IMLebanon

«هدايا» ترامب «الوداعية» لم تنته بعد.. والمخاطر الامنية في لبنان مرتفعة ؟

 

ابراهيم ناصرالدين

اسرائيل قلقة من «درون» حزب الله واولويتها تخريب «الصواريخ الدقيقة»

تعليق مفاوضات الترسيم البحرية : ضغوط اميركية لانتزاع تنازلات لبنانية

 

كل شيء يتراجع في لبنان، الا المخاطر الصحية، والامنية، وحدها في تقدم مستمر، فقبل ساعات من المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان «انسانيا»، غدا الأربعاء، لا شيء جديد حكوميا، ولا يبدو ثمة توجه نحو اي حلحلة. وكل محاولات الايحاء بوجود زيارة حاسمة من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا حاملا تشكيلة من 18 وزيرا، لا تعني شيئا سواء حصلت او لم تحصل، فرفض رئيس الجمهورية ميشال عون استبق اي خطوة مماثلة، فيما بات واضحا ان الرئيس المكلف «يراوغ» لتقطيع الوقت في ظل انسداد الافق اقليميا ودوليا. صحيا وبعد انتهاء الاغلاق «الفاشل» بقيت اعداد الاصابات مرتفعة نسبيا، والوفيات كذلك، ولا شيء يوحي بان «شعب لبنان العظيم» سيلتزم اجراءات الوقاية ما يهدد البلاد بكارثة صحية.

 

في هذا الوقت، زادت واشنطن منسوب ضغوطها على لبنان بتسريب معلومات عن عقوبات جديدة ستفرض قريبا على شخصيات سياسية، وكذلك عبر تأجيل مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، دون تقديم اسباب موجبة، وفيما كشف رئيس مجلس الامن القومي الايراني علي شمخاني عن اسلوب «تقني مبتكر» تم استخدامه في طهران لاغتيال العالم النووي الدكتور محسن فخري زادة، ما يزيد من التعقيدات الاقليمية التي ستنعكس على الساحة اللبنانية التي دخلت في دائرة الخطر الامني الشديد مع ارتفاع منسوب التحذيرات الخارجية من ضربات تعد لها اسرائيل بالتعاون مع الاميركيين لاستهداف قيادات امنية رفيعة المستوى في حزب الله وعلى راس القائمة من يعتبرونه «ابو الصواريخ» الدقيقة.

 

تحذيرات امنية!

 

وفي هذا السياق، حذرت تقارير دبلوماسية غربية من الاعتقاد السائد بان اغتيال رئيس البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زادة، هو هدية الوداع الأخيرة من الرئيس الاميركي دونالد ترامب لأصدقائه في المنطقة، واشارت الى ان الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن انتهاء «المهمة» المتفق عليها مع الاسرائيليين وبعض دول الخليج والتي تم المصادقة على متابعة تنفيذها، خلال الجولة الاخيرة لوزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو في الشرق الاوسط، فقتل الرجل الذي يعتقد الاميركيون والاسرائيليون انه قاد إيران لأن تصبح قوة نووية عظمى، جزء من عملية متكاملة ادت سابقا إلى تصفية قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، «العقل» الايراني المسؤول عن تنسيق العلاقة بين حلفاء طهران في المنطقة، وابو مهدي المهندس احد ابرز القيادات الميدانية العراقية المؤثرة..

 

واذا كانت عمليات الاغتيال هذه تهدف الى ضرب عصب ايران الامني والعسكري والعلمي الا انه يهدف الى هزها معنويا امام شعبها وحلفائها عبر اظهارها انها دولة غير قادرة على المحافظة على مسؤوليها الكبار، وهو امر لم تنجح فيه اسرائيل مؤخرا في المواجهة المفتوحة مع حزب الله، خصوصا بعدما تم افشال احد اهم «اضلع» هذا المخطط الامني في ضاحية بيروت الجنوبية في شهر آب عام 2019حيث تشير المعلومات عن فشل استهداف شخصية عسكرية مرموقة في الحزب معروفة في دوائر «الموساد» الاسرائيلي «والسي اي ايه» بانها «ابو الصواريخ» لدى المقاومة، باعتباره المسؤول المباشر عن مشروع «الصواريخ الدقيقة» التي تقلق اسرائيل..

 

ماذا تريد اسرائيل؟

 

ووفقا لتلك المصادر، لا تزال تلك الشخصية القيادية البعيدة عن الاضواء في «رأس هرم» المطلوبين واستهدافها يعد اولوية مطلقة في هذه المرحلة الحساسة التي تسعى خلالها اسرائيل الى توجيه ضربة موجعة لحزب الله دون ان يؤدي ذلك الى حرب مفتوحة على الجبهة الشمالية او في المنطقة.. وفي هذا السياق، تستبعد اوساط معنية بهذا الملف ان تكون اسرائيل او الولايات المتحدة في صدد استهداف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لان خطوة مماثلة ستعني حكما الانزلاق الى وضع خطير للغاية لا يمكن التكهن اين يمكن ان ينتهي، فإضافة الى صعوبة الحصول على معلومات موثوقة حول مكان وجوده وتحركاته، يبقى القلق والخوف من «جهنم» اليوم التالي، وهنا «تلعب» اسرائيل دور «الكابح» للادارة الاميركية الحالية في «دوزنة» «اللعب» مع حزب الله الذي نجح في وضع قواعد دقيقة «للعبة»، لان الخروج عنها سيكون مكلفا للجميع،ولهذا لا تمانع اسرائيل، بل تسعى لتوجيه ضربة امنية موجعة للحزب، قبل مغادرة ترامب، لكنها لا تريد ان تدفع ثمنها غاليا، وتريد ضربة من دون «بصمات» لا تورطها على نحو مباشر في مواجهة مفتوحة تعرض جبهتها الداخلية لاضرار جسيمة، ولهذا ترى ان استهداف نصرالله الان بمثابة «انتحار».

 

المفاجئة الكبرى؟

 

وفي هذا الاطار، تشير المعلومات الى ان المخاطر الامنية مرتفعة للغاية، ما يفرض استنفارا غير مسبوق لدى كل الاطراف، فاسرائيل الان حائرة وتترقب الرد الايراني على اغتيال زادة، وكذلك رد حزب الله على غارة دمشق، وفي المقابل لا تبدو المقاومة اقل احترازا في ظل المعطيات المتوافرة عن شيء ما يعد له الاميركيون والاسرائيليون، وثمة جهازان معرضان اكثر من غيرهما للمخاطر، وحدة العمليات التكنولوجية الخاصة بطائرات «الدرون»، ووحدة الصواريخ «الدقيقة»، ولدى الاسرائيليين رغبة في توجيه ضربة معنوية كبيرة لهذين السلاحين لانهما برايها سيغيران مجريات الحرب المقبلة، واذا كان حزب الله قد اعلن عبر السيد حسن نصرالله صراحة عن وجود الصواريخ الدقيقة لدى الحزب، فان المفاجأة الكبرى في المواجهة الجديدة ستكون سلاح طائرات «الدرون» الذي بات يشكل مصدر قلق جدي لدى اسرائيل خصوصا بعد التجربة الناجحة والمبهرة في اليمن، حيث شكل استهداف منشآت ارامكو في منطقة بقيق «صدمة» مروعة في تل ابيب التي تعتقد بان المهارات المكتسبة لدى انصار الله مصدرها مدربون في حزب الله، يعرفون جيدا كيفية عمل هذا السلاح «الفتاك» الذي نجح في اختراق الاسلحة الدفاعية الاميركية- والسعودية المتطورة.

 

رفع درجة الاستنفار

 

وامام هذه المعطيات، تبقى الساحة اللبنانية في دائرة الاستهداف، والمخاطر العالية، وتفيد تقارير استخباراتية، وصلت الى الاجهزة المعنية في بيروت، بان اولوية اسرائيل تبقى استهداف «ابو الصواريخ» الدقيقة في حزب الله المعروف «بالحاج محسن»، فضلا عن قيادات رفيعة المستوى تعمل على تطوير سلاح «الدرون»، وهو امر دفع كافة الاجهزة بما فيها جهاز امن المقاومة الى رفع جهوزيته الى اعلى درجات الاستنفار، في ظل قرار واضح لدى قيادة حزب الله بعدم السماح لاسرائيل او الولايات المتحدة بتجاوز «الخطوط الحمراء» في لبنان او سوريا، وهذا يعني انه لن يتم «هضم» اي عملية وسيكون الرد حاسما عليها.

 

«ذعر» في اسرائيل

 

وحالة الذعر السائدة في اسرائيل عبرت عنها صحيفة يسرائيل هيوم المقربة من نتانياهو والتي اكدت ان ايران سترد لكن لا احد يعرف اين؟ وكيف؟ ومع استبعاد ان تكون الساحة اللبنانية جزءا من عملية الرد، لم تستبعد حصول إطلاق الصواريخ على مرتفعات الجولان، أو العبوات الناسفة على الحدود، او هجمات إلكترونية، لكنه زعمت ان مهمة الرد ستكون على الوحدة 804 التابعة لقوة القدس الذراع الخارجي لحرس الثورة الايراني، المدربة على تنفيذ عمليات خارج الحدود الإيرانية.

 

وفي سياق تاكيدها على القلق من دقة سلاح الصواريخ البالسيتية، قالت الصحيفة انه في المرة الأخيرة التي نفذت فيها إيران عملية انتقامية اختارت طهران استخدام هجوم بالصواريخ الباليستية الدقيقة على قاعدة للجيش الاميركي في العراق، ردا على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني. وخلصت الى القول:العملية الإيرانية ورغم أنها لم تسفر عن مقتل جندي اميركي واحد، إلا أنها كانت بالفعل نجاحا عسكريا باهرا.

 

لماذا «الصواريخ الدقيقة» خطيرة؟

 

وفي سياق التأكيد على اهمية سلاحي الصواريخ «والدرون» خصص توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تاميز مقالا قدم خلاله نصيحة للرئيس بايدن، ومقال له «مهمتك ستكون معقدة وعليك ان تدرس ما حدث في الساعات الأولى من 14 أيلول2019، عندما استهدفت 20 طائرة بدون طيار وصواريخ موجهة بدقة منشأة أبقيق الحيوية في السعودية، وقال «كانت لحظة فارقة، هذه الطائرات الإيرانية المسيرة والصواريخ حلقت على مستوى منخفض وبقوة حيث لم تكتشفها الرادارات السعودية أو الاميركية، وشعر الإسرائيليون يومها بالدهشة من القدرات التي أظهرتها إيران، وقالوا إن هذا الهجوم المفاجئ هو بيل هاربر الشرق الأوسط. ويقول فريدمان إن رأيهم كان صائبا لأن الشرق الأوسط الجديد تم تشكيله من خلال الصواريخ الإيرانية الموجهة فالكثير من المراقبين لم ينتبهوا للعملية. وكان رد الرئيس ترامب أنه لم يفعل شيئا، ولم يأمر بعملية انتقامية نيابة عن السعوديين. وبرأيه لو حاول بايدن التوصل إلى تفاهم مع إيران حول برنامجها النووي والتخلي عن العقوبات قبل التفاهم على صادرات إيران من الصواريخ الدقيقة فسيواجه مقاومة من إسرائيل ودول الخليج. اما لماذا أصبحت صواريخ إيران الدقيقة مهمة؟ فيقول فريدمان: بالعودة إلى حرب 2006 أطلق حزب الله 20 صاروخ أرض- ارض غبية وغير موجهة على أهداف إسرائيلية، لكنه بالصواريخ الدقيقة الان يستطيع إطلاق 20 صاروخا تصيب كل هدف، مثل المطارات والمفاعل النووي والموانئ ومولدات الطاقة والمصانع التكنولوجية والقواعد العسكرية.

 

«ادانة متأخرة»!

 

في هذا الوقت، وبعد ساعات من الصمت المريب، صدر اول موقف رسمي لبناني، ودانت وزارة الخارجية اللبنانية جريمة اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، ودعت جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس تفادياً من الانزلاق نحو السيناريو الأسوأ في المنطقة.وقد صدر هذا الموقف بعد اتصالات رفيعة المستوى تم خلالها التفاهم على صدور هذا البيان، بعدما وجهت جهة سياسية فاعلة انتقادات «قاسية» للموقف اللبناني الذي تأخر على نحو غير منطقي، لكن صدوره يبقى محور تساؤلات خصوصا انه لم يصدر الا بعد صدور مواقف خليجية منددة!

 

«الترسيم» والضغوط الاميركية

 

وفي ظل هذه الاجواء «الملبدة»، رفعت واشنطن منسوب الضغوط على لبنان الذي تبلغ مسؤولوه بالامس تأجيل جلسة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي كانت مقررة غدا في الناقورة، دون ان يقدم الجانب الاميركي اي تفسير واضح لاسباب هذه الخطوة. وعلم في هذا السياق،ان رئيس الوفد الاميركي المفاوض جون دو روشيه سيزور بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين، في محاولة للضغط على الجانب اللبناني لتخفيض سقوفه التفاوضية بعدما رفض الاسرائيليون مواصلة التفاوض بعدما وضع الوفد اللبناني خرائطه المدعومة بالقانون الدولي على «الطاولة» والتي اعطت لبنان مساحات واسعة لم تكن ضمن حسابات الوفد الاسرائيلي الذي هدد بالانسحاب من عملية التفاوض. ووفقا للمعلومات لا موعد جديد لجولة التفاوض المقبلة، ولن تحدد الا في ضوء نتائج مباحثات الموفد الاميركي بعدما وصلت الامور الى «حائط مسدود». وهو امر ابلغته امس السفيرة الاميركية دوروثي شيا لرئيس مجلس النواب نبيه بري، في ظل توجه اميركي لتطوير عملية الضغط ودفع لبنان باتجاه حصول محادثات مباشرة مع الاسرائيليين.

 

لا صور للاقمار الاصطناعية؟

 

في هذا الوقت، وبعد ساعات على كلام رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن عدم تجاوب باريس مع مطالبه تزويد لبنان صور اقمار اصطناعية حول تفجير المرفأ، كشف الصحافي في راديو فرانس انترناسيونال بول خليفة في تغريدة عبر حسابه على «تويتر» عن عدم وجود نوايا فرنسية بالتجاوب مع الطلب اللبناني وقال: «جوابا على طلب لبنان لفرنسا تسليمه صور الاقمار الاصطناعية لانفجار مرفأ بيروت اجابت السلطات الفرنسية أن الاقمار لم تكن تعمل في الرابع من آب فوق هذا الموقع.ووفقا لمصادر معنية بالملف، يزيد الرفض الفرنسي من غموض ما حدث في المرفأ، ويطرح اكثر من علامة استفهام حول الاسباب الحقيقية للانفجار، في ظل غياب التعاون الجدي من الاستخبارات الاميركية والفرنسية.

 

«كورونا» والمدارس

 

وفي اليوم الاول لانتهاء الاقفال العام، ازدحمت الشوارع اللبنانية،وكأن الناس كانت في اجازة «غير مرضية» ما يؤشر الى ان المرحلة المقبلة ستكون صعبة صحيا في ظل انعدام التزام الوقاية المطلوبة، وقد سجلت وزارة الصحة 1000اصابة جديدة و14 حالة وفاة خلال ال24 ساعة الماضية.وفي اليوم الاول لعودة المدارس اعتبر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال طارق المجذوب في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الصحة العامة حمد حسن، «ان الأزمة التي نعيشها صحية بالدرجة الأولى ونحن نستند إلى المراجع الصحية في كل خطة أو عمل تربوي ننوي القيام به». واكد «استكمال التعلم المدمج الذي يوازن بين البعد الصحي والبعد الاجتماعي»، مشيرا الى انه «سيتم تتبع حالات «كورونا» في المدارس وسيتم إعلان عدد الاصابات في كل مدرسة إيمانا منا بمبدأ الشفافية». من جهته، اوضح وزير الصحة ان الاعراض عند الأطفال أقل شدة وخفيفة باستثناء الأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية، وعلى الأهالي عدم المجازفة بإرسالهم إلى المدرسة إلى حين تأمين اللقاح اللازم». واشار الى ان عدد الاصابات عند الأطفال دون 10 سنوات لا يتجاوز 3% من عدد الإصابات والوفيات كان عددها حالتين فقط لولدين يعانيان من أمراض مزمنة وتشوه خلقي.