IMLebanon

ماذا بعد تشييع نصرالله؟

 

 

يكثر الجدل بين اللبنانيين حول تشييع الأمين العام السابق لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله الأحد المقبل في مدينة كميل شمعون الرياضية، بين مرحّب وشاجبٍ وبين مؤيّد ورافضٍ. وقبل الغوص في الخلافات لا بدّ من الإضاءة على وقع خسارة نصرالله في البيئة الشيعية. وكيف أن الرجل أثبت أن بعض الأمثال لا يصلح في كل زمان ومكان، وأن بعض الذين يموتون ولو على قلّتهم تبدأ مُصيبة خسارتهم صغيرة ومن ثمّ تكبر، ويكبر معها حجم الغياب وقدرة استيعاب الفراغ.

 

 

 

 

 

من لا يشعر اليوم بالفراغ على غياب نصرالله حتى في داخل إسرائيل؟ ففي اغتيال نصرالله، فرغ “حزب الله” من قوّته، وفرغ الخصوم السياسيون من خوفهم، وفرغت إسرائيل من هاجسها اليوميّ. لكنّ بيئة “حزب الله”، ولو لم تخبرها القيادة بالحقيقة، تعرف حقّ المعرفة أن “الحزب” انتهى عسكرياً، وفرغت جعبة النصر أيضاً.

 

 

 

اليوم وبعد مرور 4 أشهر بدأ جرح الغياب يبردُ وبدأ الوجع يكبر. من سيملأ فراغ نصرالله؟ كيف سنستمرّ وكل شيء انتهى: المال والسلاح والقضية والحرب ونصرالله نفسه. هكذا وببساطة، كان وقع اغتيال نصرالله على بيئته، ومنهم من لم يقتنع حتى الساعة بأنه لم يعد موجوداً. من هنا، وقبل الحديث عن الخلافات بين اللبنانيين، فلنعترف بأن التشييع لن يعيد نصرالله إلى الحياة، ويعيد “الحزب” إلى نشاطه العسكري ودوره المحوري ولا إلى هيبته المعهودة.

 

 

 

لكن لماذا هذا الانقسام في لبنان حول التشييع؟ ألم يكتفِ الشامتون بأن نصرالله رحل؟ ألا يرون أن من حقّ الطائفة الشيعية زفّ قائدها إلى العالم بتشييع مَهيب؟ من يطالبون بإلغاء التشييع يرفضون اعتبار نصرالله شهيداً على مستوى الوطن ويتّهمونه بجرائم عدّة، ولو لم يصدر أي حكم قضائي بحقّه. لكنّهم يجزمون بأن من كان سيّد تلك المرحلة يتحمّل مسؤولية فائض القوة وسطوة السلاح. أما من يصرّون على التشييع المهيب فيعتبرون أن نصرااله قائد تاريخي وبطل أرعب إسرائيل أكثر من ثلاثة عقود. وبالتالي، لا يزال لبنان ضائعاً بين الفريقين ولم يجد هويّته بعد ليضع حدّاً للرافضين وللمصرّين على التشييع.

 

 

 

في أي حال، بات التشييع أمراً واقعاً. وستشهد بيروت الأحد المقبل على “وداعٍ مليونيّ”. يبقى أن نبحث في نقاط الالتقاء لبنانياً لنحاول بعد تشييع نصرالله أن نجد ما نلتقي عليه في لبنان الجديد بعيداً من السلاح ومن سردية النصر والهزيمة. ولا مستقبل لأي طائفة من دون الوحدة الوطنية ولا أمل بلبنان في ظل الحقد والكراهية.