IMLebanon

نصيحة في انتظار ولادة «إيران الجديدة»!

قبل ساعات على توقيع «إتفاق فيينا» بين إيران والمجموعة الدولية السداسية، كان الطرفان يؤكّدان أنّ هذا الاتفاق لم يلحظ في متنه، ولا في ملحقاته، ما يتّصل بالأزمات التي تواجه فيها إيران العالم أجمع. وعلى رغم محاولات بعضهم الرّبط بينه وبين ما يمكن تسميته تعهّدات إيرانية لضبط حلفائها في لبنان والأزمات الشبيهة، إلّا أنه أنجز متجاهلاً إياها. لماذا يستعجل اللبنانيون الانتصارات والحلول؟

يُصرّ بعض الديبلوماسيين على القول إنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما وقَف حاجزاً أمام مطالب بعض الحكومات الغربيّة لنسج تفاهمات إيرانية – غربية تؤثر في أدوارها في الخليج العربي وبعض الأزمات الدولية، ولا سيما منها الأزمات السوريّة واليمنيّة كما اللبنانيّة، متعهّداً استمرار الحوار مع الإدارة الإيرانيّة لفكفكة عقد هذه الأزمات لاحقاً.

وعلى رغم القلق الغربي من قدرة إيران على التملّص من الضغوط التي يمكن أن تفرض عليها شروطاً من هذا النوع بعد توقيع الاتفاق، فقد أصرَّ الجانب الأميركي على الوقوف مرة أخرى عند أبرز ما تحقَّق في وضع حدٍّ نهائي مشروط ومكبّل بأقسى الإجراءات لمنع تحويل البرنامج الإيراني النووي السلمي عسكرياً، تاركاً الملفات الأخرى إلى مرحلة لاحقة يمكن حلحلتها مع ما يرغب في تسميته «إيران الجديدة» التي ستولد بعد الاتفاق.

لا تغفل التقارير الديبلوماسية التي رُفعت إلى مراجع دولية عليا من مشاركين أساسيّين كانوا في قلب تفاهمات فيينا ووصلت عناوين منها إلى بيروت، حجم الشروط التي كبّلت إيران والمراحل الطويلة الأمد التي أقرّت بها بمجرّد وضع كل منشآتها وبرامجها، حتى العسكرية منها، تحت الرقابة الدولية المباشرة وفي أيّ وقت، للتخلّص من العقوبات المفروضة عليها وتسييل مئات المليارات من الدولارات المجمّدة العائدة لها.

وتقول التقارير إنّ هذه الشروط القاسية تُعدّ في نظر المفاوضين الأميركيين أهمّ بكثير ممّا يمكن أن تكون عليه العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي في مرحلة لاحقة، والتي ستكون تحت رقابة مشدّدة وستفتح نوافذ كثيرة على الحلول في أزمات كثيرة تشكل إيران طرفاً أساسياً فيها في أكثر من منطقة في العالم، من أفغانستان وباكستان إلى عمق الخليج العربي وشرق البحر المتوسط.

وتعترف هذه التقارير بأنّ من المبكر الحديث عن انفراجات لبنانية أو سوريّة أو يمنيّة، على رغم اعتقاد بعضهم أنّ ملف لبنان هو من أسهل الملفات المفتوحة، ولا يستلزم الحل فيه أكثر من ساعات لإرساء آلية انتخاب رئيس للجمهورية الذي يشكل مفتاحاً أساسياً إلى بقية الملفات والأزمات الداخلية المتشعّبة منه، والتي نمت على ضفاف ردود الأفعال الناجمة عن الشغور الرئاسي في معزل عن أحداث سوريا.

وعليه، تنصح المراجع الديبلوماسية المسؤولين اللبنانيين بالحدّ من موجات التفاؤل والغلوّ في توزيع الانتصارات بين اللبنانيين، فهم جميعهم من «أبناء الأزمة». وتعتقد أنه لا يحق لأحد بينهم الادّعاء بأنّه يمتلك مخرجاً لها، أو أنه قادر على إدارتها، لافتة إلى أنّ اللبنانيين تنازلوا منذ زمن بعيد عن حقّهم في اختيار رئيسهم وفوّتوا فرصاً عدة كانت متاحة قبل نهاية ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان وبعدها.

وأضافت: الجميع يعرف حجم الضغوط التي مارَسها سفراء مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لاختيار الرئيس من دون التطلّع إلى الخارج، فهو لن يتدخل في شؤونهم الداخلية. لكن، والحقيقة تقال، إنّ هناك من اللبنانيين مَن لم يفهم الرسالة التي وجّهها السفراء الخمسة ومعهم ممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بوضوح لا سابق له.

لكنّ التاريخ يؤرّخ التحرّكات، ويسجل البيانات الرسمية التي تليَت من منصة قصر بعبدا ومن السرايا الحكومي قبل نهاية ولاية سليمان وبعد حصول الشغور، والتي جاءت معطوفة على حرص المجتمع الدولي على أمن لبنان واستقراره وسيادته وحريته ودعم مؤسساته ولا سيما منها العسكرية في المواجهة المفتوحة مع الإرهاب.

وختمت المصادر أنّ من الظلم توجيه الاتهام إلى جميع القيادات اللبنانية، ذلك أنّ من اقتنع بحجم الإصرار الدولي لم يكن له رأي في حركة المعرقلين لإتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده. فقد راهن آخرون على الخارج وسيلة لبلوغ القصر، فانهارت كل «الفرص الذهبية» ومعها الأماني والتمنيات. ومن انتظر كل ذلك الوقت عليه أن ينتظر تفاهمات ما بعد «اتفاق فيينا» التي سيرسيها الحوار المنتظر وطريقة توزيع مواقع النفوذ من دون أن يكون لهم رأي في ما سيجري… والتاريخ سيكون شاهداً على ذلك.