IMLebanon

مصدر أمني لـ”نداء الوطن”: لن نسمح للفتنة بالتغلغل

 

عكار تجتاز القطوع: لا مكان للشرخ الطائفي

 

استعادت عكار أوضاعها الطبيعية بعض الشيء وتراجع منسوب التوتر الذي كان سائداً في الأيام الماضية، لا سيما بُعيد التفجير الذي حصل في بلدة التليل العكارية الشهر الماضي في خزان للبنزين، وأدّى إلى وقوع شهداء وجرحى.

 

هذه الأجواء الضاغطة والمتأزمة ترافقت بالتوازي مع كلام لرئيس الجمهورية ميشال عون في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، تحدث فيه عن وجود جماعات متشدّدة في عكار، وكلام لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل دعا فيه إلى إعلان عكار منطقة عسكرية والتعامل معها على هذا الأساس، وكلها اتهامات تطلق منذ سنوات طويلة ويتبين أن ليس لها أي وجود في الواقع إلا في مخيلة مطلقيها. كذلك فإن عمليات قطع الطرقات في أماكن معينة، والسطو على صهاريج المازوت المتجهة إلى عكار ومن ثم تمنّع الشركات المزوِّدة للمحروقات عن إرسال البنزين والمازوت إلى عكار، كانت كلها مؤشرات الى اتجاه الأمور نحو الفوضى والتصعيد بدءاً من عكار، ولو اندلعت لكانت ستتمدّد لتضرب جميع القرى والبلدات بعضها ببعض، ولإحداث شرخ طائفي ومذهبي باتت ذرائعه موجودة بحجة أن المسلمين يمنعون المازوت من الوصول إلى مناطق المسيحيين.

 

عكار، وبالرغم من كل فقرها وتهميشها، هي حضن الدولة وخزان الجيش اللبناني، ومحاولة توريطها في خلاف مع الجيش والقوى الأمنية مستمرة لدقّ إسفين التخريب في العلاقة بين المؤسسة العسكرية وبينها.

 

في هذا السياق كان لتحرك اللقاء الروحي العكاري الذي يضم رجالات الدين من مختلف الطوائف والمذاهب في المنطقة، الأثر الكبير في التخفيف من حدة التشنجات، وإعادة تصويب الأمور في اتجاهها الصحيح. فاللقاء الذي جعل اجتماعاته مفتوحة وزار بلدة التليل وعقد اجتماعاً له هناك؛ محاولاً امتصاص الأزمة وكل أشكال التحريض التي كانت حاصلة، برز فيه كلام للمفتي زيد زكريا الذي اعتبر أن “عكار التي حُرمت التنمية وحُرمت المشاريع على أنواعها، لم تُحرم مع ذلك أمراً أساسياً وهو أهم ما يميزها اليوم؛ ألا وهو العيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين، وهذا ما سنحافظ عليه ولن نسمح بضربه مهما كانت الظروف”.

 

النائب الأسقفي الماروني العام في عكار الخوراسقف الياس جرجس شدد في حديث لـ “نداء الوطن” على أن “حدّة الخطاب الطائفي في عكار تراجعت إلى حد بعيد وعادت الأمور إلى طبيعتها، وكل ما يحصل يؤكد أكثر فأكثر أننا في عكار ليس أمامنا سوى العيش معاً بسلام ووئام”.

 

أضاف: “قبل حادثة التليل وأثناءها وبعدها، كان دور اللقاء الروحي في عكار أساسياً وجامعاً، من أجل وحدة الكلمة وحماية الصيغة العكارية. وزرنا قائد الجيش وكانت له مبادرات مهمة بخصوص العسكريين الشهداء الذين سقطوا في الإنفجار، وأكدنا معه أن عكار والجيش واحد، والخطاب الطائفي في عكار أصبح وراءنا والحمد لله شعبنا طيب وواعٍ وخميرة الله في قلبه”.

 

وأكد جرجس جهوزية اللقاء الروحي في عكار للتصدّي لأي محاولة لضرب عكار والمؤسسة العسكرية، أو حتى الإيقاع بين العكاريين بعضهم ببعض. وقال: “الجيش بأكثريته من عكار، وأنا أقول أن عكار هي ترفد الجيش اللبناني بخيرة أبنائها”.

 

وختم “كلمتي للعكاريين مسلمين ومسيحيين، أن يتكاتفوا ويتضامنوا مع بعضهم البعض، لا سيما في هذه الظروف الصعبة على جميع المستويات، وألا تكون أي حواجز نفسية بين بعضنا البعض؛ سيما وأن تخطّي الأزمة التي نعيشها بحاجة إلى جهود الجميع وتكاتفهم، هذا على الصعيد العكاري؛ وكذلك من المفترض أن يكون هناك تضامن بين اللبنانيين على المستوى الوطني، من أجل أن نتخطى الأزمة الصعبة بأقل الأضرار”.

 

وترى أوساط متابعة أن محاولة الإيقاع بين أبناء عكار والجيش لم تتوقف، وهناك سعي دائم لها، لأنها تكشف ظهر الجيش وتظهره بحكم المكشوف من البيئة الأكبر الحاضنة له، وهناك أكثر من طرف قد يكون مستفيداً من هذا الأمر.

 

مصدر أمني رفيع في عكار قال لـ “نداء الوطن”: “إن أي محاولة للإيقاع بين عكار والمؤسسة العسكرية أو بين العكاريين مسلمين ومسيحيين غير مسموح أن تمرّ على الإطلاق، وسيتم التعامل معها بيد من حديد، وهناك تنسيق أمني مشترك لمختلف الأجهزة وقرار واحد وصارم في هذا الشأن”.