروج من الإقفال نهاية الأسبوع المقبل بنتائج مقبولة، على أن تعقد اللجنة اجتماعا بداية الشهر المقبل لمتابعة ضبط نسبة الإصابات». وبهذا تكون اللجنة لم تأخذ بمطالبات بعض القطاعات وعلى رأسها القطاع التجاري الذي كان يعول على استثنائه من الاقفال العام في اسبوعه الثاني. وهو ما ترده مصادر طبية للأرقام المرتفعة التي لا يزال يتم تسجيلها وتتخطى يوميا الالف، ما يستدعي التمسك بالاجراءات المتخذة خاصة وان التوجه هو لعدم تجديد الاقفال نهاية الشهر الجاري باعتبار ان الشهر المقبل شهر أعياد وكل القطاعات تنتظره من عام لآخر كي تأخذ نفسا بعدما قطعت الازمات المتراكمة انفاسها.