IMLebanon

شكراً … مصر العربية

نجحت جمهورية مصر العربية بالمساهمة الفاعلة في جهود لجم التوتر الكبير الذي سيطر على الحدود اللبنانية مع العدو الإسرائيلي يوم الأحد الماضي، وهنا لا بد من التوقف عند التغطية الإعلامية اللبنانية الخجولة في متابعة الجهود التي قامت بها مصر والتي اقتصرت على بعض الأخبار المختصرة والعابرة، والملفت أيضا أن القيادة المصرية في القاهرة اكتفت بالاتصال برئيس الحكومة واطلاعه على نتائج مساعيها الإيجابية في لجم التوتر من دون الدخول في عملية إعلامية ترويجية لجهودها الاستثنائية وعكس السائد من مظاهر السياسات الاستعراضية والاستباحية للخصوصية اللبنانية.

 

اكتفت جمهورية مصر العربية بتحقيق إنجاز تثبيت الهدوء على الجبهة الجنوبية وعودة السكينة للمجتمع اللبناني بكل أطيافه ومناطقه، بعد أن عاش ساعات بالغة الحرج والهلع والضياع التي هيمنت على شريحة كبيرة وتجسدت بعمليات النزوح والاضطراب والتي أيقظت كل ذكريات اللبنانيين المريرة مع الحروب والاحتلالات والاجتياح وضرب الجسور وتقطع الأوصال والدمار العمراني والاقتصادي والاجتماعي.

 

تميزت جمهورية مصر العربية بعد ٢٠١٣ باعتماد سياسة إعادة الانتظام العام وتعزيز التماسك المجتمعي المصري، وابتعدت عن سياسة الانخراط في النزاعات المدمرة التي تجتاح المنطقة مع ادراك عميق لمدى حاجة العرب إلى مصر قادرة ومستقرة من اجل مواجهة أزمة الخواء الاستراتيجي العربي  نتيجة سياسات الترهل والاستلشاء بضرورات الشعوب وطاقات الأجيال العربية المتجددة، ناهيك عن  الفساد الذي تحول إلى ثقافة وعقيدة واصبح كالطاعون يفتك بالدول الكبيرة والصغيرة.

 

استطاعت جمهورية مصر العربية خلال سنوات قليلة أن تواجه تحديات تراكمات عشرات السنوات من الإهمال والتراخي وأن تعمل على تحقيق الكثير من ضرورات مئة مليون مصري في الكهرباء والطرقات والجسور والأنفاق والاستثمارات والإنتاج وتأمين فرص العمل وتطوير القناة وإنتاج النفط والغاز وبناء المدن الإدارية والإسكانية وتعزيز أسباب التواصل العرضي بين مجتمع الوادي والدلتا مع سيناء في الشرق وسيوة في الغرب من اجل مضاعفة الإشغال المجتمعي السكاني للمساحات المصرية المأهولة وتحديث وتجديد القوة الناعمة مع ورشة النهوض بالتعليم والاستشفاء ومعركة مكافحة الإرهاب الطويلة.

 

اعتمدت جمهورية مصر العربية في المشرق العربي سياسة عدم الانزلاق إلى النزاعات الأهلية في سوريا والعراق ولبنان وذلك لإدراك قيادتها أهمية المشرق العربي وخصوصيته وعمق تداخله الاجتماعي الثقافي والتاريخي مع مصر بالإضافة إلى معرفة الأهمية الإستراتيجية للمشرق وهو البوابة التي دخل منها كل الغزاة إلى مصر وتعرف القيادة المصرية أهمية تجاوب دول الاستقلال المشرقية مع الدعوة المصرية قبل خمسة وسبعون عام إلى توقيع بروتوكول الإسكندرية في٧ تشرين الأول ١٩٤٤ المؤسس لجامعة الدول العربية التي تعاني ما تعانيه الآن.

 

تعرف جمهورية مصر العربية وقيادتها أن اللبنانيين يعرفون كلفة غياب الإرادة العربية الجامعة ويعرفون أيضا أهمية تجديد تلك الإرادة ومؤسساتها المتداعية واللبنانيون يحفظون في ذاكرتهم الإيجابية اجتماع الإرادة العربية على مساعدة لبنان للخروج من أزمته الطويلة عبر دعوة المغرب إلى القمة العربية الاستثنائية وتشكيل اللجنة الثلاثية واحتضان السعودية مؤتمر الطائف وعملية إعادة النهوض والإعمار واللبنانيون أفضل من يعرف أن معالجة تداعيات الفوضى الخلاقة الحالية على امتداد المشرق العربي تحتاج إلى سياسة عربية جديدة استشرافية واقعية وعملانية تحترم الخصوصيات الوطنية كالتي اعتمدتها القاهرة في معالجة مخاطر اندلاع نزاع جديد على الحدود اللبنانية تلك السياسة التي تميزت بالحكمة والمسؤولية بعيدا عن سياسات الخفة والاستعراض التي تشتت مجتمع الدولة الوطنية في لبنان مما يجعلنا نطمئن قليلا ونقول شكرًا …مصر العربية.